ضرورةُ العملِ على الدِّفاعِ عن علماءِ الأمَّة و دعاتِها
ـ[أبو سلمى رشيد]ــــــــ[09 - 04 - 08, 02:45 ص]ـ
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
الحمد للّه ربّ العالمين، و الصّلاة و السّلام على أشرف المرسلين. و بعد.
أخذ كثير كلامنا من أيّامنا القليلة أعزّ الأزمنة و السّاعات؛ أيّام هي زهرة شبابنا و تاج أعمارنا، و ليت آخذها إنّما أخذها في الدّلالة على الخير أو في الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر، و إلاّ فنعم الآخذ و المأخوذ، بل كلامٌ بضدّ ذلك و قليل منه هو ذلك؛ ...
قيل و قال و كثرة السّؤال مع قلّة الأعمال؛ خُلق في لبوس الشّريعة و بغلاف الدّعوة، ذلك هو ديدن الكثير مِن أشباه المُلتزمين و تلك هي ميزتهم، و لم يكتف هؤلاء بهذا و لم يقفوا عنده، بل تعدّوه معتدين على العاملين الأخيار، و المخلصين الأبرار، و الأمّارين بالمعروف و النهّائين عن المنكر الأغيار؛ فذهبوا يروّجون ضدّهم الإشاعات، و يختلقون حولهم الافتراءات، و يظاهرون عليهم دعاة المنكرات، يسعى أولئك للبناء و لا مُعين، بل يبنون و يسعى هؤلاء هادمين، و للّه درّ الشّاعر حين قال:
و لو ألف بان خلفهم هادم كفى فكيف ببان خلفه ألف هادم؟!
هل عملوا مثل عملهم؟ هل دعوا مثل دعوتهم؟ هل أمروا بالمعروف مثل أمرهم؟ هل نهوا عن المنكر مثل نهيهم؟ ... ، لا شكّ أنّ الجواب هو النّفي الجازم جزماً. فكان الجدير بهم إذن معرفة قدْر غيرهم مِن ذوي التّقى و الفضل، ثمّ معرفة قدْر أنفسهم إذا كان ثمّة قدْر، ليعرفوا بالمقارنة بعد ذلك؛ هل يصحّ في العقل شيء إذا قيل إنّ السّيف أمضى من العصا!!
و ما أحسن و أبلغ ما قاله الأوّل في أمثال هؤلاء:
أقِلّوا عليهم لا أبًا لأبيكُم مِن اللَّوم أو سُدّوا المكان الّذي سَدّوا
و ممّن أظهرهم اللّه في هذا الزّمان، و ذاع صيتهم بين الأنام، فأحبّهم القريب و البعيد؛ علماء و مشايخ عاليّو القدْر، شامخو القامة، غزيرو العِلم، سالمو المُعتقد، سديدو الرّأي، صِباح الوجوه؛ اشتهروا بدروسهم و محاضراتهم القيّمة الّتي عالجت مختلف المسائل و القضايا، سواء كانت علمية دعوية، أو واقعية عصرية، و كثيرا ما عُقدت عبر سلاسل في موضوع واحد يتطرّق فيها هؤلاء طرْقا، مِن أبواب عِدّة و جوانب شتّى، كلّّ ذلك يخرجونه في أحسن حلّة؛ جامعين فيه بين فصاحة اللّغة، و عذْب الكلام، و زينة الشِّعر، و براعة الأسلوب، و تسلسل الأفكار، و سهولة العبارة، تتجلّى من خلالها غزارة علمهم و قوّة ذكائهم، أمّا لقاءاتهم المفتوحة، و برامجهم المصوّرة، و كتبهم المؤلّفة؛ فهي الوجه المطابق لمحاضراتهم و دروسهم تماما.
فلا غرابة بعد ذلك أن يَظهر لمثل هؤلاء الأعلام الأفذاذ، مَن يغمسون ألسنتهم في ركام من الأوهام و الآثام، ثمّ يبسطوها بإصدار الأحكام عليهم، و التّشكيك فيهم، و خدشهم، و إلصاق التّهم بهم، و طمس محاسنهم، و التّشهير بزلاّتهم الّتي لا يسلم منها عالم، و لا شكّ أنّ هذا من سنن اللّه عزّ و جلّ الّتي قدّرها على أهل الحقّ إلى يوم الدّين، فيُبتلون و يُمتحنون و يصبرون، فيبادلهم اللّه على ذلك رِفعة و تمكينا، قال اللّه عزّ و جلّ لنبيّه عليه الصّلاة و السّلام: [[ما يُقَالُ لَكَ إِلاّ مَا قَدْ قِيلَ لِلرّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنّ رَبّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَ ذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ]] (1). نعم إنّها سنّة من اللّه ماضية لكلّ من سلك سبيل الأنبياء و الرّسل و اقتفى آثارهم، و القرآن العظيم قد حوى قصصهم مع أممهم و ما نالهم منهم من الأذى و البلاء.
و مِن باب حفظ كرامة العالم، و الذبّ عن عِرضه، و تعظيم حُرمته، تحتّم علينا معاشر الكِرام و الكريمات ضرورة و لِزاما؛ أنْ نفي بحقّ علمائنا و نردّ شيئا مِن جميلهم، بالعمل الدّؤوب و السّعي الحثيث، على دفع ما مِن شأنه أنْ يخدش كرامتهم، أو ينتهك حرمتهم، أو ينتقص عِرضهم، أو يُقلّل شأنهم؛ ندفع الشّبهة بالدّليل، و الضّلالة بالهدى، و الظنّ باليقين، و الجهل بالعِلم ... ، كلّ ذلك مُحتسبين عظيم الأجر، مُتحلّين بجميل بالصّبر. نعمل واضعين في الحسبان أنّ الغالطين في حقّ العلماء قسمان؛ قِسم مِن الحثالة و الحسدة المعاندين، و قِسم مِن الضّحايا و المفتونين المُضلَّلين، و لكلّ قِسم قِسمته مِن التّعامل.
¥