تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

"جهاد لا قتلا فيه الحج والعمر". قال ابن حجر: "وإنما لم يكن الجهاد واجبا عليهن لما فيه من مغايرة المطلوب منهن، من الستر ومجانبة الرجال، فلذلك كان الحج أفضل لهن من الجهاد". قال الشيخ ابن باز – رحمه الله -: (وقد سمي الله مكث المرأة في بيتها قرارا. وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة، ففيه استقرارا لنفسها وراحة لقلبها وانشراح لصدرها، فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه). فهذا يدل على أن قرار المرأة في بيتها هو الأصل، مع ممارسة لمسئوليتها المناطة بها سواء كان لأبنائها أو لزوجها، ويسمى عملا، ولا يصح تهميشه، بل هو أفضل الأعمال التي تؤجر عليها المرأة وهي الوظيفة الأساس لها.

2 - القسم الثاني: عملها خارج المنزل:

وعلى ما ذكرنا من التأصيل السابق، وأن الأصل في قرار المرأة في بيتها وأن الدور الأساس للمرأة تربية أبنائها ورعايتهم، فإن الإسلام لم يمنع المرأة من الخروج، وإنما سمح لها بالخروج لأغراض كثيرة منها ما هو تعبدي محض كالصلاة والحج، ومنها ما هو من شؤونها الخاصة كالشراء ولوازمها وقضاء حاجاتها إذا لم يوجد من يقوم بذلك، ومنها ما هو لنفع نفسها ونفع المجتمع كالتعليم والتعلم والتطبيب لبنات جنسها، وقد اشتهرت عائشة رضي الله عنها بسعة عملها ورجاحة عقلها. قال عروة بن الزبير: (ما رأيت أحداً أعلم بفقه ولا بطب ولا بشعر من عائشة رضي الله عنها).كما نالت حفصة رضي الله عنها شرف حفظ النسخة الأولى للقرآن الكريم وعندما أراد الخليفة عثمان رضي الله عنه جمع القرآن الكريم ونسخه في المرة الثانية في عدة مصاحف استعان على ذلك بتلك النسخة ثم أعادها. ومن الأمثلة التاريخية في حياة المرأة المسلمة العاملة خارج البيت ما يلي:

ما أخرج من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بلى فجذي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفاً". فدل ذلك على جواز خروج المرأة للحاجة. وبهذا يتبين سماحة الإسلام في الإذن للمرأة بالخروج للعمل عندما تقضي بذلك الأحوال. وما روت أسماء رضي الله عنها قالت: "كنت أنقل النووي من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ" فيفهم من الحديث جواز مساعدة المرأة لزوجها بالعمل ولو خارج المنزل. ولعل من الشواهد على ذلك قصة بنتي صاحب مدين، قال تعالى مخبراً عنهن: {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ}.لقد أصر الداعون إلى خروج المرأة على تسميتها (عاملة) وذلك يشير من طرف خفي إلى أن ما سواها عاطلة وذلك إيحاء نفسي مقصود. وتلك مغالطة مكشوفة، فهل مجرد الخروج إلى العمل يستحق صاحبه أن يوصف بأنه عامل؟ وهل أعمال البيت ومسئولياته العظيمة أقل من أن يصدق على من يقوم بها بأنه عامل؟ وهل حقا أن النشاط المنزلي المتعدد يخرج من دائرة العمل المنتج والمهم للفرد والمجتمع؟ وهل المقصود بالعمل كسب الأجر المادي فقط؟ وبتأمل تعريف العمل نجد أن عمل المرأة داخل بيتها يدخل دخولاً أولياً ضمن مفهومه بمعناه اللغوي والاصطلاحي والاقتصادي. ويؤكد ذلك تقرير الأمم المتحدة الصادر عام 1985م (القيمة الاقتصادية لعمل المرأة في البيت) فيقول: (لو أن نساء العالم تلقين أجوراً نظير القيام بالأعمال المنزلية، لبلغ ذلك نصف الدخل القومي بكل بلد. ولو قامت الزوجات بالإضراب عن القيام بأعمال المنزل لعمت الفوضى العالم .. ثم قال: ولو حدث هذا الإضراب فسيقدر العالم أجمع القيمة الهائلة لعمل المرأة في البيت). ثم يمضي التقرير فيقول: (عمل المرأة المنزلي غير منظور لدى الكثيرين .. وإن المرأة لا تتلقى أجراً نظير القيام بهذا العمل. أن هذا العمل حيوي وعلى جانب عظيم من الأهمية غير أن هذه الساعات الطويلة من عناء المرأة في المنزل لا يدركه الكثيرون لأنه بدون أجر). ولكي نجعل الأمر أكثر وضوحاً نتساءل عن رأي أصحاب هذا المصطلح في المعلمات والمربيات والطهاة والمضيفات والخدم ونحوهم ممن يعملون بأجر في

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير