تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فبأي شئ صار أولئك علماء الأمة الذين تُقاس بهم الكثرة والغلبة (؟؟؟)

دع عنك أن علماء ما بعد القرن السابع متنازعون في مسائل الاعتقاد بين سلفي وأشعري وخارجي ومعتزلي وإباضي ومرجئي ... فوصف إحدى طوائفهم بالجمهور متعذر ... نعم قد يصح هذا الوصف في مكان دون آخر أما كحكم عام على التاريخ الإسلامي أو حتى على حقبة واسعة منه=فهذا تعميم غير مرضي ..

وخلاصة القول:

1 - ليس الأشاعرة هم الأكثر ولا نحتاج في تعضيد هذا لأكثر مما ذكر ...

2 - ليس أهل السنة هم الأكثر عبر القرون السابقة كلهاوالبراهين على تلك والتي قبلها واحدة،وإدخال العوام في هذا ليس بحسن.

3 - التمدح بالكثرة خطأ ظاهر، والأدلة ظاهرة في أن أهل الحق والفرقة الناجية والطائفة المنصورة يكونون أقل من غيرهم. فلم الولوع بالكثرة على هذا النحو العجيب ... وفي المعتز بالكثرة المعير بالقلة شبه من القائل: {إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ}.

وأختم بهذا النص الشريف ..... الذي يُظهر لك أن علماء السلف لم يردوا تلك الشبهة الأشعرية بأن يجاروهم في دعوى الكثرة ... وإنما ردوا عليهم بسنن القرآن ...

قال ابن قدامة في كتابه: ((المناظرة في القرآن)):

((ومن العجب [أن] أهل البدع يستدلون على كونهم أهل الحق بكثرتهم وكثرة أموالهم وجاههم وظهورهم. ويستدلون على بطلان السنة بقلة أهلها وغربتهم وضعفهم.

[فصل مهم في الرد على ما ادعوه]

فيجعلون ما جعله النبي صلى الله عليه وسلم دليل الحق وعلامة السنة دليلاً على الباطل، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أخبرنا بقلة أهل الحق في آخر الزمان وغربتهم وظهور أهل البدع وكثرتهم.

ولكنهم سلكوا سبيل الأمم في استدلالهم على أنبيائهم وأصحاب أنبيائهم بكثرة أموالهم وأولادهم وضعف أهل الحق، فقال قوم نوح له {ما نراك إلا بشراً مثلنا وما نراك اتبعك إلا الذين هم أراذلنا بادي الرأي وما نرى لكم علينا من فضل بل نظنكم كاذبين} وقال قوم صالح فيما أخبرنا الله عنهم بقوله {قال الملأ الذين استكبروا من قومه للذين استضعفوا لمن آمن منهم أتعلمون أن صالحاً مرسل من ربه قالوا إنا بما أرسل به مؤمنون * قال الذين استكبروا إنا بالذي أمنتم به كافرون} وقال قوم نبينا صلى الله عليه وسلم {وقالوا نحن أكثر أموالاً وأولاداً وما نحن بمعذبين} وقال الله عز وجل {وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا} {وقال الذين كفروا للذين آمنوا لو كان خيراً ما سبقونا إليه} ونسوا قول الله عز وجل {وفرحوا بالحياة الدنيا وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع} وقوله سبحانه {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعد عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا} وقوله سبحانه {واضرب لهم مثلاً رجلين جعلنا لأحدهما جنتين من أعناب ...... } وقوله سبحانه {ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجهاً منهم} وقوله تعالى {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفاً من فضة ... } إلى قوله تعالى {وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين}.

وقد كان قيصر ملك الروم وهو كافر أهدى منهم، فإنه حين بلغه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم سأل عنه أبا سفيان فقال: يتعبه ضعفاء الناس أو أقوياؤهم؟ فقال بل ضعفاؤهم فكان مما استدل به على أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنهم أتباع الرسل في كل عصر وزمان.

وفي الآثار: أن موسى عليه السلام لما كلمه ربه تعالى قال له: يا موسى لا يغرنكما زينة فرعون هولا ما متع به فإنني لو شئت أن أريكما [زينة] أن مقدرته تعجز عن أقل مما أوتيتما لفعلت ولكنني أظن بكما عن ذلك وأزويه عنكما وكذلك أفعل بأوليائي وقديماً ما خرت لهم أني لأذوهم عن الدنيا كما يذود الراعي الشفيق إبله عن مبارك العرة، وإني لأجبنهم سلوتها ونعيمها كما يجنب الراعي الشفيق غنمه عن مراتع الهلكة وما ذلك لهوانهم علي ولكن ليستكملوا نصيبهم من الآخرة سالماً موفراً لم تكله الدنيا ولم يطعه الهوى. [صحيح من قول وهب بن منبه]

وقد روي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ:

" إنه دخل على النبي صلى الله عليه وسلم مشربة له فرفع رأسه في البيت فلم يرى فيه إلا أهبة ثلاثة، والنبي صلى الله عليه وسلم متكئ على رمال حصير، ما بينه وبينه شيء قد اثر في جنبه فقلت يا رسول الله وأنت على هذه الحال وفارس والروم وهم لا يعبدون الله لهم الدنيا، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم محمراً وجهه ثم قال: " أفي شك أنت يا ابن الخطاب، أما أرضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة " [حديث صحيح]

هذا معنى الخبر.

ثبتنا الله وإياكم على الإسلام والسنة، وجنبنا الكفر والبدعة، وحبب إلينا الإيمان وزبنه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان وجعلنا من الراشدين)).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير