تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الإيمانى، وهو النسب الذى يضعه الإسلام فوق كل الأنساب.

ليس ذلك فحسب، بل كان أبو هريرة هو الدوسى الوحيد الذى استجاب لدعوة طفيل بن عمرو الدوسى الشاعر المشهور. وكان ذلك الشاعر قد أتى النبى وهو لا يزال بمكة فآمن به رغم كل ما صنعته قريش من أجل صده عن الدين الجديد وعن صاحبه وتنفيره منه، ثم عاد إلى بلاده فى اليمن وقد عقد العزم على دعوة قومه إلى الإسلام، فلم يسلم منهم إلا أبو هريرة, أفلا يكفى أبا هريرة شرفا أنه الوحيد الذى استجاب لنداء الحق من كل بنى قومه كما جاء فى "الإصابة" لابن حجر و"الطبقات" لابن سعد وغير ذلك، ثم لم يكتف بهذا بل ظل وراء أمه حتى أقنعها باعتناق الإسلام بعد طول شِمَاس منها وتأبٍّ وتطاول على رسول الله، ثم أقبل يعدو ليبشر رسول الله وهو يبكى من الفرح بأن الله استجاب دعاءه صلى الله عليه وسلم بهدايتها؟ كما كان رضى الله عنه لصيقا بنبى الله، الذى لم يبد عليه قط أية إشارة تدل على ضيقه به أو رغبته فى أن يبتعد عنه، بل كان على قلبه، كما تدل على ذلك الشواهد، أحلى من العسل. فهل هناك شرف أشرف من هذا الشرف؟ وإن كنيته لهى من أحلى الكُنَى وأجملها وأرقها وأخفها على اللسان والقلب والعقل جميعا. ولسوف يبقى اسم "أبى هريرة" مكتوبا على قرطاس التاريخ بحروف من نور وهاج فى الوقت الذى لا يبالى فيه أحد باسم الموسوى مهما تطاول على الصحابى الجليل من هنا ليوم الدين. يا رجل، ألا تستحى أن تتطاول على رجل أعزه الإسلام وقرّبه النبى الذى تؤمن به وعطف عليه، وقدَّر ما كان يسديه للدين من خدمات؟ أم هو مجرد تشدق بالإسلام، والسلام؟ ثم تعال بنا إلى أمير المؤمنين على بن أبى طالب، الذى تجعلونه هو الإسلام وتجعلون الإسلام هو إياه، وهو ما لا نوافقكم عليه رغم حبنا وإكبارنا وإجلالنا وإعجابنا العظيم به كرم الله وجهه، إذ الإسلام أكبر من علىّ ومن كل الصحابة ومن كل المسلمين أجمعين من هنا إلى يوم الدين! فهل نَدَّ عن لسان علىٍّ شىء ينال من أبى هريرة رضى الله عنه؟ هات كلمة واحدة حقيقية عن على يبدو منها أنه، كرم الله وجهه، كان ينظر إلى أبى هريرة بعين الاحتقار أو الريبة أو الضيق. يا أخى، ألم تسمع بقول نبينا الكريم: الحياء خير كله؟

ومما قاله الموسوى حقدا منه على الصحابى الجليل (ص19): "وكُنِّىَ: "أبا هريرة" بهرة صغيرة كان مغرما بها. ولعل من غرامه بها حدّث عن رسول الله صلى الله عليه وآله أن امرأة دخلت النار في هرة ربطتها فلم تُطْعِمها ولم تَدَعْها تأكل من خَشَاش الأرض". وهذا سخف وتنطع لا يؤبه بهما، إذ السنة النبوية مفعمة بالدعوة إلى الرفق بالحيوان، الحيوان كله: هِرَرًا وغير هِرَر: فهناك حديث عن كلبٍ برَّح به العطش فسقاه رجل، فغفر الله له وشكر له برحمته الكلب المسكين. و"عن أبي عمرو الشيباني قال: كنا جلوسا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سفر، فأصاب بعضُهم فرخَ عصفور، فجعل العصفور يقع على رحالهم، فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يردوا عليه فرخه، ثم قال: إن الله أرحم بعباده من هذا العصفور بفرخه". وقال عليه السلام: "من قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها سأل الله عز وجل عنها يوم القيامة". وكان له صلى الله عليه وسلم هرة فكان يصغى لها الإناء حتى تشرب. وكان لأنس بن مالك أخ صغير اسمه أبو عُمَيْر، وكان له بلبل يلعب به، ثم مات البلبل، فكان كلما زارهم الرسول فى بيتهم داعبه للتسرية عنه قائلا: يا أبا عُمَيْر، ما فعل النُّغَيْر؟ كذلك هناك حديث يتحدث فيه النبى عليه السلام عن أرواح الشهداء فى الجنة وكيف أنها ستكون فى حواصل طيرٍ خُضْرٍ: "إن أرواح شهداء المسلمين في حواصل طيرٍ خُضْرٍ تغدو إلى رياض الجنة، ثم يكون مأواها إلى قناديل معلقة بالعرش". وهناك أيضا ذلك الحديث الشريف الذى يوصى المسلم برَكوبته فلا يرهقها أو يحمّلها فوق طاقتها متصورا أن ذلك أحرى أن يبلغ به غايته سريعا، فلا هو يبلغ غايته، ولا هو يُبْقِى على الرَّكوبة. ثم هناك ذلك الحديث الآخر الذى سمع فيه النبى امرأة تلعن رَكوبتها فنهاها صلى الله عليه وسلم عن لعن الحيوان. فهل كان أبو هريرة وراء ذلك كله؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير