تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

التدرّج في تبليغ الناس أحكام الدين

ـ[أبو زارع المدني]ــــــــ[09 - 03 - 08, 12:23 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين , الرحمن الرحيم , مالك يوم الدين

اللهم صلّ وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين

التدرّج في تبليغ الناس أحكام الدين

وفي الدروس التي يجب أن يستفيد منها الدعاة إلى الله من السيرة النبوية، (التدرّج في تبليغ الناس أحكام الدين)؛ اقتداءً منهم برسول الله – صلى الله عليه وسلم - في دعوته، وذلك واضح بيِّن في مراحل الدعوة التي سلكها، وأوصى بها أصحابه.

فمن ذلك ما رواه البخاري ومسلم أنه – صلى الله عليه وسلم -، عندما أرسل معاذ بن جبل رضي الله عنه - إلى اليَمَنِ أوصاه وصيَّة رائعة .. فقد أَوْصَاه أن يبدأ دعوته بالتوحيد، ونَبْذ الشرك، فإذا استجاب الناس له وأطاعوه، فليأمرهم بإقامة أركان الإسلام.

ويحسن بنا أن نورد نصَّ الحديث [1] ( http://www.alukah.net/Articles/Article.aspx?ArticleID=2123#_ftn1)؛ كما جاء في الصحيحَيْن:

عن ابن عباس عن معاذ بن جبل –رضي الله عنه - قال:

بعثني رسول الله – صلى الله عليه وسلم - إلى اليمن فقال:

((إنّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ، فادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ الله، وَأَنِّي رَسُولُ اللهِ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ فِي فُقَرَائِهِمْ، فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذَلِكَ؛ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِم أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حَجَابٌ)).

رواه البخاري 1395 وفي مواضع أخرى، ومسلم 19، والنسائي 5/ 2، وأبو داود برقم 1584، والترمذي 5، 6، وابن ماجه 1783.

إنّ هذا الحديث العظيم يدلُّ على وجوب اتّباع المراحل، التي ينبغي أن يسلكها الدعاة والقادة، وأولو الأمر في دعوة الناس، وإقامة المجتمع الإسلامي.

وأوّل هذه المراحل – كما جاء في الحديث – الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله، وأنّ محمدًا رسول الله، ثم البداءة بالأهم في الأهم.

إن البداءة بالأهم ثم المهم من التلطُّف في خطاب الناس ودعوتهم؛ لأنه لو طُولبوا بجميع أحكام الدين دفْعة واحدة في أول مرة، لم يأمن الداعي من النفرة.

إنّ مُرَاعاة الأولويات شيءٌ أساسي في نجاح الدعوات، وكثيرًا ما يغفل الدعاة عن هذا الأمر.

إنّ كلَّ كليّة وجزئية جاء بها الشرع المطهَّر، وأمر بها على وجه اللزوم واجبةُ التطبيق، والتهاون فيها يحمل معنى سيئًا، لا يليق بالمسلم أن يتصف به، وجهلها إن كانت مطلوبة على وجه الوجوب، نقص في المسلم لا يجوز أن يستمرَّ فيه. ولكنَّ هذا شيء؛ والتدرُّج في مُطَالَبَة الناس بالالتزام بالإسلام شيءٌ آخر.

والتدرّج في إبلاغ الناس مبادئ الدين، وسلوك المنهج المرحلي أمرٌ مطلوب، وهو الذي نقف عليه من أحداث السيرة المُطَهَّرَة. فلا يليق بالداعِيَة أن يطلب من كافر؛ أو مُلحِدٍ يُنْكِر وجود الله؛ أو مُشْرِك يُؤْمِن بالطَّاغُوت، أو مُتَشَكِّك في الدين؛ لا يليق أن يطلب من واحِدٍ منهم أداء واجب من الواجبات، التي لا تصحّ إلا بالإيمان. وهذا أمر قد يقع فيه بعض الدعاة الذين لم يدرسوا الوسط الذي يدعون الناس فيه .. إنّ من الواجب على الداعية أن يعلم - حقَّ العلم - طبيعة المُجْتَمَع الذي يُواجِهُه بالدَّعْوة، وأن يبدأ بالأساسيات، وعليه أن يتجنَّب المنفرات.

عن أنس – رضي الله عنه - عن النبي – صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

((يَسِّرُوا وَلا تُعَسِّرُوا، وبَشِّرُوا وَلا تُنَفِّرُوا))؛ رواه البخاري 69 ومسلم 1734.

إن كثيرًا من الأمور التي يَصْعُب على الناس قبولها من دعوتنا، لو بدأنا بها لنفروا منَّا، وأعرضوا عنّا، ولكنّنا لو بدأنا بذكر محاسن طاعة الله ورسوله، وما أعدَّ الله لمن يؤمن به ويعمل الصالحات من الثواب؛ لاستجابوا لنا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير