تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لقد روى أبو هريرة عن الرسول الأكرم آلاف الأحاديث الأخرى فى مختلف مجالات الحياة، وهذه الأحاديث تنضح بأمارات العبقرية النبوية، فكيف يتجاهل الموسوى كل تلك الآلاف التى رواها صحابينا الجليل من حديثه صلى الله عليه وسلم ولا يذكر له إلا تلك التى يظن أنها تسىء له؟ وهذا لو قبلنا أنها أحاديث خاطئة أولا، وأن أبا هريرة رضى الله عنه هو الذى يتحمل وزر ما فيها من خطإ ثانيا. ومن ذا الذى يا ترى فى دماغه عقل وفهم ويمكنه الإقدام على اتهامه رضى الله عنه بهذا؟ ونقرأ فى ترجمة أبى هريرة رضى الله عنه فى الطبعة الجديدة من " The Encyclopaedia of Islam: دائرة المعارف الإسلامية" أن من رَوَوْا عنه قد بلغوا 800، فلماذا نحمّله هو الخطأ إن ثبت خطأ شىء مما نُسِب إليه من حديث، ونعفى الذين يأتون بعده فى سلسلة الإسناد أو نسكت فلا نقول إن المسؤول عن ذلك هو مَنْ صَنَعَ هذه السلسة صنعا؟ لقد كان الرجل مخلصا فى إسلامه، ولم يكتف بالدخول فى دين محمد عليه السلام، بل ظل وراء أمه حتى أقنعها باعتناقه هى أيضا، فكيف يصح أن نهاجمه ونتهمه فى صدقه وإخلاصه ودينه؟

ولقد وجدتُ روبسون كاتب ترجمة أبى هريرة فى "دائرة المعارف الإسلامية" المذكورة يدفع عنه اتهام سبرنجر قائلا ما قلته قبل قليل من أن من الممكن جدا أن يكون من رَوَوُا الأحاديث باسمه هم الذين اختلقوا الخاطئ منها. أما الرواية المنسوبة إلى أبى هريرة من أنه لما شكا النسيان إلى النبى عليه السلام أمره أن يبسط رداءه ... إلخ فقد كان روبسون أحكم وأعقل حين قال إن من المستحيل التحقق من صدقها أو زيفها، بخلاف الموسوى الذى حكم عليها وعلى الصحابى الكريم بالكذب قولا واحدا دون تردد ولا مثنوية. قال روبسون: " There is a story, given in slightly different forms, in which he explains why he transmitted more traditions than others. He says that while others were occupied with their business he stayed with Muhammad, and so he heard more than they. When he complained that he forgot what he heard, Muhammad told him to spread out his cloak while he was speaking and draw it round himself when he had finished. Abu Hurayra did so, and thereafter forgot nothing he heard the Prophet say. He had to defend himself against suspicions regarding his traditions; but whether this is genuine, or has merely been invented for the purpose of overcoming the suspicions of people at a later period, it is impossible to prove."

وقد عقد المؤلف الهجام هو ذاته مبحثا خاصا للأحاديث التى يرى أنها زُيِّفَتْ ثم نُسِبَتْ إلى على وغيره من آل البيت. فهل يصح أن نعصب هذه الأحاديث المزورة برأس علىّ وآل بيته لمجرد أن أسماءهم وردت على رأس سلاسل إسنادها؟ فلماذا إذن يريد أن يحمّل أبا هريرة، وأبا هريرة وحده، المسؤولية فى الأحاديث التى نُسِيَتْ إليه مما يرى هو أنه غير صحيح؟ ألا يرى القارئ أنه يكيل بمكيالين؟ وها نحن أولاء ننقل ما كتبه الموسوى عن هذا الموضوع فى المبحث الخامس من كتابه، وهو (بنص كلامه) في الاشارة إلى ما جنته الدعاية السياسية على الآثار النبوية وما اختلقته دجاجيلها (أى دجاجيل الدولة الأموية) تزلفا إليها ومازوّقوه ليشتروا به ثمنا قليلا وما افتأتوه من الأسانيد تثبيتا لحديث حميد عن أبي هريرة. قال: "كان وضع الحديث على عهد معاوية حرفة منمقة يتَّجِر بها كل متزلف إلى تلك الدولة وعمالها، وكان لأولئك المتزلفين المتجرين لباقة في تزويق تجارتهم وترويجها لا يشعر بها على عهدهم إلا أولو البصائر النافذة والأحلام الراسخة، وقليل ماهم. وكان من ورائهم من يرفع ذكرهم من الخاصة ويروّج حديثهم من حفظة السنن المستأجَرين، وحملة العلم المتزلفين، ومن المرائين بالعبادة والتقشف كحميد بن عبد الرحمان ومحمد بن كعب القرظي وأمثالهما، ومن زعماء القبائل في الحواضر وشيوخ العشائر في البوادي. وكان هؤلاء كلهم إذا سمعوا ما يحدث به أولئك الدجالون روّجوه عند العامة، وأذاعوه في رَعَاع الناس من مسلمي الفتوحات بعد النبي وخطبوا به على المنابر، واتخذوه حجة، واعتدّوه أصلا من الاصول المتبعة، وكان الثقات الأثبات من سدنة الآثار النبوية لا يسعهم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير