تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وعلى كل حال فقد قامت دولة الفاطميين فى المغرب ومصر والشام واستمرت وقتا طويلا، فهل كان انتسابها إلى فاطمة رضى الله عنها رضى واسعا بمانع لها من ارتكاب المظالم والمفاسد شأن غيرها الدول فى ذلك الوقت، ودعنا من انحرافاتها العقيدية واختلال عقل الحاكم بأمر الله وسلوكه وغير ذلك؟ إن الحُكْم هو نشاط بشرى يجرى عليه ما يجرى على كل أنشطة البشر من صلاح أو فساد، واستقامة أو اعوجاج. يستوى فى هذا أن يكون الحاكم من ذرية على وفاطمة أو لا يكون، إذ لا عصمة لأحد. كما أن صلاح الحكم إنما يعتمد بالدرجة الأولى على يقظة الرعية ومنافحتها عن حقوقها واستعدادها لفداء تلك الحقوق بالغالى والرخيص، وإلا فعلى الحكم العفاء، ولن ينفع حينئذ أن يكون متوليه منتسبا إلى أشرف الشرفاء. هذه هى القضية بكل صراحة واختصار، وبغير ذلك نكون كمن ينفخ فى قربة مقطوعة.

ويقول الموسوى عما نُسِب إلى أبى هريرة من أحاديث نبوية (ص9): "بين أيدينا الآن من هذه الملاحظات ألوان: بعضها يمس الطبائع في نواميسها وفطراتها، وبعضها متناقض متداحض، وبعضها خارج على قواعد العلم المشتقة من صلب الدين، وكثير منها تزلف إلى بني أمية أو إلى الرأي العام في تلك الايام، وبعضها خيال أو خبال، وهي بجملتها خروج على أصول الصحة في كل معانيها". ومما ساقه من شواهد على ذلك قوله (ص10): "فمن بلاياه (أى من بلايا أبى هريرة) أن ملك الموت كان قبل موسى يأتي الناس عيانا حتى أتى موسى فلطمه موسى ففقا عينه، وأرجعه على حافرته إلى ربه أعور! فكان بعد هذه الحادثة يأتي الناس خفيا! ومنها ذلك الجراد الذهبي المتراكم يتساقط على أيوب عليه السلام وهو يغتسل، فجعل يحثى منه في ثوبه. ومنها مجىء الشيطان إليه في صورة رجل في ثلاث ليالي متوالية ليسرق لعياله وأطفاله الجوعى من طعام كان أبو هريرة موكولا إليه حفظه في خرافة عجيبة. ومنها حديثه إذ كان، فيما زعم، مع العلاء في أربعة آلاف فأتَوْا خليجا من البحر ما خاضه أحد قبلهم، ولا يخوضه أحد بعدهم، فأخذ العلاء بعِنَان فرسه فسار على وجه الماء، وسار الجيش وراءه. قال أبو هريرة: فوالله ما ابتلّ لنا قدم ولا خف ولا حافر! ومنها أحاديث تناول فيها الحق تبارك وتعالى فصوَّره في أشكالٍ تعالى الله عز وجل عنها علوا كبيرا، كحديثه في ان الله خلق آدم على صورته، طوله ستون ذراعا في سبعة أذرع عرضا. وهذا افتتان في خيال طريف في تصوير الله تعالى وآدم ضمَّنه أدبا بارعا وتعاليم إن ننسبها إلى الدين الاسلامي نجد فيها إغرابا يثير فينا الضحك والبكاء في آن واحد. وله أحاديث عني فيها بالانبياء عليهم السلام فوصفهم بما تجب عصمتهم منه. وحسبك منها حديثه إذ وصف أهوال القيامة فصور الناس يفزعون إلى آدم ثم إلى نوح ثم إلى ابراهيم ثم إلى موسى ثم إلى عيسى عليهم السلام في لجلجة لم تعد عليهم بطائل لأن هؤلاء الانبياء (ع) حجبت، على زعم أبي هريرة، شفاعتهم بما فرض لهم هذا الرجل من الذنوب التي غضب الله بها عليهم غضبا بكرا فذا ما غضب مثله قبله ولن يغضب مثله بعده. وأخيرا كانت الشفاعة لرسول الله صلى الله عليه وآله. وَىْ! كأن أبا هريرة لم يجد سبيلا إلى تفضيل النبي صلى الله عليه وآله إلا بالغض من سلفه أولى العزم عليهم السلام. وحديثه المتضمن نسبة الشك إلى خليل الله ابراهيم عليه السلام إذ قال: "ربِّ، أرني كيف تحيي الموتى؟ " في كلام جعل رسول الله صلى الله عليه وآله أحق بالشك من ابراهيم، وجعل يوسف أفضل من النبي بالصبر والأناة، ولم يسلم فيه لوط من التفنيد إذ قال: "أو آوِى إلى ركنٍ شديدٍ". وحديثه المشتمل على نقض سليمان حكم أبيه في أسطورة مثلت متداعيتين على ولد قضى به داود للكبرى فقال سليمان: ائتوني بالسكين أشقه بينهما. فقالت الصغرى: لا تفعل! هو ابنها! فقضى به للصغرى. والتناقض بين نبيين في حكم خاص من أحكام الله تعالى لا يتفق ومباني العقائد الاسلامية الصحيحة. وأطرف ما في هذه الاسطورة حَلِف أبي هريرة أنه لم يكن سمع في حياته بـ"السكين" إلا يومئذ وأنهم ما كانوا يقولون إلا "المُدْية" ... إلخ".

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير