تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وقد سألها أخي يوما ما عن سر إسلامها، مع أن حال المسلمين لا يغري أحدا بالدخول في دينهم، فلا دين حفظوه، ولا دنيا عمروها، فقالت: إن الفراغ الروحي الرهيب الذي يعاني منه الفرنسيون هو ما يحملهم على التحول إلى الإسلام ففيه من الاهتمام بالجوانب الروحية ما ليس في باريس: عاصمة النور!!!، فنسبة من يرتاد الكنائس في فرنسا أقل من 5 %!!، أي نصف عدد السكان المسلمين، مع كون فرنسا عاصمة "الكاثوليكية" بعد الفاتيكان، وهي أحد أضلاع المثلث الكاثوليكي الأوروبي: إيطاليا وفرنسا وإسبانيا، وثلاثتها تكن للإسلام وأهله مشاعر الود الذي تُرْجِمَ إلى حروب صليبية إيطالية وفرنسية ومحاكم تفتيش إسبانية يندى لفعالها جبين أي آدمي.

وهنا سألها أخي: ولكن أين الروحانيات في مكان كالمركز الثقافي الفرنسي؟!!!، فأجابته بأنها توجد في أماكن أخرى، ولا أدري لماذا رجح أخي أنها متأثرة، أيضا، بالفكر الصوفي الذي نجح في تقديم نفسه كمدرسة في التزكية: تخلية وتحلية، وانحرافاته وغلوه في هذا الباب أشهر من أن تذكر، فتزكية النفوس لا تكون بتعذيبها بالجوع والعطش والسهر والخروج عن مقتضى الفطرة البشرية، ولكن هكذا وصلت الصوفية إلى أقوام تعاني أرواحهم الفقر، وأجسادهم التخمة، فالأجساد قد أخذت حظها من كل أصناف النعيم، والأرواح تصرخ ليل نهار، فكان من السهل على أي دعوة روحية أن تغزو هذا المجتمع الفقير!!!.

ويبقى أن من دخل في دين الإسلام، وأظهر الانتماء له، وكفر بما يعبد من دون الله من الطواغيت، خير ممن لم يدخله، ولو كان دخوله على طريقة بدعية، ولا أظن أن كثيرا ممن احتفى منهم بابن عربي وجماعته يدرك كنه قولهم، بل أغلب الظن أنهم تأثروا بالهالة الإعلامية الضخمة التي أحيط بها ابن عربي وفكره المنحرف، و "باريس" كـ: "هوليوود": فالأخيرة: متخصصة في صناعة نجوم السينما، والأولى: متخصصة في صناعة نجوم الفكر، وقد صدرت لنا قبل ذلك: عميد الأدب العربي في ثلة من النجوم الذين راموا سلخ مصر من الملة، وطمس هويتها الإسلامية، لتتقدم كما تقدمت أوروبا!!!.

والصورة الرابعة:

مع إحدى النساء الفرنسيات، وهي أم في العقد الخامس من عمرها، تحدث معها أخي يوما ما عبر الشبكة العنكبوتية، فافتتحت حديثها، مع التحفظ على هذه الطريقة في التعارف عبر برامج المحادثات، افتتحته بالكلام عن القدر، ورضاها بما يمنحها إياه، فهذه هي الحياة أو: " Cest La vie" ، كما يقول الفرنسيون، فظن أخي أنه قد نجح أخيرا في التحدث إلى فرنسي يعظم جانب الإلهيات، وإن لم يكن مسلما، فوافقها على أن كل شيء بقضاء الله، عز وجل، وقدره الكوني، ولكن للأسف!!!، وكالعادة، استدركت قائلة بأن المعطي المانع هو: الحياة، لا خالقها، فهي لا تعظم جانب الإلهيات، بل لا تكاد تقر به أصلا، شأنها في ذلك شأن معظم الفرنسيين، ومرة أخرى تظهر أزمة المجتمع الفرنسي وغالب المجتمعات الغربية القوية من الخارج بمدنيتها وتكنولوجيتها وسياستها واقتصادها وأسلحتها، المنهارة من الداخل بفساد عقائدها وأخلاقها، فهي علمانية حتى النخاع، ولكنها مع ذلك: نصرانية حتى النخاع إذا كان الخصم هو الإسلام، وإن كانت نصرانيتها رسما تجيش به عواطف أفرادها لمواجهة الزحف الإسلامي القادم من جنوب المتوسط.

والصورة الخامسة:

من رحلة أحد العلماء الأفاضل من أرض الحرمين إلى فرنسا لتلقي العلاج، فكانت رحلته: دعوية علاجية، طاف فيها أرجاء فرنسا، وكان منصفا في حديثه عن مميزات المجتمع الفرنسي، وأثار انتباهي ذكرُه لواقعة جرت بين وزير الخارجية الأمريكي أيام غزو بلاد الرافدين: "كولين باول ووزير الخارجية الفرنسي آنذاك: "دومينيك دوبلبان" الذي أصبح رئيس الوزراء في أواخر أيام جاك شيراك الرئيس الفرنسي السابق، ملخصها أن فرنسا عارضت الحرب، فقال "باول": نحن شرطي العالم الجديد، أو "عضلاته" بعبارة أدق، فأجابه: "دوبلبان": ونحن ضميره!!!، ففرنسا، كعادتها، تجيد ارتداء ثياب القيم الإنسانية، ومع ذلك لا نرى اعتذارا صريحا وتعويضا عادلا عن غزو كاسح لدولة إسلامية عريقة كالجزائر بدأ عام: 1830 م، بحجة تشبه إلى حد كبير حجة بوش في عزو العراق، فالنية مبيتة، إذ لا يعقل أن تحشد فرنسا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير