إذا كانت رواية الشواهد مؤيدة لما ذهب إليه هؤلاء من الجر بالجوار فهل لنا أن نجعل منها باباً في النحو يخالف الصواب؟ ثم أ لم يكن لنا أن نذهب إلى أن عامة الشعر لا يمكن أن يكون منه مادة لمسائل نحوية تختلف عما هي في النثر المرسل في لغة التنزيل وفي الحديث الشريف وغيرهما؟
قلتُ: لم أرد أن أجعل هذا الموجز (تهافت النحاة) لأني أرى في صنعتهم في مسائل جمة الخيرَ كلَّ الخير، ولكن ذلك لا يمنعني عما كان مما أثر عنهم من خطإ، وكل ابن آدم خطاء كما في الأثر الشريف.
ولن أنتهي من هذه الصنعة غير الموفقة لطائفة من النحويين فقد التمسوا شيئاً منها في القراءات واعتمدوا على القراءات الشواذ أو على قراءات كانت من نحويين عرفوا بهذاه الصنعة، ومنها قراءة يحيى بن وثاب وقراءة الأعمش: ((إن اللهَ هو الرزاقُ ذو القوةِ المتين ِ)) وخفض (المتين) على الجوار.
.........
قال أبو جعفر النحاس: والجوار لا يقع في القرآن ولا في كلام فصيح وهو عند رؤساء النحويين غلط مما قاله العرب. إن عقلاء النحويين قد أشاروا إلى ضعف القول بالجوار في هذه الآية لعدم التطابق بين (القوة) و (المتين) لمكان التذكير والتأنيث، ولكن أصحاب التأويل ذهبوا إلى أن المراد بالقوة الحبل، فكأنه وصف للحبل.
..........
ومن هذه القراءات الخاصة قراءة حمزة والكسائي في قوله تعالى: ((وَلَحْمِ طَيْرٍ مِّمَّا يَشْتَهُونَ وَحُورٍ عِين ٍ)).
.........
ومن هذه القراءات ما قرأ حمزة والكسائي في قوله تعالى: ((وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدِ)).
ومن هذه القراءات ..... قوله تعالى: ((يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَِكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ)).
........
وقد أنكر الزجاج القول بالجوار بقراءة من خفض (وأرجلكم) وقال: (فأما الخفض على الجوار فلا يكون في كلمات الله).
أقول: ليس من جدوى أن يُشغل أهل الدرس النحوي في عصرنا بمسألة افتعلت واصطنعت وكثر فيها القول مع أن القائلين يشعرون بضعف صنعتهم ....... ثمّ لمَ كان هذا العناء الذي وجد فيه النحويون الأقدمون ضالتهم للتزيّد في مادتهم النحوية معتمدين على جملة سُمعت ولا يُعرف لها قائل ولم يُعرف لها نظائر.
ـ[المهندس]ــــــــ[05 - 02 - 2008, 07:49 ص]ـ
أشكر الأستاذة الكريمة مريم على هذا التفجير الذي وصلت رائحة دخانه وغباره إلى أنوفنا،
ولكن أرجو أن نكتفي منه بالشم وألا نصل إلى درجة الاستنشاق، فرِآتنا لا تتحمل خصوصا في هذا البرد القارس،
ولقد رأيت الموضوع بالأمس وكنت منشغلا - وما زلت - ثم عدت إليه اليوم فما وجدت من معقب ولا حتى من قارئ إلا نزرا يسيرا،
ولكن مثل هذا الموضوع، لا يُردُّ عليه في عجالة، بل يُعدُّ له إعدادا.
ولي عودة للموضوع إن شاء الله قريبا.
ـ[المهندس]ــــــــ[05 - 02 - 2008, 10:38 ص]ـ
لا أدري لم أخطأت في كتابة كلمة "فرئاتنا"، ألأنّ الهمزة مفتوحة؟ ولكن جارتها الراء مكسورة! وهذه من مواطن إعطاء الجار حقه.
ـ[عزدبان]ــــــــ[05 - 02 - 2008, 07:19 م]ـ
الأستاذة الفاضلة مريم الشمّاع، أحسنتِ وأفدتِ، بارك الله فيكِ، وأترك التعقيب للأساتذة.
ـ[أبو سهيل]ــــــــ[06 - 02 - 2008, 07:48 ص]ـ
http://www.alfaseeh.com/vb/showthread.php?t=9165
لكم التحية
ـ[ابن بريدة]ــــــــ[06 - 02 - 2008, 12:27 م]ـ
شكرًا لأختنا مريم على هذا النقل الرائع.