تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[19 Mar 2009, 03:37 م]ـ

الكتاب التاسع عشر:

تراجم لتسعة من الأعلام، تأليف الشيخ محمد بن إبراهيم الحمد، الطبعة الأولى 1428هـ، دار ابن خزيمة.

يقول الشيخ محمد وفقه الله:

فإن الهمم لتخمد، و إن الرياح لتسكن، وإن النفوس ليعتريها الملل، وينتابها الفتور.

وإن سير العظماء لمن أعظم ما يذكي الأوار، ويبعث الهمم، ويرتقي بالعقول، ويوحي بالاقتداء.

وكم من الناس من أقبل على الجد، وتداعى إلى العمل، وانبعث إلى معالي الأمور، وترقى في مدارج الكمالات بسبب حكاية قرأها، أو حادثة رويت له.

ولقد يسر الله لي أن أكتب عدداً من التراجم القصيرة لبعض العظماء والعلماء.

ولم تكن تلك الكتابة مقصودة بعينها، وإنما أُنشئت في ثنايا بعض الكتب أو الموضوعات، أو كتبت لسؤال عن عالم من العلماء، أو كتبت بعد وفاة بعض الشخصيات المؤثرة وهكذا.

فصارت تلك التراجم متناثرة هنا وهناك، فنشأت فكرة جمعها في كتاب واحد.

وكانت الأمنية تراودني في الكتابة عن كثير من الشخصيات، وأن يكون لكل واحد من هؤلاء ترجمة مفردة خاصة به، غير أني خشيت تراكم الأعمال، وألا يسعفني الوقت والعمر.

ومن هنا استقر الأمر على إعادة النظر في بعض التراجم، وإضافة ما يمكن إضافته فما لا يدرك كله لا يترك كله، ولعل هذه التراجم تكون نواة للتوسع ومزيد من البسط والإفراد، واستخلاص العبر، واستجلاء الفوائد من تلك التراجم.

هذا وإن من أعظم المقاصد لكتابة تلك التراجم بيان الجوانب المشرقة ـ وما أكثرها ـ من سير عظمائنا، والتنويه بما لهم من أعمال جليلة، وأياد بيضاء، وإيقاظ الهمم وحفزها، والارتقاء بالأخلاق وتقويم عوجها، وتزويد القارئ بشيء من خلاصات التجارب، وقرائح الأفهام.

ولهذا فإنك لن تظفر بهذه التراجم بنقد، ولا محاكمة، ولا إيراد غميزة. اهـ.

والكتاب ترجم لتسعة من الأعلام:

- العلامة أحمد بن فارس اللغوي.

- نور الدين محمود الشهيد.

- شيخ الإسلام أحمد بن تيمية.

- الشيخ العلامة محمد الخضر حسين.

- الشيخ العلامة محمد الطاهر عاشور.

- الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي.

- الشيخ العلامة عبدالرحمن السعدي.

- الشيخ العلامة محمد بن إبراهيم آل شيخ.

- الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز.

وما يعنينا في هذه التراجم هو تراجم العلماء المعاصرين وهم:

الشيخ محمد الخضر حسين، والشيخ محمد الطاهر عاشور، والشيخ الإبراهيمي، والشيخ السعدي، والشيخ محمد بن إبراهيم، والشيخ عبدالعزيز بن باز، رحمة الله على الجميع.

أول ترجمة ابتدأ بها المؤلف من تراجم العلماء المعاصرين، ترجمته للشيخ محمد الخضر حسين، والصحيح أنه لا يصدق عليها مسمى ترجمة، إنما هي جملة من الكتابات النثرية والأبيات الشعرية للشيخ محمد الخضر رحمه الله.

ثم ثنى المؤلف وفقه الله بذكر ترجمة للشيخ محمد الطاهر بن عاشور ومن الجيد أن نذكر شيئاً من الفوائد في هذه الترجمة:

1 ـ للشيخ محمد الطاهر ابن عاشور أوليات تستحق الوقوف عندها، والإشارة إليها، وهي مظهر من مظاهر تميز المترجم له رحمه الله وفيما يلي شيء من ذلك:

- أنه أول من فسر القرآن كاملاً في إفريقية، وذلك في كتابه العظيم (التحرير والتنوير) وإفريقية اسم يشمل البلاد التونسية وما حولها، وتحديداً ما بين برقة وطنجة، وقد يطلقها البعض على القيروان كونها كانت مقر الإمارة.

وقد سبقه إلى ذلك يحيى بن سلام القيرواني (ت 200هـ)، الذي صنف كتاب (التصاريف) وهو تفسير القرآن مما اشتبهت أسماؤه وتصرفت معانيه، أي في الوجوه والنظائر، غير أن التفسير الكامل للقرآن الكريم كان على يد الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور، فقد ادخر الله هذا الفضل له، ليتوجه به، وقد أخبر بذلك السيد الحبيب الجلولي، ابن أخت الشيخ محمد الطاهر، أحد وجهاء الحاضرة التونسية، الحافظين لتراثها وتاريخها.

- وهو أو من أحيا التصنيف في مقاصد الشريعة في عصرنا الحالي بعد العز ابن عبدالسلام (ت 660) والشاطبي (790).

- وهو أول من أدخل إصلاحات تعليمية وتنظيمية في الجامع الزيتوني في إطار منظومة تربوية فكرية، صاغها في كتابه: (أليس الصبح بقريب) الذي ألفه في بواكير حياته، والذي يدل على عقلية تربوية فذة، والذي كان شاهداً على الإصلاح التربوي، والتعليمي الشرعي المنشود. ص158 ـ 160.

2 ـ وقد وصف ابن عاشور نفسه بقوله: (ولا آنس برفقة، ولا حديثٍ أُنسي بمسامرة الأساتيذ والإخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حُبب إلي شيء ما حُببت إلي الخلوة إلى الكتاب والقرطاس متنكباً كل ما يجري من مشاغل تكاليف الحياة الخاصة، ولا أعباء الأمانات العامة التي حُملتُها فاحتملتها في القضاء وإدارة التعليم حالت بيني وبين أنسي في دروس تضيء منها بروق البحث الذكي، والفهم الصائب بيني وبين أبنائي الذين ما كانوا إلا قرة عين وعدة فخر، ومنهم اليوم علماء بارزون، أو في مطالعة تحارير أخلص فيها نجياً إلى الماضي من العلماء والأدباء الذين خلفوا لنا آثارهم الجليلة ميادين فسيحة ركضنا فيها الأفهام والأقلام مرامي بعيدة سددنا إليها صائب المهام). ص162 ـ 163.

3 ـ لئن كانت كتب الشيخ ابن عاشور رحمه الله وأبحاثه كثيرة متنوعة فإن أعظمها وأشهرها وأحبها إلى قلبه تفسيره التحرير والتنوير الذي مكث في تأليفه تسعاً وثلاثين سنة حيث بدأ فيه سنة 1341 هـ وانتهى منه عام 1380هـ وختمه بكلمة عظيمة مؤثرة قال فيها: (وإن كلام رب الناس حقيق بأن يُخدم سعياً على الرأس، وما أدى هذا الحق إلا قلم مفسر يسعى على القرطاس، وإن قلمي استن بشوط فسيح، وكم زُجِرَ عند الكلال والإعياء زجر المنيح، وإذ قد أتى على التمام فقد حق له أن يستريح.

وأرجو منه تعالى لهذا التفسير أن يُنجد ويغور، وأن ينفع به الخاصة والجمهور، ويجعلني به من الذين يرجون تجارة لن تبور). ص166 ـ 167.

ويتبقى لنا حلقة ثانية و أخيرة في استعراض هذا الكتاب وفقنا الله وإياكم لكل ما يحب ويرضى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير