ثم بعد أن فصلت من المعهد كانت المصائب قد تدمع لها عيناك يا فضيلة الشيخ فو الله إن الكثيرين لا يعرفونني بل لا يعرفون أشواق تلميذ يحب العلم وأهله وقد ذهبت إلى كل =أو على الأقل= إلى كثر المؤسسات الإسلامية حاملا أبحاثي العلمية الحديثية فلم يزيدوا على قولهم "ما شاء الله " وكان يكفيني ما قالوا لأنهم لم يبخلوا بهذه الكلمة المجانية التي لا ينفق لها ولم يبدلوها بكلمة تزحزحني وتنفرني ولكن كان هناك قليل من الفضلاء راجعوا بحوثي سطحيا وحرصوني على الاستمرار جزاهم الله خيرا وجئت إلى بابكم أخيرا فكان منكم ما لم يكن في قلبي فرحبتموني وبردتموني بأقوالكم تلك
"يا مجاهد طلب العلم أولا الكسب ثانيا"
"وأسأل الله أن ينفع بك"
"سأرسلك إلى دار الحديث =إن شاء الله=
تعرف التعبير جيدا"
وهكذا .... ما إن عرفتم أثرها في قلبي تدمع لها عيناك يا فضيلة الشيخ=والله شهيد على كل ما أقول= أنا الآن في بيتي مع أخي مسعود الذي جاءك معي وهو متخرج من معهد دار التوحيد السلفية.ندرس ونعيش بين الكتب العلمية حتى يمن الله علينا ويأتي برحمته الواسعة. وأرجو منكم ان تلحقونا بدار الحديث والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه وأختم رسالتي بقول الله عز وجل "وما تقدموا لأنفسكم تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا"
أخوكم في الاسلام
2004 - 05 - 02
وهناك رسائل أخرى لم أحتفظ بها
وكلها تناديهم لإنقاذي من الغرق
ولكن خابت ظنوني وخسرت كل محاولاتي لالتحاقي بمدرسة إسلامية
فعزمت على عدم إضاعة جهدي للدخول في أي مدرسة أو معهد أو جامعة لطلب العلم
ولو جاءتني ووقفت أمام بابي
ورسمت منهجا للسير عليه وللمضي فيه
وقررت أن أسافر إلى كل مكتبة إسلامية في سريلنكا
وأسافر إلى كل عالم عنده شيء من الكتب
لأن العلم نور من إلهي فإنه إذا اتيقته معلمي
وتوكلت على الحي الذي لا يموت
وتقربت إلى من يعز إذا شاء من شاء
ويذل من شاء إذا شاء بيده الخير فإنه على كل شيء قدير
وأسكنت نفسي بين سور من الصبر والتوكل
وأغلقت آذاني عن الدنيا خوفا من سماع خبر يسبب أدمعي
وأخذت قلمي وفتحت كتبي وقلت
"يا ربي إنك قلت " وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ “
إني سأجاهد فيك فاهدني "
ولعل الله تقبل مني دعائي
وقد ذقت حلاوة الطلب في تلك الغرفة
أصلي صلاة الفجر أقرأ القرآن وأرفع به صوتي
وأشرب الشاي وأفتح كتابا لابن تيمة أو لابن القيم أو كتابا لعالم
وأقرأه وأقيد فوائده في كناشتي وتمضي هكذا ثلاث ساعات أو أربع
يدعوني النوم إلى الفراش فتقول لي نفسي هل تنام!!! كيف تنام!!
فانظر إلى ماطلبت وانظر إلى ما بقي
وانظر إلى كتب الإمام النووي وإلى كتب شيخ الإسلام
كتبهم أكبر وأكثر من عمرهم
ألم تقرأ بلاء ابن الجوزي في طلب العلم
ألم تقرأ وقوف الألباني في سلم المكتبة ساعات طويلة وهو يقرأ الكتب
وهل استطعت ان تقول كما قال ابن تيمية
" أَنَا أَعْلَمُ كُلَّ بِدْعَةٍ حَدَثَتْ فِي الْإِسْلَامِ وَأَوَّلُ مَنْ ابْتَدَعَهَا وَمَا كَانَ سَبَبَ ابْتِدَاعِهَا."
فكيف ترتاح للنوم وكيف ترتاح للأكل
فأقوم وأجلس وأقف وأدخل وأرجع وأبكي
وأولد من جديد وأنشط من جديد وأجتهد من جديد
فأقرأ وأقيد وأبحث إلى الظهر فأصلي صلاته
وأفتح كتابا وأقرأه وأنا مستمر
ثم آكل أكلة الظهيرة في غرفتي تلك وعلى ذلك الحصير
ثم أغسل يدي وأنشف البلل التي بها
وما انفككت من الطلب وقد أنام في ذاك الوقت وأنا لا أدري أوقد أدري
ولعلي نمت والكتاب على صدري
أو نمت وهو تحت خدي في مخدتي
أو نمت بين الكتب وهي مبعثرة بين يدي
وكنت أبكي في سكوني حين أنام بين تلك الكتب في بعض الأحيان
وقد أكلم تلك الكتب كأني أتكم مع أحياء تفهم كلامي
وحين ألتحف بلحاف على ذلك الحصير قد تدخل بعض الكتب معي فيه
وأستيقظ لصلاة العصر وأصليها فأرجع إلى غرفتي
وقد أكون في كلام مع صديقي مسعود في ذلك الوقت
وقد أستمر في قراءة أو بحث إلى صلاة المغرب
وهكذا إلى صلاة العشاء
و بعد العشاء نروح إلى شاطئ البحر في كثير من الأوقات
فنراجع أيام معهدنا وأيام صغرنا أمام ذلك الشاطئ
ونتكلم عن قلة حيلنا قصر أيدينا ونقول
كم كنا فرحين لو كان في أيدينا جوالة حتى نكلم زملاءنا في المعهد
¥