*قال الخطيب:" فإذا كان المحدث ممن يتمنع بالرواية، ويتعسر بالتحديث، فينبغي للطالب أن يلاطفه في المسألة، ويرفق به، ويخاطبه بالسؤدد {28}، والتفدية {29}، ويديم الدعاء له، فإن ذلك سبيل إلى بلوغ أغراضه منه". {30}
وعلى هذا فطرحك للسؤال:
1 - يبدأ بتوقير الشيخ وعدم مناداته باسمه مجردا، فتقول: شيخنا الكريم .. ، فضيلة الشيخ ...
2 - عدم مخاطبته بضمير المخاطب: أنت أو قلتم، بل يتأدب فيقول: ذكر فضيلتكم، أو قلنا في الدرس كذا .. ، ما قول فضيلتكم في كذا ..
3 - يديم الدعاء له بين يدي سؤاله وفي ختامه نحو: أحسن الله إليكم، حفظكم الله، بارك الله فيكم، وفقكم الله تعالى، جزاكم الله خيرا، كما يدعو له بظهر الغيب.
4 - ملاطفة الشيخ بحسن الأدب معه، والرفق به، ومنه قول علي بن أبي طالب – رضي الله عنه –:
" إن من حق العالم ألا تكثر عليه بالسؤال، ولا تعنته في الجواب، وأن لا تلح عليه إذا كسل، ولا تأخذ بثوبه إذا نهض، ولا تفشين له سرا، ولا تغتابن عنده أحدا ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، وعليك أن توقره وتعظمه لله ما دام يحفظ أمر الله، ولا تجلس أمامه، وإن كانت له حاجة سبقت القوم إلى خدمته". {31}
5 - فإن أجابك على سؤلك فلا تعارض قوله بقول عالم مثله، ولا تماره كما فعل أبو سلمة مع ابن عباس فخزن عنه {32}.
(6)
هل تعلم أي ثمار تقطف - يا طالب العلم- من السؤال؟
1 - تحصيل العلم، إذ السؤال مفتاح بابه.
2 - رفع الجهل عن نفسك، حين علمت ما كنت تجهل.
3 - استخراج علم الشيخ، لأن هناك من المشايخ من لا يحدث حتى يسأل صونا للعلم عن بذله لمن لا يستحقه.
* قال شعبة: " رآني الأعمش وأنا أحدث قوما، فقال: ويحك أو ويلك يا شعبة، تعلق اللؤلؤ في أعناق الخنازير ". {33}
4 - نشاط الشيخ في درسه على قدر نشاط طلابه وفطنتهم، فالشيخ يحافظ على العلم الذي عنده إذا سئل،
* قال مكحول: قدمت دمشق وما أنا بشيء أعلم مني بكذا – لباب من أبواب العلم -، قال: فأمسك أهلها عن مسألتي حتى ذهب. {34}
4 - توجيهك لما يصلح حالك، فقد تسأل سؤالا لا تكون منه فائدة ولا نفع، فيوجهك شيخك لما فيه خيرك، كما في قصة الأعرابي الذي سأل عن الساعة، فقال له النبي ماذا أعددت لها؟ {35}
* قال أمية بن الصلت:
لا يذهبن بك التفريط منتظرا ***** طول الأناة ولا يطمح بك العجل
فقد يزيد السؤال المرء تجربة ***** ويستريح إلى الأخبار من يسل
وليس ذو العلم بالتقوى كجاهلها ***** ولا البصير كأعمى ما له بصر
فاستخبر الناس عما أنت جاهله ***** إذا عميت فقد يجلو العمى الخبر {36}
فاستفهم عما أشكل بأدب، وانتق سؤالك، وتخير وقته، ولا يصدنك حياء أو كبر، فيضيع العلم من بين يديك، وهنيئا لك بما علمت.
نفعني الله وإياكم بالعلم، وزيننا بالحلم، وجعل أعمالنا صالحة، ولوجهه خالصة، وغفر لنا، ولوالدينا، ولمشايخنا، ولمن علمنا وتعلمنا منه.
هذا سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
هوامش التوثيق:
{1} سورة النحل /43
{2} أخرجه أبو داود – كتاب الطهارة – باب في المجروح يتيمم – رقم الحديث {337} والحديث فيه ضعف.
{3} جامع بيان العلم (1/ 106)
{4} جامع بيان العلم (1/ 108)
{5} جامع بيان العلم (1/ 107)
{6} جامع بيان العلم (1/ 107 - 108)
{7} جامع بيان العلم (1/ 107)
{8} صحيح البخاري – كتاب العلم – باب الحياء في العلم
{9} العنت: الشدة والمشقة لسان العرب2/ 62
{10} جامع بيان العلم (1/ 108)
{11} جامع بيان العلم (1/ 108)
{12} أي هزلتموها لسان العرب15/ 330
{13} جامع بيان العلم (1/ 109)
{14} صحيح البخاري – كتاب العلم – باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال – رقم الحديث {132}
{15} السربال: القميص لسان العرب 11/ 335
{16} جامع بيان العلم (1/ 109)
{17} صحيح البخاري – كتاب العلم – باب الحياء في العلم.
{18} جامع بيان العلم (1/ 107)
{19} جامع بيان العلم (1/ 137)
{20} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 212)
{21} طبقات ابن سعد 2/ 368
{22} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 211)
{23} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 212)
{24} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 212)
{25} تفسير السعدي – سورة الحجرات/5 ص765
{26} جامع بيان العلم (1/ 108)
{27} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 209)
{28} بقوله: ياسيدي.
{29} بقوله: جعلني الله فداك.
{30} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 209)
{31} جامع بيان العلم (1/ 155)
{32} قال الزهري: كان سلمة يماري ابن عباس فحرم بذلك علما كثيرا. جامع بيان العلم (1/ 155)
{33} الجامع لأخلاق الراوي (1/ 205).
{34} جامع بيان العلم (1/ 107)
{35} أخرج البخاري كتاب:فضائل أصحاب النبي – باب: مناقب عمر بن الخطاب. رقم الحديث {3485}
عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال متى الساعة قال وماذا أعددت لها قال لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فقال أنت مع من أحببت قال أنس فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت قال أنس فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم
{36} جامع بيان العلم (1/ 106)
منقول.
¥