و المشكلة الرئيسية ستظهر لك بوضوح في اصول الفقه فاغلب من كتب فيها من أئمة المتكلمين سواء اشاعرة او معتزلة فمن الاشاعرة المحلي كما اشرت و الجويني و الغزالي و الرازي و السبكي الاب و الابن و غيرهم و من المعتزلة القاضي عبدالجبار و ابو الحسين البصري بل ان ابن خادون في المقدمة اعتبر ان اركان علم الاصول يقوم على كتب اربعة هي العمد للقاضي عبدالجبار و شرحه المعتمد لابي الحسين البصري و المستصفى للغزالي و المحصول للرازي و هذه كلها كتب على النمط الكلامي اعتزاليا كان او اشعريا
و الحقيقة ان علم اصول الفقه اختلط بعلم الكلام اختلاطا شديدا ليس ذلك في مجرد طريقة معالجة المسائل من التشقيق و التفريع و القنفلة و نحوها من الشكليات بل تسلل الى جوهر هذا العلم الشريف و عظمه و اصبح جزء كبير من هذا العلم للاسف كانه تنظير لمقررات كلامية موضوعة سلفا و حتى من صنف في الاصول من الذين صرحوا بذم علم الكلام او من الذين اعتنقوا عقيدة اصحاب الحديث و لو في الجملة كابن قدامة في الروضة او الفتوحي في شرح الكوكب المنير او المرداوي في التحرير و شرحه كل هؤلاء قد انتهجوا الطريقة نفسها و لم يتلتفتوا الى الخلفية الكلامية التي عششت في الفكر الاصولي او في كثير من جوانبه بل حتى في بعض المصطلحات و التقسيمات و تراجم الابواب و الكلام في ذلك يطول
و مقابل ذلك لن يمكن أحدا ان يستبعد كل هذه الكتب من دراسته او ان لا يفيد منها فالحل في نظري يكمن في ان تدرس ما تدرسه كالورقات و شروحها و نحو ذلك مع إدمان كتب الشيخين ابن تيميةو ابن القيم لانهما كانا كثيرا ما يشيران الى هذا الاثر الكلامي في كثير من المسائل الاصولية و الاطلاع على بعض الكتب و الدراسات التي اعتنت ببيان الخلفية الكلامية للاصول ككتاب المسائل المشتركة بين اصول الفقه و اصول الدين للعروسي و كتاب اصول الفقه عند اهل السنة و الجماعة للجيزاني و ان تستمع الى شروحات المتون من مشايخ على معتقد سليم و انصحك بسماع شرح الشيخ صالح آل الشيخ على الورقات و كذلك شرح الشيخ الخضير
و مع الوقت و مع تمكنك من هذه الامور مجتمعة ستتضح لك كثير من الخفايا و الخبايا و تلاحظ الاصل الكلامي الكامن وراء كل مسألة تقرأها و المسار الذي سارت اليه المسألة بسبب هذه الخلفية الكلامية و شيئا فشيئا ستحدث لك الملكة في ذلك ان شاء الله مع حسن الفهم و التدبر و التأني
و لعلك تشارك اخوانك هاهنا بما تراه مفيدا او مشكلا للنقاش فتفيد و تستفيد
ليسر الله لك الخير
ـ[أبو الوليد بن أبي الليث]ــــــــ[02 - 07 - 09, 02:01 م]ـ
البيجوري وحديث الآحاد
البيجوري من قوم لا يحتجون لعقائدهم إلا بالمتواتر لأنها قطعية بزعمهم، ولا يقبلون حديث الآحاد لأنه يفيد الظن فقط، وهؤلاء القوم يزعمون التوقي لدينهم من الدخن والتحرز من اعتقاد الخطأ.
والعجيب أن البيجوري الذي يرى أن الكشف أعلى درجات الأدلة في إثبات العقائد كما فصلنا في ذلك في بابه يرفض الأحاديث النبوية الآحادية ويزعم أنها لا تصلح دليلاً للاحتجاج.
فهو يرفض حديث النبي صلى الله عليه وسلم النصي أن والده في جهنم لأنه حديث آحاد، وهو يرفض حديث إطالة الأجل بصلة الرحم لأنه حديث آحاد ولا يجزم أن للأنبياء أحواض لأنها أحاديث آحاد "1" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069761#_ftn1).
وهذه المسألة هي من المسائل التي ظهرت عندما نبتت نابتة السوء في تاريخ الإسلام فدخلت آثار اليونان ونفايات السابقين إلى أُمتنا فصارت مسلّمة لا شبهة فيها حتى زعم أقوام أن الإجماع قد انعقد على أن العقائد لا يقبل فيها إلا بالمتواتر.
قال الشيخ شلتوت: (نصوص العلماء المتكلمين وأصوليين مجتمعة على أن خبر الآحاد لا يفيد اليقين فلا تثبت به العقيدة ونجد المحققين من العلماء يصفون ذلك بأنه ضروري لا يصح أن ينازع أحد في شيء) "2" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069761#_ftn2).
فعندما بلغ الأمر بهذه الأمة إلى هذه الحالة، وصار أمر أعلامها وعلمائها إلى تقليد السابقين وترك النصوص والآثار، تغيرت العقائد ومسخت أصول الإسلام، فصار المنطق اليوناني دثار الأصوليين ومهوى مرادهم.
¥