[الإضافة والتنوين]
ـ[عاملة]ــــــــ[14 - 05 - 2007, 11:51 م]ـ
يتشعّب التنوين، كما ثبت في محلّه، إلى أربعة أقْسامٍ معروفةٍ له، وهي:
أ. تنوين التمكين. ب. تنوين العوض. ج. تنوين التنكير. د. تنوين المقابلة.
ونجد أنّ هذه الأقسام، رغم أنّها تختلف فيما بينها مدْلولاً ومضْموناً، أي: من النّاحية المعنويّة والدّلاليّة، إلاّ أنّها تعود لتشْترك وتتّفق من النّاحية اللّفْظيّة والشّكْليّة، وتوضيح ذلك كما يلي:
لو لاحظْنا الأمثلة التالية:
1. رأيْتُ غلاماً. 2. زُرْتُ كلاًّ من أصدقائي.
3. مررْتُ بسيبويْهٍ. 4. أُولالك النّسْوة مُسْلماتٌ.
فلو أخذْنا كلّ واحدٍ من الأسماء المنوّنة الواردة في هذه الأمثلة، نُلاحظ، أنّها، وعلى الرّغْم من وجود اختلافٍ في معنى التنوين ومؤدّاه في كلٍّ منها، إلاّ أنّها مع ذلك، تشْترك في خصوصيّةٍ لفْظيّةٍ مميَّزةٍ، وهي: أنّ التنوين قد أضْفى على كلّ واحدٍ منها خاصّيّةً وهي:
، و، و.
فعندما نقرأ ـ أو نسْمع ـ كلمة (غلاماً) في المثال الأوّل مثلاً، نشْعر بأنّنا نكتفي بها، دونما حاجةٍ إلى أيّ اسْمٍ آخر، أو أيّة كلمةٍ أُخْرى، لنتمّم بها معنى هذا الاسْم. فلذلك، لا نقوم بمطالبة المتكلّم بإكمال كلامه، بل نكْتفي منه بما قاله وبما سمعْناه منه، أي: أنّنا نشْعر بأنّ المتكلّم أراد إنْهاء كلامه والوقوف عند هذه الكلمة، أعني: (غلاماً)، فهو يُريد فقط أنْ يُطْلِعَنا على أنّ بصره وقع على غلامٍ، وقد كان الكلام وافياً بهذا المعنى ومؤدّياً له بأكمل وجْهٍ. ولأجل ذلك، نجد أنّنا نسْكت عندما نسْمع منه هذا الكلام، ونعْلم أنّه ليس لنا الحقّ في مطالبته بالإتيان بالمزيد، أو بوصْل كلامه بشيءٍ آخر يُضاف إليْه ويتمّمه. بل وحتّى لو جاء بشيءٍ بعْد هذا الاسْم، فإنّ السّامع سوف لنْ يجد بينه وبين هذا الشيء ارتباطاً واتّصالاً، لأنّ وجود التنوين يُشَكّل حاجباً وحاجزاً بين الاسْم وبين كلّ ما يُمْكن أنْ يأْتي بعْده.
وهذا بعيْنه هو ما نجده في المنوّنات الثلاثة الأُخْرى: (كلاًّ)، (سيبويهٍ) و (مُسْلماتٌ).
ومن هنا: نستطيع أنْ نَخْرج بهذه القاعدة العامّة والكلّيّة، وهي:
.
هذا من جهةٍ.
ومن جهةٍ أُخْرى، دعْنا نتأمّل الأمثلة التالية:
1. رأيْتُ غلامَ زيْدٍ. 2. زُرْتُ كلَّ واحدٍ من أصدقائي.
3. مررْتُ بسيبويْهِ جامعتنا. 4. أُولالِكَ النّسْوةُ هنّ مُسْلماتُ الأمّة.
والذي نلاحظه في هذه الأمثلة: أنّ الأسماء الأربعة المُضافة والواردة فيها، هي أسماء ليستْ صالحةً للوقوف عندها، أي: أنّه ليس من حقّ المتكلّم أنْ يَسْكت عندها، ولا أنْ يُنْهي كلامه قبْل أنْ يأتي بصلةٍ تكون متمّمةً لها، ومبيّنةً لِما هو المقصود منها، ففي المثال الأوّل مثلاً، لو أنّ المتكلّم قال: (رأيْتُ غلامَ)، ثمّ سَكَتَ قبْل أنْ يَأْتي بأيّ لفْظٍ آخر، لكان منْ حقّنا، كمخاطَبين بالكلام، أنْ نطالبه بإكمال ما بدأه وإنهائه، ويكون من الواجب عليْه أنْ يُضيف كلمةً أُخْرى إلى ذلك، ككلمة (زيْدٍ)، وإلاّ، بقي كلامه محْكوماً بالنّقْصان وعدم الإفادة، في حين إنّه يُشْتَرَط في الكلام الإفادة وحُسْن السّكوت عليْه، كما هو مقرَّرٌ في محلّه.
وهذا يعْني: أنّ هذه الأمثلة، هي على العكْس من الأمثلة السّابقة، ففي حين لمْ يكنْ لنا الحقّ في الاعتراض على المتكلّم في الأمثلة السّابقة، ولم يكنْ واجباً عليْه أنْ يَلْتزم ويَمْتثل لو فعلْنا، فإنّ هذا الحقّ ثابتٌ لنا في هذه الأمثلة الأخيرة، كما أنّ هذا الواجب هنا لازمٌ ومُسْتحَقٌّ عليْه.
وهذا ما يُمْكن أنْ نجده في كلا قسْمَي الإضافة، أعني: الإضافة اللّفْظيّة، والإضافة المعنويّة.
ومن هُنا، نَخْرج بالقاعدة العامّة التالية، وهي:
< من شأْن الإضافة، بكلا قسْميْها، أنْ تُفيد النّقْصان والحاجة إلى المزيد من الكلمات والأسماء>.
ولو جمعْنا بين القاعدتيْن الكُلّيّتيْن اللّتيْن قُمْنا باستخراجهما آنفاً، لأمْكَننا أنْ نتوصّل إلى معرفة السّرّ الذي جعل النّحاة يَشْترطون إزالة التنوين من المُضاف عند إرادة الإضافة، بل الذي جَعَل العرب يَلْتزمون في كلامهم بذلك، حتّى قبْل ولادة النّحْو وتدْوينه.
والحمْد لله أوّلاً وآخراً وظاهراً وباطناً.
ـ[حااجي]ــــــــ[16 - 05 - 2007, 09:23 ص]ـ
:)
:::
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أما بعد:
نشكرك الشكر كله على قدمت و شرحت، وتمنيت لوواصلت جهدك وشرحت لنا ما المقصود بتنوين التمكين، والعوض، والتنكير و المقابلة مبينا سبب هذه التسمية ....
عين فيما يأتي نوع التنوين .. سيبويه يحب كلا من المسلمين و المسلمات حبا جما
وأخيرا أسأل الله أن ينفعنا و إياك مما نعلم، ويرزقنا العلم النافع ...
¥