تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[يا أهل النحو سؤال يتعلق ببيت المتنبي فهل من مجيب؟]

ـ[شمس الحقيقة]ــــــــ[15 - 10 - 2007, 07:31 م]ـ

:::

قال المتنبي:

إذا الجود لم يرزق خلاصاً من الأذى = فلا المجد مكسوباً ولا المال باقياً

قال ابن جني في توجيه البيت:"شبه لا بليس فنصب الخبر".

فقال أحد النقاد معترضاً"نعم، هي مشبهة بليس إذا وليتها النكرة، وها هنا وليتها المعرفة وإنما حملت ها هنا "لا" على "ما" في دخولها على المعرفة لنفي الحال كما حملت عليها في نفي الماضي المقرب من الحال في قوله تعالى: (فلا صدق ولا صلى) وقوله:

فأي أمرٍ سيئٍ لا فَعَلَهْ "

إخوتي الأفاضل في ذهني ثلاثة أسئلة حول كلام هذا الناقد:

1_ هل رأي الناقد وهو (أن "لا" تشبه "ليس" إذا وليتها النكرة، وتشبه "ما" إذا وليتها المعرفة) معتبر نحوياً؟

2_ وهل قال به أحد من النحويين؟

3_ وهل القياس الذي اعتمد عليه سليم؟

أفيدوني جزاكم الله عن أهل العربية قاطبة خير الجزاء

ـ[الرسلاني]ــــــــ[15 - 10 - 2007, 08:00 م]ـ

مرحبا أخية ...

لا) المشبهةُ بليس، مُهملة عندَ جميع العرب وقد يُعمِلُها الحجازيُّون إعمالَ (ليسَ)، ويُزاد على ذلك أن يكونَ اسمُها وخبرُها نكرتينِ. وندَرَ أن يكون اسمُها معرفةً، كقول الشاعر

*وَحَلَّتْ سَوادَ الْقَلْبِ، لا أَنا باغياً * سِواها، ولا في حُبِّها مُتراخِيا*

وقد جاء مثل ذلك للمتنبي في قوله

*إذا الجُودْ لم يُرْزَقْ خَلاصاً منَ الاذى * فلا الحَمْدُ مَكسُوباً، ولا المالُ باقِيا*

وقد أجازَ ذلك بعضُ علماء العربية الفُضلاءُ. (من كلام الشيخ الغلاييني)

وفي قطر الندى: مما يعمل عمل ليس لا كقوله:

تعز فلا شيء على الأرض باقيا **** ولا وزر مما قضى الله واقيا

ولإعمالها أربعة شروط أن يتقدم اسمها وأن لا يقترن خبرها بإلا وأن يكون اسمها وخبرها نكرتين وأن يكون ذلك في الشعر لا في النثر فلا يجوز إعمالها في نحو لا أفضل منك أحد ولا في نحو لا أحد إلا أفضل منك ولا في نحو لا زيد قائم ولا عمرو ولهذا غلط المتنبي في قوله:

إذا الجود لم يرزق خلاصا من الأذى ... فلا الحمد مكسوبا ولا المال باقيا

وفي المسألة كلام كثير.

أشكركِ لأنك أرجعتِني لهذه المصادر.

ـ[شمس الحقيقة]ــــــــ[15 - 10 - 2007, 09:15 م]ـ

:::

أشكرك يا أخي الرسلاني على هذه المعلومات المفيدة، وإني لأطمع أن أعرف رأيك ورأي الإخوة الأفاضل حول كلام الناقد، علماً بأني بحثت في كثير من كتب النحاة فلم أجد أحداً قال برأي هذا الناقد، حتى الذين أجازوا إعمال "لا" في المعرفة ـ وهم ابن جني وابن الشجري وغيرهما ـ رأوا أنها حينئذ مشبهة "بليس".

ثم ما الفرق بين أن تكون "لا" مشبهة "بليس" أو "ما"، مع أنهما يختصان بنفي الحال عند جمهور النحاة؟

ـ[أبو تمام]ــــــــ[16 - 10 - 2007, 01:44 ص]ـ

السلام عليكم

تحية لكما على ما تفضلتم به.

أولا: لم يحمل النحاة (لا) في العمل على (ما) الحجازية لأن (ما) الحجازية عملها فرع عليها، إذ الأصل أن لا تعمل، لذلك أهملها بنو تميم في العمل، فالنحاة حملوا (لا) على (ليس) ولم يحملوها على (ما) الحجازية لأن العمل في (ليس) هو الأصل، وليس فرعا، بخلاف (ما) الحجازية عملها فرع، وهي محموله على (ليس)، فاعتبر النحاة أنّ القياس الأقوى أن تحملها على (ليس)، ولو حملوها على (ما) لأصبحت عاملة، ومهملة في وقت واحد، على أنّ الجامع بينها النفي.

ذكر ابن الشجري - رحمه الله - في أماليه تعليل النحاة لعمل (لا) في النكرات قائلا:"وعلّلوا هذا (لا) ضعيفة في باب العمل، لأنها إنما تعمل بحكم الشبه، لا بحكم الأصل في العمل، والنكرة ضعيفة جدا، فلذللك لم يعمل العامل الضعيف إلا في النكرات ".

ثانيا: أما قول الناقد، ففي رأيه أنه يجوز أن تحمل على (ما) الحجازية تارة، وعلى (ليس) تارة أخرى على حسب من يليها، وهذا يعني أنّها في العمل تحمل على شيئين (ليس- ما) وهذا باطل لأن العمل يكون أصل واحد لا على أصلين.

فإذا قلنا أنّ (لا) عاملة يجب أن الحكم منقول من شيء (أصل) واحد، فإما أن تقول بـ (ما) أو (ليس).

ثالثا: ابن جني - رحمه الله- من أوضح من ذهب مذهب جواز إعمال (لا) في المعرفة، ومع هذا فهو يقول:" شبّه (لا) بليس فنصب بها الخبر "،وذلك عن قول المتنبي: فلا الحمد مكسوبا ...

كذا نقله ابن الشجري في أماليه.

وابن الشجري أيضا يرى ما يراه النحاة في حمل (لا) على (ليس) إذ لم يورد ما يخالف ذلك، وفوق ذلك فهو يرى أنّ " مجيء مرفوع (لا) منكورا هو في الشعر القديم هو الأعرف " في أماليه، إلا أنه يجيز خلافه.

وابن مالك - رحمه الله- الذي ذكروا أنّه أجاز ذلك قال في شرح التسهيل عن البيت:

وَحَلَّتْ سَوادَ الْقَلْبِ، لا أَنا باغياً * سِواها، ولا في حُبِّها مُتراخِيا

" أي: لا أرى باغيا، فحذف الفعل، وجعل باغيا دليلا عليه، وهو أولى من جعل (لا) رافعة لـ (أنا) اسما، ناصبة (باغيا) خبرا، فإن إعمال (لا) في معرفة غير جائز بإجماع ".

وهو يرى كذلك بإلحاقها بـ (ليس)، لا بـ (لا)، وقد ذكر أنّ المشهور إعمال (لا) في النكرة، ومن الشذوذ إعمالها في المعرفة، وصرح قائلا:" والقياس على هذا عندي شائع "، أي عملها في المعرفة.

المهم ذكرت لك هذه النقول لأبين لك أن أصحاب هذا الرأي حملوا (لا) بـ (ليس)، ولم يحملوها على (ما)، فلعل الناقد اجتهد من عنده دونما اعتماد على رأي أحد.

ولكن أصحاب هذا الرأي أذكى، وأدهى منه أيًا كان، فهم يحملونها على (ليس) لأن العمل أصل بـ (ليس)، دون (ما)، فلو كان غير ذلك لحملوها على (لا) واستراحوا.

والله أعلم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير