تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الولاء معناه المحبة والمودة والقرب، والبراء هو البغض والعداوة والبعد، والولاء والبراء أمر قلبي في أصله .. لكن يظهر على اللسان والجوارح .. فالولاء لا يكون إلا لله تعالى ورسوله -صلى الله عليه وسلم- وللمؤمنين كما قال سبحانه: ((إنَّمَا ولِيُّكُمُ اللَّهُ ورَسُولُهُ والَّذِينَ آمَنُوا .. )) .. فالولاء للمؤمنين يكون بمحبتهم لإيمانهم، ونصرتهم، والإشفاق عليهم، والنصح لهم، والدعاء لهم، والسلام عليهم، وزيارة مريضهم وتشييع ميتهم ومواساتهم وإعانتهم والسؤال عن أحوالهم، وغير ذلك من وسائل تحقيق هذا الولاء.

والبراءة من الكفار تكون: ببغضهم - ديناً - وعدم بدئهم بالسلام وعدم التذلل لهم أو الإعجاب بهم، والحذر من التشبه بهم، وتحقيق مخالفتهم - شرعاً - وجهادهم بالمال واللسان والسنان، والهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام (5) وغير ذلك من مقتضيات البراءة منهم (6).

- 3 -

أهل السنة يرحمون الخلق ويعرفون الحق، فهم أحسن الناس للناس، أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين، وهم في وئام تام، وتعاطف وتناصح وإشفاق كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر، حتى قال أحد علمائهم وهو - أيوب السَّخِتْياني -: «إنه ليبلغني عن الرجل من أهل السنة أنه مات، فكأنما فقدت بعض أعضائي» (7).

ولذا قال قوّام السنة إسماعيل الأصفهاني: "وعلى المرء محبة أهل السنة في أي موضع كانوا رجاء محبة الله له، كما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول الله تعالى:» وجبت محبتي للمتحابين فيّ، والمتجالسين فيّ، والمتلاقين فيّ «رواه مالك وأحمد، وعليه بغض أهل البدع في أي موضع كانوا حتى يكون ممن أحب في الله وأبغض في الله" (8).

ولا شك أن هذا الولاء فيما بين أهل السنة، إنماهو بسبب وحدة منهجهم، واتحاد طريقتهم في التلقي والاستدلال، والعقيدة والشريعة والسلوك، ..

- 4 -

الكفار هم أعداؤنا قديماً وحديثاً سواء كانوا كفاراً أصليين كاليهود والنصارى أو مرتدين، قال تعالى: ((لا يَتَّخِذِ المُؤْمِنُونَ الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إلاَّ أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً)) [آل عمران 28].

يقول ابن كثير في تفسير هذه الآية: "نهى تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن يوالوا الكفار وأن يتخذوهم أولياء يسرون إليهم بالمودة من دون المؤمنين، ثم توعد على ذلك فقال تعالى: ((ومَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ)) أي ومن يرتكب نهي الله في هذا فهو بريء من الله، كما قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ المُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً .. )) [النساء 144]، وقال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا اليَهُودَ والنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ومَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإنَّهُ مِنْهُمْ)) (9).

فهذه حقيقة ثابتة لا تتغير ولا تتبدل، وهي أن الكفار دائماً وأبداً هم أعداؤنا وخصومناً .. كما قرر ذلك القرآن في أكثر من موضع، فقد بين الله سبحانه وتعالى هذه الحقيقة فقال سبحانه عنهم: ((لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً .. ) وقال تعالى: ((مَا يَوَدُّ الَذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ ولا المُشْرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيْكُم مِّنْ خَيْرٍ مِّن رَّبِّكُمْ .. ) وقال سبحانه: ((ودَّ كَثِيرٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُم مِّنْ بَعْدِ إيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم .. ) هكذا حذر الله تعالى من الكفار: ((أَلا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ)) .. ولكي يطمئن قلبك .. فانظر إلى التاريخ في القديم والحديث .. وما فعله الكفار في الماضي وما يفعلونه في هذه الأيام، وما قد سيفعلونه مستقبلاً.

ورحم الله ابن القيم عندما عقد فصلاً فقال: «فصل في سياق الآيات الدالة على غش أهل الذمة للمسلمين وعداوتهم وخيانتهم وتمنيهم السوء لهم، ومعاداة الرب تعالى لمن أعزهم أو والاهم أو ولاّهم أمر المسلمين» (10).

- 5 -

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير