تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وبعد قليل جاء تعليقه الثانى علىَّ هكذا: "بسمه تعالى. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. الإستاذ العزيز إبراهيم عوض، أرجو أن تكون بصحة وعافية وأدعوا الله لك وللجميع بالخير والبركة في كل حياته ومماته. أخي وحبيبي، أرجو أن تعيد قراءة ماكتبته لك فأنا، وأعوذ بالله، لم أتطاول عليك في كتابي، وأعوذ بالله أن أتطاول على أنسان فضلا عن أنه مسلم، "المسلم من سلم الناس من لسانه ويده". فأين هو التطاول؟ ومع هذا إن كنتُ فعلت ذلك "فعلتها إذن وأنا من الضالين"، فأرجوا أن تسامحني! أما مايتعلق بالوحدة الإسلامية فهذا أمر مطلوب وندعوا له وهذا لا يعني أن أتنازل عما أؤمن به أو تتنازل أنت عما تؤمن به. ولا نعني بالوحدة الإسلامية أن يتخلى كل ذي مذهب عن فكره واجتهاده الذي يطمئن إليه بل نقصد من وراء ذلك إلى الوحدة في الموقف والتلاحم بين الصفوف والتنسيق في العمل وبذل الجهود في مواجهة التحديات التاريخية والحضارية التي تواجه الأمة وتكتنف مسيرتها وتحيط بها من كل جانب. ويلزم التمهيد لذلك بعاملين: الأول: استساغة تعدد النظر وتباين الآراء باعتبارهما أمرين فطريين ناشئين عن تفاوت الأفهام بين البشر ومحاولة إيجاد صيغة للالتقاء بينها. الثاني: جعل المصلحة العليا للإسلام الهدف الأسمى من وراء كل تحرك ونشاط. ومن هذا المنطق أردنا أن نسلك هذا الدرب الرسالي في إرساء دعائم التلاحم والتقارب بين المذهبين العريقين والإخوة المتحابين من الشيعة والسنة حتى تسير الأمة في إطارها الوحدوي المرسوم لها من قبل الله عز وجل: "إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" (الأنبياء/ 92)، "وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" (المؤمنون/ 52). وقد سار في هذه السبيل الراشدة، وبخاصة في المجال الفقهي، بعض السادة الفضلاء والأساتذة الأجلاء الذين أثروا بكتاباتهم القيمة الفكر الإسلامي وأخذوا على عاتقهم تبعة توحيد صفوف الأمة ونظم عقد اجتماعها وتقريب وجهات النظر فيما بينها.

فهذا الأستاذ الأكبر الشيخ محمود شلتوت رحمه الله عندما كان شيخا للأزهر يقول في فتواه التاريخية التي أصدرها: قيل لفضيلته إن بعض الناس يرى أنه يجب على المسلم لكي تقع عباداته ومعاملاته على وجه صحيح أن يقلد أحد المذاهب الأربعة المعروفة، وليس من بينها مذهب الشيعة الإمامية ولا الشيعة الزيدية، فهل توافقون فضيلتكم على هذا الرأي على إطلاقه فتمنعون تقليد مذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مثلا؟ فأجاب فضيلته: 1 - إن الإسلام لا يوجب على أحد اتباع مذهب معين بل نقول: إن لكل مسلم الحق في أن يقلد بادئ ذي بدء أي مذهب من المذاهب المنقولة نقلا صحيحا والمدونة أحكامها في كتبها الخاصة. ولمن قلد مذهبا من هذه المذاهب أن ينتقل إلى غيره، أي مذهب كان، ولا حرج عليه في شئ من ذلك. 2 - إن مذهب الجعفرية المعروف بمذهب الشيعة الإمامية الاثني عشرية مذهب يجوز التعبد به شرعا كسائر مذاهب أهل السنة. فينبغي للمسلمين أن يعرفوا ذلك وأن يتخلصوا من العصبية بغير حق لمذاهب معينة. فما كان دين الله وما كانت شريعته بتابعة لمذهب أو مقصورة على مذهب، فالجميع مجتهدون مقبولون عند الله تعالى يجوز لمن ليس أهلا للنظر والاجتهاد تقليدهم والعمل بما يقررونه في فقههم، ولا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات. ولا شك أن هذه الفتوى التاريخية كان لها صدى واسع ودور بالغ في إصلاح ذات البين وفتح باب التقارب والتجاوب بين المسلمين.

ويقول الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه (الإمام الصادق ص 16): "وأن المسائل التي يتخلف فيها الفقه الإمامي نجد من بينها حتما ما يتفق مع رأي الجمهور، ونجد ما لا يوافق الجمهور، وليس فيه معارضة لكتاب أو سنة، نجد له وجهة معقولة يقبلها الدارس الفاحص كقولهم بجواز إنهاء الوقف وتقسيمه بين المستحقين إذا طلبه بعضهم ولو كان الوقف مرتب الطبقات. وقد ذكرنا في بعض بحوثنا أن القانون (رقم 180 لسنة 1952) الذي أنهى الوقف الأهلي يتلاقى مع ذلك الرأي الذي نص عليه في فقه الإمامية وأن الأقوال التي نرى أنها تخالف إجماع جماهير المسلمين ليست كثيرة. ولهذا نقرر أن الفقه الاثني عشريا ليس بعيدا كل البعد عن فقه أئمة الأمصار". ويقول أيضا عند حديثه عن البلاد التي ينتشر فيها التشيع (ص 567): "إن أكثر البلاد الإسلامية، وخصوصا النائية عن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير