[أول الوصايا: الإخلاص في طلب العلم]
ـ[وليد دويدار]ــــــــ[30 - 04 - 08, 02:13 م]ـ
الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيد المرسلين، و على آله و صحبه و التابعين.
أما بعد: فإن الوظيفة الأولى على كل عبد أراد طاعة الله – عز و جل - أن يتعلم النية أولاً فيصححها، فإنه لا وصول إلى السعادة إلا بالعلم و العبادة، و العالمون العاملون كلهم هلكى إلا المخلصون.
و كيف يخلص من لا يعرف حقيقة الإخلاص؟.
حقيقة الإخلاص هي تصفية السرِّ و القول و العمل، و هي ألا تطلب شاهداً لعملك إلا الله – جل جلاله -، وهي ترك الرياء، و عن الفضيل بن عياض – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله تعالى: ((لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا)) [هود/7]، قال: هُوَ أَخْلُصُ الْعَمَلِ وَأَصْوَبُهُ، فَسُئِلَ عَنْ مَعْنَى ذَلِكَ، فَقَالَ: إنَّ الْعَمَلَ إذَا كَانَ خَالِصًا وَلَمْ يَكُنْ صَوَابًا لَمْ يُقْبَلْ، وَإِذَا كَانَ صَوَابًا وَلَمْ يَكُنْ خَالِصًا لَمْ يُقْبَلْ، حَتَّى يَكُونَ خَالِصًا صَوَابًا فَالْخَالِصُ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ، وَالصَّوَابُ أَنْ يَكُونَ عَلَى السُّنَّةِ.] حلية الأولياء [
و قال ابن كثير – رحمه الله تعالى – في تفسير قوله تعالى: ((فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا)) [الكهف/110]، وهذان ركنا العمل المتقبل. لا بد أن يكون خالصًا لله، صواباً على شريعة رسول الله – صلى الله عليه و سلم -.] تفسير القرآن العظيم [
من وجد الله فماذا فقد؟!! و من فقد الله فماذا وجد؟!!
اعلم أخي طالب العلم – وفقك الله -: أن حقيقة الإخلاص هي التبرّي عن كل ما دون الله تعالى، و هو تجريد قصد التقرب إلى الله تعالى عن جميع الشوائب، فمن تعلم العلم ليسهل عليه طلب ما يكفيه من المال، أو ليكون عزيزاً بين العشيرة، أو ليكون ماله محروسا بعز العلم عن الأطماع؛ فهو غير مخلص، و قد قال مالك بن دينار: " قولوا لمن لم يكن صادقاً: لا تتعنَّ ".] صفة الصفوة [
و في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه - أن النبي – صلى الله عليه و سلم - قال: ((مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ)) يَعْنِي رِيحَهَا.] أخرجه أبو داود وابن ماجه وغيرهما [
و كل عمل دخل فيه حظ من حظوظ الدنيا – قل أم كثُر – تكدَّر به صفوه، و زال به إخلاصه، و في الحديث القدسي يقول ربُّ العزة سبحانه: ((أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ)) أخرجه مسلم.
طلب الإخلاص، و الحث عليه:
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عيينة: كَانَ الْعُلَمَاءُ فِيمَا مَضَى يَكْتُبُ بَعْضُهُمْ إلَى بَعْضٍ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ: " مَنْ أَصْلَحَ سَرِيرَتَهُ أَصْلَحَ اللَّهُ عَلَانِيَتَهُ، وَمَنْ أَصْلَحَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَصْلَحَ اللَّهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ ".] مجموع الفتاوى [
وقال يوسفُ بنُ الحسينِ الرازيُّ: " أعزّ شيءٍ في الدُّنيا الإخلاصُ، وكم أجتهد في إسقاطِ الرِّياءِ عَنْ قلبي، وكأنَّه ينبُتُ فيه على لون آخر ".] مختصر تاريخ دمشق [
وكان هشام الدستوائي يقول: والله ما أستطيع أن أقول: إني ذهبت يوما قط أطلب الحديث أريد به وجه الله – عز و جل -، قال الذهبي – رحمه الله تعالى -: والله ولا أنا، فقد كان السلف يطلبون العلم لله فنبلوا، وصاروا أئمة يُقتدى بهم.] سير أعلام النبلاء [
وقد صح عن الشافعي - رحمه الله تعالى - أنه قال: وددتُ أن الخلق تعلموا مني هذا العلمَ على أن لا يُنسب إليَّ حرف منه، وقال: ما ناظرتُ أحداً قط على الغلبة، ووددتُ إذا ناظرتُ أحداً أن يظهرَ الحقُ على يديه، وقال: ما كلمت أحداً قط إلا وددت أن يوفق، ويسدد، ويعان، ويكون عليه رعاية من الله وحفظ.] آداب العلماء والمتعلمين [
فأين طلاب العلم هذه الأيام من أخلاق هذا الإمام - رحمه الله تعالى -؟ وقد قيل:
¥