تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[خلل في [تقييم طلبة العلم للمشايخ والعلماء]]

ـ[ذو المعالي]ــــــــ[30 - 04 - 02, 02:07 ص]ـ

خلل في التقييم

جميلٌ أن يُعملَ الإنسان عقله و فكره مقيِّماً أمراً مما يسوغ له أن يدخل في التقييم له، و هذا نوع من إعمال الفكر في اختيار و تحقيق ما يناسبه.

لكن المؤسف أن يكون هذا التقييم مطلقاً لا ضوابط له، أو يكون اتكاؤه على ضوابط وهمية خرافية لا تنتج إلا خللاً كبيراً، و خرقاً واسعاً.

فلعظم هذا الأمر تعيَّن الكتب في هذا إيضاحاً و بياناً للخلل الواقع و الحاصل في التقييم عند كثير من طلاب العلم.

و قبل البدء بذكر الخلل أريد أن أبيِّن أن التقييم إنما هو: تقييم بعضُ طلاب العلم الشيوخَ من أهل العلم، و الدين.

فمن الخلل:

أولاً: تقييم العالم بكثرة دروسه و لقاءاته العلمية.

و هذا سائد و منتشر عند الأغلبية من طلاب العلم، فما أن يروا عالماً قد ربت دروسه و كثرت إلا و تكالبت عليه ألقاب التعظيم، و شارات: العلامة، الفذ، الحافظ، … إلخ.

و يكون هذا التقييم في بعض الأحايين في مقابل عالمٍ آخر مثله في: السن، العلم، المكانة، الشيوخ.

و هذا خلل بيِّن لكل ذي عينين، و واضح لمن أنار الله بصيرته.

فلم يكن معهوداً عند السالكين مجال العلم أن كثرة دروس الرجل دالة على قوة في العلمية تؤهله أن يفضل على غيره، أو أن يُلزم فلا يُغادر درسه.

و ليست قلتها دالة على قلة علم الرجل، و ضيق مداركه العلمية.

و لو نظرنا بهذا الاعتبار لكنا مُسْقطين لجملة من أهل العلم _ الذين هم أهله _ في قديم الزمان و حديثه، و آخذين لجملة من المتصفين بالعلم _ و لم يدركوا حال الذين قبلهم _ كذلك.

نعم؛ الأصل أن كثرة الدروس فيها دلالة على كثرة علم الشيخ و لكنها دلالة ظنيَّة لا يقين فيها.

و بيان كونها ظنية ليست باليقينية أن أهل العلم فيهم تفاوت في أحوالهم:

فمنهم من هو كثير الأشغال، فلا يكاد يجد له وقتاً يفرغ فيه للتعليم أصلاً، أو الزيادة من مجالس التعليم.

و منهم من لم يفتح الله _ تعالى _ له في التعليم لكن فتح عليه في مجالات أُخر.

و منهم من لم يُعرف، و منهم من لم يُعطَ أسلوباً في التعليم مناسباً لحال طلاب زمانه.

إلى غير ذلك من الأحوال التي لا يكاد يخلو منها أحد من أهل العلم ممن هذا شأنه.

و إذا نظرنا أيضاً إلى العالم المكثر من الدروس و مجالس التعليم نجد أن الكتب التي يقوم بشرحها و تدريسها كلها ذات ترابط بينها فهو إما أن يشرح في: الفقه، أو الحديث، أو الاعتقاد، أو المصطلح، … إلخ؛ فهذه كلها علوم كتبها إنما هي إعادة و تكرار، فليس فيها دليل على علمية العالم، أو قوته.

ثانياً: التقييم بكثرة الكتب.

يعمد كثير من الناس إلى تقييم العالم و إيضاح رتبته العلمية من خلال ما له من الكتب و التصانيف، و هذه حجة الجاهل بأحوال أهل العلم، و مسالك التصنيف.

لو كان كلُّ من صنف و ألف عالماً لما كان للقولة الشهيرة (من صنف فقد استهدف) و لا للأخرى (من ألف فقد عرض عقله على الناس) أي معنى و مكانة؛ إذ لو كان لا يؤلف إلا العالم لكان تأليفه عرض لكمال عقله، و تمام علمه و نضوجه، لا ليحظى بتقييم ممن هو بحاجة إلى تقييم.

فلو أبصرنا حال المكتبات في هذه الآونة لوجدنا الأكثرية من المؤلفين إنما هم ممن ليسوا على حال متقدمة في العلم.

بعض أهل العلم لا يرى نفعاً _ له _ في التأليف و التصنيف فلا حاجة له في أن يشغل نفسه في مثل ذلك.

و منهم من لم يرزقه الله جلداً على التأليف و الجلوس له؛ إذ التأليف محتاج إلى تفرغ للبحث و التنقيب في بطون الكتب.

و منهم من يكتفي في التأليف في الأمور التي لم تطرق فيؤلف فيها.

و غالب من ألف حاله بعكس حال من لم يؤلف.

بل أكثر التآليف في هذه الأزمنة مفرغة من الأشرطة السمعية فليست تأليفاً، و لو صحَّ أن تسمى تأليفاً لكان كل بليغ و متفيهق يتكلم في أشرطة ثم تفرغ و تنشر كتباً مرقوم على طرتها (تأليف).

ثالثاً:التقييم بكبر السن.

ما أظن زماناً عُهد فيه تقدم السن دليلاً على العلم مثل زماننا هذا.

بل لم يعرف للعلم وقتاً و لا عمراً؛ و إنما هو مُنالٌ بالجد، و السلوك الأمثل في التحصيل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير