ـ[أبو الطيب الروبي]ــــــــ[12 - 07 - 09, 08:38 ص]ـ
نصحية أخرى
العلماء والدعاة الذين ثبت أن منهجهم هو منهج أهل السنة، ثم وقع منهم هفوة أو زلة أو بدعة متأولة ينبغي نصحهم والتحذير من الخطأ الذي وقعوا فيه، لكن لا ينبغي إسقاطهم بالكلية، وإخراجهم من المنهج لزلة أو هفوة، فإن العصمة ليست لأحد سوى الأنبياء.
فكما قال ابن القيم:
"وكيف يعصم من الخطأ من خلق ظلوما جهولا ولكن من عدت غلطاته أقرب إلى الصواب ممن عدت إصاباته" مدارج السالكين - (ج 3 / ص 522)
- فإذا كان واجبنا أن نلتمس العذر للمسلم بصفة عامة، فينبغي أن يكون لدعاتنا وعلمائنا نصيب أكبر في العذر وإحسان الظن؛ وقد أشار شيخ الإسلام رحمه الله إلى الأساس الذي يقوم عليه هذا المنهج وهو الموازنة بين حسنات الرجل وسيئاته وما له وما عليه.
قال رحمه الله:
" وهذا أصل عظيم وهو أن تعرف الحسنة في نفسها علما وعملا، سواء كانت واجبة أو مستحبة. وتعرف السيئة في نفسها علما وقولا وعملا، محظورة كانت أو غير محظورة - إن سميت غير المحظورة سيئة - وأن الدين تحصيل الحسنات والمصالح، وتعطيل السيئات والمفاسد.
وأنه كثيرا ما يجتمع في الفعل الواحد أو في الشخص الواحد الأمران، فالذم والنهي والعقاب قد يتوجه إلى ما تضمنه أحدهما، فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر، كما يتوجه المدح والأمر والثواب إلى ما تضمنه أحدهما فلا يغفل عما فيه من النوع الآخر. وقد يمدح الرجل بترك بعض السيئات البدعية والفجورية، لكن قد يسلب مع ذلك ما حمد به غيره على فعل بعض الحسنات السنية البرية، فهذا طريق الموازنة والمعادلة، ومن سلكه كان قائما بالقسط الذي أنزل الله له الكتاب والميزان" أ. هـ الفتاوى. (10/ 364)
- قال سعيد بن المسيب_رحمه الله تعالى_:
"ليس من شريف ولا عالم ولا ذي فضل إلا وفيه عيب ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه؛ فمن كان فضله أكثر من نقصه وهب نقصه لفضله"البداية والنهاية 9/ 100.
- وقال شيخ الإسلام:"
إن ما ثبت قبحه من البدع وغير البدع من المنهي عنه في الكتاب والسنة أو المخالف للكتاب والسنة إذا صدر عن شخص من الأشخاص فقد يكون على وجه يعذر فيه، إما لاجتهاد أو تقليد يعذر فيه، وإما لعدم قدرته كما قررته في غير هذا الموضع"مجموع الفتاوى (10/ 371).
- وقال شيخ الإسلام أيضا
" فأما الصديقون والشهداء والصالحون: فليسوا بمعصومين وهذا في الذنوب المحقة (كذا ولعلها:المحضة) وأما ما اجتهدوا فيه: فتارة يصيبون وتارة يخطئون فإذا اجتهدوا فأصابوا فلهم أجران وإذا اجتهدوا وأخطأوا فلهم أجر على اجتهادهم وخطؤهم مغفور لهم" الفتاوى الكبرى - (ج 3 / ص 446)
قلت: لم يقصر شيخ الإسلام الاجتهاد المغفور الخطإ فيه على العلماء المجتهدين، فتأمل!!
- وقال أيضا:
" إن الرجل الجليل الذي له في الإسلام قدم صالح وآثار حسنة وهو من الإسلام وأهله بمكانة عليا قد تكون منه الهفوة والزلة هو فيها معذور بل مأجور لا يجوز أن يتبع فيها مع بقاء مكانته ومنزلته في قلوب المؤمنين" الفتاوى الكبرى - (ج 6 / ص 92)
- وقال في كلامه عن القشيري
"واجتهدت في اتباع سبيل الأمة الوسط الذين هم شهداء على الناس دون سبيل من قد يرفعه فوق قدره في اعتقاده وتصوفه على الطريقة التي هي أكمل وأصح مما ذكره علما وحالا وقولا وعملا واعتقادا واقتصادا أو يحطه دون قدره فيهما ممن يسرف في ذم أهل الكلام أو يذم طريقة التصوف مطلقا والله أعلم" الاستقامة - (ج 1 / ص 90)
- وقال الشاطبي:
" زلة العالم لا يصح اعتمادها من جهة ولا الأخذ بها تقليدا له وذلك لأنها موضوعة على المخالفة للشرع ولذلك عدت زلة وإلا فلو كانت معتدا بها لم يجعل لها هذه الرتبة ولا نسب إلى صاحبها الزلل فيها كما أنه لا ينبغي أن ينسب صاحبها إلى التقصير ولا أن يشنع عليه بها ولا ينتقص من أجلها أو يعتقد فيه الإقدام على المخالفة بحتا فإن هذا كله خلاف ما تقتضي رتبته في الدين "
الموافقات - (ج 4 / ص 170)
- وقال الذهبي:
"ثم إن الكبير من أئمة العلم إذا كثر صوابه، وعلم تحريه للحق، واتسع علمه، وظهر ذكاؤه، وعرف صلاحه وورعه واتباعه، يغفر له زلله، ولا نضلله ونطرحه، وننسى محاسنه نعم ولا نقتدي به في بدعته وخطئه، ونرجو له التوبة من ذلك". سير أعلام النبلاء - (ج 5 / ص 271)
- وقال ابن القيم:
¥