نِعْمَ وبِئس
ـ[محمد سعد]ــــــــ[07 - 10 - 2007, 10:42 م]ـ
نِعْمَ وبِئْسَ
نِعْمَ و بِئْسَ: كلمتان جامدتان (لا تتصرّفان). الأولى للمدح نحو: نِعْمَ الرجلُ زهيرٌ والثانية للذمّ نحو: بئس الرجلُ خالدٌ. ويسمي النحاة كلمة زهيرٌ اصطلاحاً: المخصوص بالمدح، وكلمة خالدٌ المخصوص بالذم.
تراكيبهما:
آ- أن يكون بعدهما اسم:
فإن كان محلّى بـ ألـ، (أو مضافاً إلى محلّى بها) فهو مرفوع أبداً، نحو: نِعم الرجلُ زهيرٌ، (أو نعم صديق الرجل زهيرٌ).
وإن كان نكرة غير محلّى بها فهو منصوب أبداً، نحو: نِعم رجلاً زهيرٌ.
ب- أن يكون بعدهما ما، وذلك ثلاث حالات:
الأولى: ألاّ يكون شيءٌ بعد ما، نحو: غسلت الثوب غسلاً نِعِمّا (أي: نِعْمَ الغسل؛ إذا مدحتَ غسلَه).
الثانية: أن يكون بعد ما مفرد نحو: نِعمّا هو (أي: نِعْمَ ما هو).
الثالثة: أن يكون بعد ما فعلٌ نحو: نعمّا تفعل (أي: نِعْمَ ما تفعل).
تنبيه:
قد تلحقهما تاء التأنيث، ومنه الحديث: مَن توضّأ يوم الجمعة فبِها ونعمَتْ.
¨ المخصوص بالمدح أو الذمّ:
قد يتقدّم الاسمُ المخصوص بالمدح أو الذمّ نحو: زهيرٌ نعم الرجلُ + خالدٌ بئس الرجلُ، وقد يُحذف إنْ دلّ عليه دليل، نحو: نعم العبد (أي: نعم العبدُ أَيّوب).
نماذج فصيحة من استعمال [نِعم وبئس]
· قالت ليلى الأخيلية تذكر تَوبَة:
ونِعْمَ الفتى يا تَوبُ كنتَ لخائفٍ أتاكَ لكي يُحمَى، ونِعْمَ المُنازِلُ
نِعمَ المنازلُ: الاسم بعدة نِعم محلّى بـ[ألـ] مرفوع، على المنهاج. ومثل ذلك طِبقاً، قولها في أول البيت: نعم الفتى، غير أن الضمة لم تظهر على آخر الفتى لأنه اسم مقصور.
ثم إنّ في البيت مسألة أخرى هي أنّ الأصل في مدح الشاعرة لتوبة هو: نعم الفتى أنت، ونعم المُنازِلُ أنتَ، لكنها حذفت المخصوص بالمدح وهو أنت، لدلالة السياق عليه.
"نِعم الثوابُ وحسُنَتْ مُرتفَقاً" (الكهف 18/ 31)
نِعم الثوابُ: الاسم بعد نعم محلّى بـ[ألـ] مرفوع حُكماً، على المنهاج. ثمّ إنّ الأصل: نعم الثواب الجنة، لكن حُذف المخصوص بالمدح وهو الجنة، لوجود ما يدلّ عليه في سياق الآية.
قال الشاعر (شرح ابن عقيل 2/ 162):
لَنِعْمَ موئلاً المولى إذا حُذِرَتْ بَأْساءُ ذي البغيِ واستيلاءُ ذي الإحَنِ
(الإحَن: جمعٌ مفرده إحْنَة، وهي الحقد).
لنعم موئلاً: الاسم موئلاً بعد نِعم متجردٌ من [ألـ] (نكرة) وما كان كذلك فحقّه النصب، جرياً مع القاعدة.
"إنّ اللهَ نِعِمَّا يعظكم به" (النساء 4/ 58)
نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِه: في الآية إدغام الميم في الميم نعمّا = نِعْمَ ما، ومجيءُ الفعل بعد ما هو أحد تراكيب نعم وبئس. ومثله قوله تعالى "بئس ما اشتروا به أنفسَهم " (البقرة 2/ 90)
"إنْ تُبْدُوا الصدقاتِ فنِعِمّا هي (البقرة 2/ 271)
نعمّا هي: إدغام الميم في الميم هاهنا، مطابق لنظيره في الآية السابقة، نعمّا = نِعْمَ ما. ومن تراكيب نِعْمَ مجيءُ اسم مفردٍ بعدها، سواء أكان ضميراً - كما في الآية - أم غير ضمير. نحو: بئسما تزويجٌ ولا مَهْر.
قال ابن المعتزّ:
غرائب أخلاقٍ حباني بحفظها زماني، وصرفُ الدهرِ نِعمَ المؤدبُ
الأصل أن يأتي الشاعر بالمخصوص بالمدح بعد نِعم والاسمِ المرفوع بعدها، فيقول: نعم المؤدِّبُ صروفُ الدهر، لكنه اختار أن يقدّم المخصوص بالمدح، وهو صرف الدهر، وكلاهما جائز.
قال زهير بن أبي سلمى (الديوان /89):
ولَنِعْمَ حَشْوُ الدِّرْعِ أنتَ إذا دُعِيَتْ نَزَالِ، ولُجَّ في الذعْرِ
الضمير أنت هو المخصوص بالمدح. والأصل أن يقول الشاعر: نعم الحشوُ أنت، فيكون بعد نعم اسم مرفوع لأنه محلّى بـ ألـ، لكن لما كانت كلمة حشو مضافاً، وكان الاسم لا تجتمع عليه الإضافة والتحلية بـ[ألـ]، انزلقت ألـ إلى المضاف إليه حكماً.
هذا، على أنّ الإضافات قد تتعدّد، فتُزحلَق ألـ إلى آخر مضاف إليه، ومن ذلك قول أبي طالب (الديوان /36):
فنِعْمَ ابنُ أختِ القومِ غيرَ مُكَذَّبٍ زهيرٌ، حساماً مفرداً مِن حَمَائِلِ
فقد أُضيفت كلمة ابن إلى أُخت، ثم أُضيفت كلمة أُخت إلى القوم، فكان أنْ زُحلِقت ألـ إلى المضاف إليه الأخير. ومَن أراد، ظلّ يزحلقها ما استقام له الكلام، فكان يقول مثلاً: فنعم ابنُ أختِ سيّدِ أمراءِ القوم!!
"بئس الشرابُ" (الكهف 18/ 29)
حُذِف المخصوص بالذمّ، أي: الماء الذي يُسقَونه.
"نعم دارُ المتقين" (النحل 16/ 30)
حُذف المخصوص بالمدح، أي: الجنة. وزُحلِقت [ألـ] إلى المضاف إليه.
"نعم العبدُ" (ص 38/ 44)
حُذف المخصوص بالمدح، أي: نِعْمَ العبدُ أيوب.
ـ[جلمود]ــــــــ[08 - 10 - 2007, 05:08 ص]ـ
جزاك الله خيرا،
فنعم المعلم أنت،
ـ[خالد مغربي]ــــــــ[08 - 10 - 2007, 06:17 ص]ـ
أحسنت أخي محمد أحسن الله إليك
هل نضيفه إلى كتاب الفصيح؟!!
ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[08 - 10 - 2007, 07:28 ص]ـ
تأصيل رائع كما عودتنا أخي محمد سلم قلمك.
¥