تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا الأمر - وهو ترك الحتجاج بحديث الآحاد في العقائد- صرف الناس عن طريق الهدى والصواب، فتحجمت العقيدة، وقلص التوحيد، فصار أهل الكلام يملؤون مداخل العقيدة بآرائهم ونتاج عقولهم وأهوائهم فخرج الحق من نصله وحل الخبيث بدلاً منه، ولعل قارئ شرح جوهرة التوحيد للبيجوري يرى ذلك واضحاً جلياً.

ولأهمية هذه الردود على المذاهب الدخيلة التي تزيت بزي الإسلام وعقيدته فإننا نقتصر على الإجابة بالأدلة النقلية النصية وبأقوال أهل العلم الموثقين المقبولين بإجماع أهل الأمة.

تحقيق المسألة:

التواتر في لغة القرآن والعرب التتابع قل أو كثر قال تعالى: {ثم أرسلنا رسلنا تترا كل ما جاء أمة رسولها كذبوه}.

والمعنى أن الرسل تتابعت إلى أممها وتواترت إليها.

قال الشوكاني: (والمتواتر لغة عبارة عن مجيء الواحد بعد الواحد بفترة بينهما مأخوذ من الوتر) "3" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069761#_ftn3).

وفي الاصطلاح: (خبر جمع عن جمع محسوس يمنع تواطؤهم على الكذب) "4" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069761#_ftn4).

وقيل: هو أن يرويه جماعة عن جماعة مثلها من أول طريقه إليهم قرناً فقرناً حتى يصل من الصادر منه إلى المرفوع إليه.

والآحاد: هو ما لم يوجد على صفة المتواتر.

ولا يظن ظان أن الآحاد ما رواه الواحد عن واحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم؛ فليس هذا المراد وإن عُد من الآحاد.

والمتواتر: عندهم هو أن يبلغ العدد مبلغاً من غير العادة تواطؤهم على الكذب ولا يُقيّد ذلك بعدد معين.

والمسالة كما هي معروضة واضحة دائرة حول حصول الاطمئنان القلبي، فهي في الأصل شاء المنكرون أم أبوا تعود إلى نفس الشخص السامع وحاله لا إلى ضابط صحيح.

وما دام أن المسألة تعود إلى السامع فقد يحصل الاطمئنان واليقين في نفس السامع بخبر الواحد فقط لاعتقاده بصدقه وقد لا يحصل الاطمئنان واليقين بخبر جماعة كثيرة لتردده وتوارد وساوسه.

ولعل إدراكنا لهذا الأمر يكشف لنا عن حقيقة أصل هذه البدعة - وهي رفض حديث الآحاد في العقيدة- وهو أن أقواماً ظنوا أن الحقائق هي ما وجدوه من نفايات اليونان؛ فوجدوا أن هذه الحقائق كما زعموا تخالف ما ورد من كتاب الله وسنة رسوله سواء أكانت هذه المسائل في الإلهيات أم في غيرها فانتحلوا الأسباب والدلائل لردها لحصول الشك لديهم في هذه النصوص فابتدع لهم شيطانهم هذه المقالة.

قال ابن القيم: (وأعلم أن خبر الواحد وإن كان يحتمل الصدق والكذب والظن وللتجوز فيه مدخل؛ ولكن هذا الذي قلناه - وهو أن الحديث بنفسه يفيد العلم- لا يناله أحد إلا بعد أن يكون معظم وقته مشتغلاً بالحديث والبحث عن سيرة النقلة والرواة ليقف على رسوخهم في هذا العلم وكبير معرفتهم به وصدق ورعهم في أقوالهم وأفعالهم وشدة حذرهم من الطغيان والزلل وما بذلوه من شدة العناية في تمهيد هذا الأمر والبحث عن أحوال الرواة والوقوف على صحيح الأخبار وسقيمها وكانوا بحيث لو قتلوا لم يسامحوا أحداً في كلمة واحدة يتقولها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا فعلوا هم بأنفسهم ذلك وقد نقلوا هذا الدين كما نقل إليهم وأدوا كما أدى إليهم وكانوا في صدق العناية والاهتمام بهذا الشأن ما يجلّ عن الوصف ويقصر دونه الذكر وإذا وقف المرء على هذا في شأنهم وعرف أحوالهم وخبر صدقهم وورعهم وأمانتهم ظهر له العلم فيما نقلوه ورووه) "5" ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=1069761#_ftn5).

ولآن أهل الحديث هم أدرى الناس بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعلم أمة محمد صلى الله عليه وسلم بما يفيد الاطمئنان واليقين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لا يفيد ذلك فقد حاول الخصوم إخراج هؤلاء الزمرة من ساحة المحاورة ليخلو لهم الجو فينشروا بضاعتهم الفجة ويوردها الناس بلا مدافع ولذلك قالوا: (وبعدما تبين اختصاص كل علم بموضوعه يتضح أن تحقيق مسألة عدم جواز الاستدلال بحديث الآحاد في العقيدة إنما يكون في علم أصول الفقه ولا تعلق له بالمسائل الفقهية والحديثية إلا من حيث التمثيل والتوضيح؛ بل هي التي لها علاقة بعلم الأصول أو لم يبنوا بحث هذه المسألة على الأسس الأصولية يكون بحثهم ناقصاً غير ناضج وبالتالي لا يعتد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير