ـ[فهد الجريوي]ــــــــ[08 Apr 2009, 06:04 م]ـ
كتاب تراجم لتسعة من الأعلام (الحلقة الثانية والأخيرة).
ثم ترجم للشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي:
ومن الحسن أن أنقل لكم شيئاً من ترجمة الشيخ العلامة محمد البشير الإبراهيمي يقول الشيخ محمد الإبراهيمي عن نفسه:
لما بلغت سبع سنين استلمني عمي من معلمي القرآن وتولى تربيتي وتعليمي بنفسه، فكنت لا أفارقه لحظة، حتى في ساعات النوم فكان هو الذي يأمرني بالنوم، وهو الذي يوقظني على نظام مطرد في النوم، والأكل، والدراسة.
وكان لا يخليني من تلقين حتى حين أخرج معه، وأماشيه للفسحة، فحفظت فنون العلم المهمة في ذلك السن مع استمراري في حفظ القرآن فما بلغت تسع سنين من عمري حتى كنت أحفظ القرآن مع فهم مفرداته وغريبه.
وكنت أحفظ معه ألفية ابن مالك، ومعظم الكافية له، وألفية ابن معطي الجزائري، وألفيتي الحافظ العراقي في السير والأثر، وأحفظ جمع الجوامع في الأصول، وتلخيص المفتاح للقزويني، ورقم الحلل في نظم الدول لابن الخطيب، وأحفظ الكثير من شعر أبي عبدالله بن خميس التلمساني شاعر المغرب والأندلس في المائة السابعة، وأحفظ معظم رسائل بلغاء الأندلس مثل ابن شهيد، وابن برد، وابن أبي الخصال، وأبي المطرف ابن أبي عميرة، وابن الخطيب.
ثم لفتني عمي إلى دواوين فحول المشارقة، ورسائل بلغائهم، فحفظت صدراً من شعر المتنبي، ثم استوعبته بعد رحلتي إلى المشرق، وصدراً من شعر الطائيين، وحفظت ديوان الحماسة، وحفظت كثيراً من رسائل سهل ابن هارون وبديع الزمان.
وفي عنفوان هذه الفترة حفظت بإرشاد عمي كتاب كفاية المتحفظ للأجدابي الطرابلسي، وكتاب الألفاظ الكتابية للهمذاني، وكتاب الفصيح لثعلب وكتاب إصلاح المنطق ليعقوب ابن السكيت.
وهذه الكتب الأربعة هي التي كان لها معظم الأثر في ملكتي اللغوية.
ولم يزل عمي رحمه الله يتدرج بي من كتاب إلى كتاب تلقيناً وحفظاً ومدراسة للمتون والكتب التي حفظتها حتى بلغت الحادية عشر، فبدأ لي في درس ألفية ابن مالك دراسة بحث، وتدقيق، وكان قبلها أقرأني كتب ابن هشام الصغيرة قراءة تفهم وبحث، وكان يقرئني مع جماعة الطلاب المنقطعين عنده لطلب العلم على العادة الجارية في وطننا إذ ذاك، ويقرئني وحدي، ويقرئني وأنا أماشيه في المزارع، ويقرئني على ضوء الشمع، وعلى قنديل الزيت في الظلمة حتى يغلبني النوم.
ولم يكن شيء من ذلك يرهقني لأن الله تعالى وهبني حافظة خارقة للعادة، وقريحة نيرة، وذهناً صيوداً للمعاني ولو كانت بعيدة.
ولما بلغت أربع عشرة سنة مرض عمي مرض الموت، فكان لا يخليني من تلقين وإفادة وهو على فراش الموت بحيث أني ختمت الفصول الأخيرة من ألفية ابن مالك عليه وهو على تلك الحالة). ص193 ـ 195.
(وأجازني عمي الإجازة المعروفة عامة، وأمرني أن أخلفه في التدريس لزملائي الطلبة الذي كان حريصاً على نفعهم، ففعلت، ووفق الله، وأمدتني تلك الحافظة العجيبة بمستودعاتها، فتصدرت دون سن التصدر، وأرادت لي الأقدار أن أكون شيخاً في سن الصبا.
وما أشرفت على الشباب حتى أصبت بشر آفة يصاب بها مثلي، وهي آفة الغرور والإعجاب بالنفس، فكنت لا أرى نفسي تقصر عن غاية حفاظ اللغة وغريبها، وحفاظ الأنساب والشعر، وكدت أهلك بهذه الآفة لولا طبع أدبي كريم، ورحلة إلى الشرق كان فيها شفائي من تلك الآفة). 195 ـ 196.
بعد ذلك ذكر المعد وفقه الله ترجمة للشيخ السعدي رحمه الله:
بدأها بإيراد ترجمة الشيخ بن عثيمين للشيخ السعدي والموجودة في مقدمة تفسير الشيخ السعدي، ثم أعقبها بترجمة الشيخ بكر أبو زيد رحمه الله للشيخ السعدي رحمه الله والموجودة كذلك في مقدمة تفسير السعدي المطبوع في دار ابن الجوزي.
وفي الجملة فالترجمة شاملة وافية عن الشيخ السعدي، ومن لم يتسنى له قراءة أي كتاب عن سيرة الشيخ السعدي فلا يترد في قراءة هذه الترجمة.
وختم الشيخ محمد الحمد ترجمته للشيخ السعدي بقوله: (في النية إن شاء الله إفراد لسيرة الشيخ رحمه الله والتوسع في ترجمته حيث لدي أخبار وروايات عن سيرته غير ما ذكر. ص 367.
¥