[كلمات مضيئة في العلم والتعلم]
ـ[عبدالله المزروع]ــــــــ[06 - 02 - 04, 04:30 م]ـ
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده. أما بعد:
فهذه كلمة للوزير ابن هبيرة – رحمه الله – لمن أراد التعلم، نقلها ابن رجب – رحمه الله – في كتابه ذيل طبقات الحنابلة (3/ 273):
قال ابن الجوزي: وسمعته يقول:
يحصل العلم بثلاثة أشياء:
أحدها: العمل به؛ فإن من كلَّف نفسه التكلم بالعربية، دعاه ذلك إلى حفظ النحو. ومن سأل عن المشكلات ليعمل فيها بمقتضى الشرع تعلم ,
والثاني: التعليم؛ فإنه إذا علَّم الناس كان أدعى إلى تعليمه.
والثالث: التصنيف؛ فإنه يخرجه إلى البحث، ولا يتمكن من التصنيف من لم يدرك غور ذلك العلم الذي صنف فيه. اهـ
ـ[جيل المستقبل حمود]ــــــــ[07 - 02 - 04, 03:05 ص]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
إن من أجلّ النّعم التي أنعم بها الله على عباده: نعمة العلم، بل انّه المقياس الذي يميز المرء عن غيره، وكما قال تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [الزمر:9].
ونجد ديننا الإسلامي يحثنا في كثير من الآيات القرآنية على التأمّل والتدبّر والتعقّل، وكلها أفعال تدعو إلى التعلّم والتنوّر, وكما قال تعالى: (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ). [آل عمران 190]. أي أصحاب العقول النيرة! وقال تعالى في عدّة مواضع من القرآن الكريم محفزا على التبصّر: أفلا تدبّرون, أفلا تعقلون ... للمتوسّمين, أفلا يوقنون؟!
ولمّا كان ديننا الإسلامي خاتم الأديان, وسنّة نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلّم بالغة في الشرح والبيان, كان حقا علينا أن نفهم المقصود من العلم، ولا نكون كالذين اشتغلوا من العلم بصورته دون المضمون, وأخذوا منه القشور دون فهم المقصود, وغفلوا بوسائل العلم المختلفة عن الهدف المنشود. وفي الحقيقة هذا عيب كبير وعاقبته بالغة الشرور, كما قال الشاعر:
ولم أر في عيوب النّاس عيبا كنقص القادرين على التمام
فالشاعر هنا يذمّ الكسل ويدعو الإنسان للرقيّ بنفسه, والاستفادة مما تعلّم, والعمل بمقتضى هذا العلم. كقارئ القرآن المشغول بتلاوته ولا يتلمّح عظمة المتكلّم ولا زجر القرآن ووعده, ولو فهم لعلم أنّ الحجّة عليه أقوى ممن لم يقرأ.
وهكذا في شتى الأنواع من العلوم .. فليس العلم هو صور الألفاظ, بل هو إدراك واتّعاظ. ولعل الأسباب التي دفعت كثيرا من طلبة العلم في هذا الزمان إلى أن يضلّوا عن أهدافهم, ويتيهوا عن غاياتهم, ويخفقوا في تحقيق مرادهم .. أسباب كثيرة، ومن المهمّ التعرّف عليها, وبالتالي تفاديها؛ لكي نحصل على النتيجة المرجوّة من العلم .. ومن هذه الأسباب:
أولا: تحديد الهدف من العلم قبل الخوض فيه, وعلى طالب العلم أن يقصد في طلبه للعلم وجه الله تعالى؛ لكي لا يتراجع عن هذا العلم. فالدارِسة التي تستهدف إرضاء النّاس أو المفاخرة بما تعلّمته أو الاستعلاء على غيرها من الصديقات, ليست على هدف سويّ ويجب عليها من البداية تصحيح هدفها لتكون نتيجتها صحيحة.
فقصد وجه الله تعالى من هذا العلم والرغبة في الارتقاء بنفسها كطالبة مسلمة ممثلة لمجتمع وأمّة إسلامية .. يدفعها إلى الاستمرارية والثبات والحرص على العطاء بعد العلم , والعمل بمقتضى ما تعلّمته، ومن ثم الرّضا عن ذاتها وعن ما تعلّمته.
ثانيا: تجديد النيّة الصادقة بأنّ القصد هو وجه الله تعالى, والارتقاء بالذات والأمّة الإسلامية, أو على الأقل الشريحة المسلمة التي تعيش معها .. كالأسرة أو المدرسة أو غيرها…! وعدم فقدان الحماس الذي يعين على الاستزادة من العلم والصعود على سلالمه حتى الوصول إلى طريق المجد؛ وهذا يتطلّب الصبر الكثير والمثابرة, وكما قال الشاعر:
لا تحسب المجد تمرا أنت آكله لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
¥