تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ويؤكد المؤلف أن أبا لؤلؤة لم يُقْبَض عليه لدى طعنه عمر فى المسجد، بل فر إلى بيت علىّ بن أبى طالب، الذى كان يجلس على دكّة ببابه، فلما رآه أمره أن يدخل البيت ويختفى ممن يتعقبونه، ثم قام ونقل دكّته ومجلسه إلى الناحية الأخرى من الباب تحسُّبًا لما سوف يقع، فسرعان ما جاء المطارِدون يسألونه هل مر به أبو لؤلؤة هاربا، فأقسم لهم إنه لم يمر به أحد وهو فى مجلسه هذا. يقصد: مجلسه الجديد. وكان صادقا فى قسمه بطبيعة الحال، إذ المقصود أنه لم ير فى مجلسه ذاك أحدا مر به، لأن مرور المجرم القاتل إنما كان وهو فى مجلسه الأول. ثم لما انصرف المطاردون دخل على أبى لؤلؤة وأعطاه فرسا طالبا منه أن يركبها ولا ينزل عنها إلا حين تقف، فلم تقف إلا فى كاشان! وفى حكاية أخرى أن عليًّا حين رآه أخذ يبكى متمنيا لو كانت فاطمة حية حتى تفرح بما حدث. ثم نصحه أن يخرج إلى ظاهر البلد وأن يقرأ الفاتحة سبع مرات، ولسوف يجد نفسه من فوره فى البلد الذى يريد الذهاب إليه. وبهذا استطاع ذلك المجوسى الوصول إلى كاشان والنجاة من أعدائه بمعجزة من على كما تقول الروايات الشيعية، وهناك عاش حتى وافته منيته.

...

هذا باختصار ما كتبه الحاقد المغلق الذهن والقلب والضمير. ولسوف نتناول كل شىء قاله لنرى وجه الحق فيه. ونبدأ بإسلام عمر، الذى ادعى الكذاب أنه إنما أراد من وراء اعتناقه الإسلام أن ينال ولاية يتولاها، لا حَقًّا يصيبه، ولا خيرًا يبغى عمله، ولا حُبًّا لله ورسوله يحرص عليه، ولا جَنّةً يصبو إليها ... إلى آخر ما يدخل البشر المخلصون الأديان من أجل تحقيقه.

ولقد رُوِيَتْ عن إسلام عمر روايتان تناقضان كل المناقضة ما يزعمه هذا الكذاب. وكلتاهما تصور إسلامه، رضى الله عنه، تصويرا يخلو تماما من محاولة تحسين صورته أو الثناء عليه مما يعضد صدقها، إذ تبديه الصورة شديد اللدد فى خصومته للإسلام وللنبى الذى جاء به إلى آخر دقيقة. ذلك أنه، حسب تينك الروايتين، لم يكن يفكر بتاتا فى اعتناق الدين الجديد، بل كان ذاهبا لإيقاع الأذى بالنبى الذى أُوحِىَ إليه، إلا أن الأقدار كانت لها كلمة أخرى، فكان اعتناقه للدعوة الجديدة من وحى اللحظة. كما تخلو الروايتان عن ذكر أى يهودى كان يتصل به الفاروق فى مكة، لسبب بسيط جدا، وهو أن مكة لم يكن فيها يهود، كما لم نسمع أن عمر كان يتصل باليهود فى أى مكان وهو لا يزال فى مكة. إنما كان اتصال المسلمين بهم فى المدينة بعد الهجرة إليها، إذ كان اليهود يسكنونها والمناطق التى حولها، فكان بينهم وبين المسلمين اتصالات متنوعة: اقتصادية واجتماعية وسياسية وعسكرية، فضلا عن المناقشات الدينية كما هو معروف.

وسوف أنقل ما قرأته عن هذا الموضوع فى مرجع شيعى حتى لا يقال إن ما نورده إنما هو كلام أهل السنة المتعصبين لعمر رضى الله عنه. جاء فى السيرة النبوية التى كتبها جعفر السبحانى: "إنّ التاريخ الثابت والمسلّم يشهد بأنّ وجود رجال ذوي بأس وقوة بين صفوف المسلمين مثل حمزة، الذي أصبح في ما بعد من كبار قادة الإسلام، قد كان له أثر كبير في حفظ الإسلام والحفاظ على حياة الرسول صلّى اللّه عليه وآله ودعم جماعة المسلمين وتقوية جناحهم. فهذا ابن الاثير يقول عن حمزة: لما اسلم حمزة عرفت قريش أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله قد عزّ وامتنع فكَفُّوا عما كانوا يتناولون منه. من هنا أخذت قريش تفكّرُ في إعداد خطط اخرى لمواجهة قضية الإسلام والمسلمين سنذكرها في المستقبل. هذا، ويرى بعضُ المؤرّخين مثل ابن كثير الشامي على أن رُدود فعل إسلام أبي بكر وعمر وأثرهما لم تكن بأقلّ من تأثير إسلام حمزة، وانّ الدين قوي جانبه باسلام هذين الرجلين، وكسب المسلمون بذلك القوة والحريّة في العمل والتحرك. والحقيقة انه لا شك في انه لكل فرد تأثيره في تقوية ودعم الإسلام، إلا أنه لا يمكن القولُ بحال بأن تأثير إسلام الشيخين كان يعدل تأثير إسلام حمزة، فإن حمزة ما ان سمع بأن قريشا أساءت إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله الا وتوجه، من دون أن يُعرّج على أحد، إلى المسيء وانتقم منه في الحال أشدّ انتقام، ولم يجرؤ أحد على الوقوف في وجهه ومنع المسيء منه ومن غضبه وانتقامه، بينما يكتب ابن هشام في سيرته عن أبي بكر امرا يكشف عن أن أبا بكر يوم دخل في صفوف المسلمين لم يكن قادرا على حماية

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير