تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الواقع أنه لو كان أبو هريرة هو مخترع حديث الهرة لقد بلغ أبو هريرة بهذا الاختراع مرتقى نبيلا صعبا قلما يستطيع أحد من البشر الارتقاء إليه. لقد كتبت مثلا الصحافية والأنثروبولوجية الهولندية فرانسيسكا دى شاتل ( Francesca De Chatel) مقالا عظيما كله إعجاب وانبهار بالرسول والإسلام جعلت عنوانه: "محمد، رائد الحفاظ على البيئة: Muhammad: A Pioneer of Environmentalism"، وكان مما سلطت الضوء عليه فى ذلك المقال دعوة الإسلام إلى الرفق بالحيوان. أفلا ينبغى أن يكون لدينا عقل ندرك به قيمة الدين الذى أكرمنا الله به كما أدركتها تلك الهولندية؟ أم لا بد أن نفسد كل شىء من أجل الزراية على أبى هريرة، رضى الله عنه رضى واسعا عريضا ولا رضى عمن يظن أنه يستطيع الإساءة إليه بهذه السخافات المتخلفة؟ ويجد القارئ هذا المقال بالإنجليزية مشفوعا بترجمتى إياه إلى العربية فى الفصل الأول من كتابى: "مختارات إنجليزية استشراقية عن الإسلام" (المنار للطباعة والنشر/ القاهرة/ 1430هـ- 2009م/ 7 - 25).

ومن تنطع الموسوى أنه يحاج أبا هريرة هنا بما قال إن عائشة قد ردت به على ذلك الحديث تكذّب الصحابى الكريم. وهذا نص ما كتب: "وردّت عليه عائشة إذ بلغها حديثه هذا" (ص19). وإن لى لسؤالا هنا، إذ منذ متى تقيمون يا موسوى لما تقوله عائشة أو لعائشة ذاتها وزنا يا كارهى الخلفاء الراشدين وأمهات المؤمنين والصحابة أجمعين إلا نفرا قليلين، رضى الله عنها وأرضاها ولا رضى عمن يختلق عليها البهتانات ويبغضها ويبغض أباها؟ أليست عائشة هذه، رضى الله عنها وأرضاها ولا رضى عمن ينالون منها ومن سمعتها غير عابئين بمحية النبى لها ولا بعِرْضه صلى الله عليه وسلم، إذ عِرْضها هو عِرْضه، وعِرْضه هو عِرْضها، لكن بعض البشر لا يفقهون، وهم على أبصارهم وبصائرهم مطموسون، نعم أليست عائشة هذه هى التى تنهشون عرضها وتظنون أنكم تتقربون إلى الشيطان بنهشكم هذا؟ لا أقر الله عين من يقول فيها الكذب والبهتان وأرداه الله فى قعر الجحيم.

ولقد ورد ذلك الحديث لدى البخارى وابن ماجة والألبانى عن أبى هريرة مرة، وعن ابن عمر مرة، وعنهما كليهما مرة ثالثة، ولم يرد فيه أن عائشة قد اعترضت على شىء منه. أى أن أبا هريرة ليس هو وحده راوى هذا الحديث، كما أن عائشة لم تعترض على الحديث. ثم إنك يا موسوى قد قلت بعظمة لسانك إن النبى رآه وهو يضع الهرة فى كمه ويحنو عليها، فهل سمع أحد رسول الله ينهاه عن ذلك أو ينكر عليه أو حتى يسخر منه مجرد سخرية؟ لقد كان صلى الله عليه وسلم يداعبه بهذا ويتخذها فرصة ليدخل البهجة على قلب الشاب المسكين الواسع القلب الكبير الرحمة، أفتأتى أنت وتقلبها مذمّة سوداء، وتهتبلها سانحة لتمضغ سمعته بأسنان الحقد وأضراسه، وتحاول عبثا النيل من قدره بلسان الزيف والبهتان رضى الله عنه؟ فمن أنت حتى تسلك سلوكا يناقض ما صنعه النبى عليه السلام؟ هلا فِئْتَ إلى العقل والذوق واللياقة واتبعت سنة النبى الذى تؤمن به؟ أَوَلا بد أن يكون الإنسان قاسى القلب لا يعطف على حيوان أعجم ولا يلعب معه حتى يعجبك؟ عجبا لك يا أخى! دع الحقد على صحابة رسول الله ولا تتخذ من نفسك معقبا عليهم ومؤاخذا لهم. فمن أنت حتى تصنع ذلك، وليس لك مُدّ أحدهم ولا نَصِيفه؟

وفى صفحتى 26 - 27 يكتب الموسوى "أن عمر بعثه (أى بعث أبا هريرة) واليا على البحرين سنة إحدى وعشرين. فلما كانت سنة ثلاث وعشرين عزله وولى عثمان بن أبي العاص الثقفي، ولم يكتف بعزله حتى استنقذ منه لبيت المال عشرة الآف زعم انه سرقها من مال الله في قضية مستفيضة. وحسبك منها ما ذكره ابن عبد ربه المالكي "فيما يأخذ به السلطان من الحزم والعزم من أوائل الجزء الاول من "عقده الفريد" إذ قال، وقد ذكر عمر: ثم دعا أبا هريرة فقال له: علمتَ أني استعملتك على البحرين وأنت بلا نعلين، ثم بلغني أنك ابتعت أفراسا بألف دينار وستمائة دينار. قال: كانت لنا أفراس تناتجت، وعطايا تلاحقت. قال: حسبتُ لك رزقك ومؤنتك، وهذا فضل، فأدِّه. قال: ليس ذلك. قال: بلى والله، وأُوجِع ظهرك. ثم قام إليه بالدرة فضربه حتى أدماه، ثم قال: ائت بها. قال: أحتسبها عند الله. قال: ذلك لو أخذتَها من حلال وأديتها طائعا! أجئت من أقصى حجر البحرين يجبى الناس لك لا لله ولا للمسلمين؟ ما رجعت بك أمسية إلا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير