تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والقسم الثاني من الكتب هي كتب الرأي، ويعنى بكتب الرأي الكتب التي تعتمد في الأحكام على الأقيسة، وهذا مبني على مدرسة كانت في الكوفة، وهي مدرسة أهل الرأي من مثل حماد بن أبي سليمان، قبل إبراهيم النخعي وأبو حنيفة وكذلك في المدينة مثل ربيعة الرأي شيخ مالك ونحو ذلك ظهرت كتب لهؤلاء ولمن بعدهم ممن تبعهم هذه معتمدة على الأقيسة وعلى القواعد العامة فيفرعون الأحكام على الأقيسة والقواعد، لاحظ أنَّ هذه هي التي عناها أهل العلم بالأثر وأهل الحديث بالذم، إيّاكم وكتب الرأي، أياكم وأهل الرأي، فإنهم اعيتهم الآثار أن يحملوها فذهبوا إلى الرأي ونحو ذلك، لأنه يستدلون بالقياس وبالقواعد، ويقدمونها على الآثار، وهذا لا شك أنه ليس بطريق سويّ، وذلك لأن أولاً من حيث التأصيل أولئك جعلوا القياس أصحّ من الحديث، ويقولون القياس دليله قطعي، القاعدة دليلها قطعي، طبعاً القياس حينما نقوله هو أعم من خصوص ما عليه الاصطلاح الأخير، يعنى بالقياس ما يدخل فيه تحقيق المناط، يعني القواعد التي تدخل في العبادات والمعاملات، فيستدلون بأدلة قطعية على القواعد، فإذا أتى دليل يخالف القاعدة يقولون هذا حديث آحاد فلا نقدمه على الأقيسة، يقدمون مثلاً القياس على الحديث المرسل، يقدمون القياس على الحديث المتصل إذا كان لا يوافق القواعد، وهكذا فظهر عندهم خلاف للآثار وهذا الذي عناه السلف بذلك، وهم لهم أصولهم فالحنفية مثلاً عندهم أصول الفقه التي تخالف أصول أئمة الفقه الذين هم من أهل الحديث مالك والشافعي وأحمد رضي الله عنهم أجمعين في أنحاء كثيرة في أبواب كثيرة، مثلاً عندهم أنّ العام أقوى من الخاص، فعندهم أن دلالة العام على أفراده قطعية إذا كان الدليل قطعياً.

وأما دلالة الخاص على ما اشتمل عليه من الفرد يعني من المسألة الخاصة فهذه دلالتها ظنية فيجعلون العام مقدماً على الخاص، ولا يحكمون للخاص على العام، وهكذا في التقييد والإطلاق هكذا في مسائل شتى مثلاً عندهم الحديث المرسل مقدم على المسند فالحديث المرسل مثلاً عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا، عن إبراهيم النخعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا، وهكذا المراسيل عامة كمراسيل أبي العالية ونحوهم من كبار التابعين وغيرهيم، يعتبرون أن هذه المراسيل أقوى من الأحاديث المسندة، فإذا أتى حديث مرسل وحديث متصل في المسألة نفسها، أخذوا بالحديث المرسل وتركوا الحديث المسند المتصل لأصولهم لدلالة عقلية عندهم على ذلك، وهذا طبعاً انتج أقوالاً أكثر من الأقوال التي كانت موجودة في زمن الصحابة والتابعين، فصار عندنا تفريعات كثيرة.

كذلك في مسألة القواعد يقولون الاستدلال بالقياس مقدم على الاستدلال بالأثر لأن القياس دليله واضح يعني مثلاً القاعدة دليلها واضح، وأما الأثر فإنه فرد، والقاعدة شملت أحكاماً كثيرة، كل أدلتها تعضد هذه القاعدة، وأما الأثر فهو واحد في نفسه، وعندهم أن القاعدة هي قطعية على ما اشتملت عليه وأما الآثار فإنها ظنية، هذا هو الذي نهى عنه السلف بشدة، وحذّروا من النظر في الرأي لهذا الأمر، وكتب الحديث على هذا، على الذي أسلفت فيما هو تبويب وإيراد ما في الباب من أدلة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم يعني من آثار أو من كلام الصحابة أو من التابعين أو من تبع التابعين بالأسانيد أهل الأثر ويمثلهم بوضوح في اتباع أصولهم الإمام أحمد رحمه الله ورحمهم أجمعين ينظرون في المسألة فإذا كان فيها حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قدّموه إذا كانت دلالته ظاهرة أو من باب أولى إذا كانت نصاً فإذا لم تكن كذلك نظروا في فتاوى الصحابة فيما يثبت أحد الاحتمالين في الفهم كذلك إذا جاءت فتوى عن الصحابي وكان فيها احتمال في الفهم نظروا في أقوال أصحابه من التابعين بما يوضح لهم معنى قول الصاحب إذا كان القول ظاهراً أو نصاً من الصحابي في مسألة نازلة وليس له مخالف أخذوا به، وإذا اختلف الصحابة في المسألة على قولين هنا تنازعوا، يأخذون بقول من؟ فمنهم من قال نأخذ بقول الخلفاء الراشدين أو بأحدهم إذ وُجِد ذلك، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي" وإذا مثلاً عثمان خالفه ابنُ عباس أخذوا بقول عثمان، وإذا عمرُ خالفه ابنُ عمر أخذوا بقول عمر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير