تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أذكر الإخوة أن الشيخ سفر الحوالي حفظه الله وشفاه يستقبل التبرعات لإخواننا في غزة في مكتبه الخاص بمكة المكرمة بحي العوالي

ـ[يسري خضر]ــــــــ[08 Jan 2009, 01:33 ص]ـ

في هذه الأيام العصيبة التي تعيشها أمتنا بسبب ما يحدث على أرض غزة من أحداث عظام وأهوال جِسام والتي تشيب لها رؤوس الولدان، تتميز المواقف، وتتحدد المعالم، ويُخَنْدِقُ كلٌّ منا نفسَه في المعسكر الذي يريد، معسكر الحق أم معسكر الباطل، معسكر النفاق أم معسكر الإيمان، معسكر العزة والكرامة أم معسكر المذلة والمهانة، فالمواقف والأحداث، والمحن والفتن هي التي تظهر المعادن ?فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ? (العنكبوت: من الآية 3)، وقال سبحانه في موضع آخر ?وَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْمُنَافِقِينَ (11) ? (العنكبوت)، وقد سبق الآيتان ذِكْرٌ لوقوع فتن حيث تميزت المواقف بعدها وصار الناس على فريقين ?فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمْ الضَّلالَةُ إِنَّهُمْ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ (30) ? (الأعراف).

وَقْفَةٌ لازمة

لما كانت الفتن تعصف بنا من كل ناحية والمحن تحيط بنا من كل جانب، يوقد أوار هذه وتلك كفرةٌ حاقدون، ويُذكي جذوتَها منافقون متربّصون أججوا النار فاشتدّت ضراوتها، والتبست كثير من الحقائق، واختلطت كثير من المفاهيم، واختلّت الموازين، وبات الحليم حيرانًا والعاقل متلعثمًا والشجاع مترددًا. ولا غرابة في ذلك فهذا شأن الفتن إذا نزلت، وصفها أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه بقوله: (تبدأ في مدارج خفية، وتؤول إلى فظاعة جلية، فتزيغ قلوب بعد استقامة، وتضلّ رجال بعد سلامة، وتختلف الأهواء عند هجومها، وتلتبس الآراء عند نجومها، من أشرف له قصمته، ومن سار فيها حطمته، تغيض فيها الحكمة، وتنطق فيها الظلمة، وتكْلِم منارَ الدين، وتنقض عقد اليقين، تهرب منها الأكياس، وتدبّرها الأرجاس، مرعادٌ مبراق، كاشفة عن ساق، تقطَّع فيها الأرحام، ويفارَق عليها الإسلام). نعم والله إنها لفجيعة وكارثة أن تختلف الأمة في مثل هذه القضية، إزاء هذا العدوان الغاشم الحاقد على أهلنا المسلمين في غزة، وما سبَّبه من محنٍ وكوارث.

ولذا فالواجب العاجل على كل مسلم ومسلمة، على كل عاقل راشد، على العلماء والمتعلمين، على الدعاة والمدعُوِّين، القريب من ربه والبعيد عن نوره أن يراجعوا أنفسهم، لأن هذا هو الوقت الذي يتميز فيه الإيمان الصحيح من عدمه، وذلك قبل أن يأتي يوم لا تنفع فيه المراجعة ?يَوْمَ لا يَنفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ وَلَهُمْ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (52) ? (غافر).

نعم من الواجب مراجعة النفس لأنه إزاء هذه الإبادة للمسلمين المجاهدين، وللنساء والأطفال، وهدم المنازل على رؤوس من فيها ودور العبادة على المصلين فيها و .. و .. و .. أقول إزاء هذا كله تجد من المسلمين من لا زال واقفًا أمامه يفكر ويتساءل: ماذا يحدث؟!! وتجد بعض الدعاة مترددين في الحديث عن القضية، ومن يقْنُتْ منهم- وهم قلة- يقنت مرة أو مرتين على استحياء .. الله ِأكبر ما هذا؟ وفي أي زمان نحن؟. بل قد تجد البعض لا يبالي بما يحدث، وإن حدث ووقعت عيناه بطريق الخطأ على مجزرة من المجازر اليومية لإخوانه في غزة فيمر الحدث عليهم وكأنهم لمباراة كرة قدم يشاهدون، أو لأخبار النشرة الجوية يتابعون. وفي المقابل تجد آخرين تحجرت الدموع في عيونهم من كثرة اشتباكها بخدودهم، وتتقطع نياط قلوبهم أو تكاد لهول ما يَرَوْن.

فعندما يرى المرء هذه المواقف المتباينة من أناس دينهم واحد وقبلتهم واحدة من قضية تتعلق بقتال يهود لمسلمين، كان لا بد من العودة لأصول ديننا ومصادر شرعتنا حتى يتميز الخبيث من الطيب، ويختار كل واحد الطريق الذي يسلكه، ولكن يكون ذلك بعد وضوح البرهان وكمال البيان. حيث إن هناك آيات في سورة المائدة حين تتأملها تشعرك بالخوف على نفسك، حيث إن الله تعالى تَوعَّد أناسًا، خاطبهم بنداء الإيماء، بالعذاب الأليم، أتدرون لماذا؟ تأمل الآيات ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ انفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير