بقيت على عملها في رفع الاسم ونصب الخبر، غير أن الأحسن أن تكون في هذا الموقع حرفا مشبها بالفعل تفيد الترجي كـ " لعل "، ويعرب الضمير اسما لها في محل نصب، والجملة بعده في محل رفع خبر، ومن قال بعملها على بابها جعل الضمير المتصل بها في محل نصب خبرها، والمصدر في محل رفع اسمها بعكس الإسناد. وجعل البعض أن الضمائر أسماؤها من باب إنابة ضمير النصب عن
ضمير الرفع، والمصدر خبرها، وأرى في هذا كثير تكلف.
2 ـ إذا اتصل بـ " عسى " ضمير رفع للمتكلم، أو المخاطب، أو الغائبات،
نحو: عسيتُ، وعسيتَ، وعسين، وعسيتم.
جاز في سينها الفتح والكسر، والفتح أشهر.
وقد قرئت الآيات التالية بالفتح والكسر.
قال تعالى: {قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا} 1.
ــــــــــــــ
1 ـ 246 البقرة.
وقوله تعالى: {هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض} 1.
3 ـ يمتنع أن يعرب الاسم الظاهر في مثل قولنا 84 ـ: أوشك أن يتأخر محمد عن المدرسة، أو عسى أن يكافئ المعلم الفائز.
يمتنع أن يعرب مبتدأ مؤخرا، أو اسما لعسى، لئلا يفصل بين صلة " أن " وهما الفعل " يتأخر، ويكافئ " وبين معموليها وهما في الجملة الأولى الجار والمجرور
" عن المدرسة "، وفي الجملة الثانية المفعول به " الفائز "، بأجنبي وهو " محمد " في الجملة الأولى، و " المعلم " في الجملة الثانية.
4 ـ قال بعض النحاة بحرفية " عسى "، ذلك لجمودها، وعدم تصرفها من جهة، ولدلالتها من جهة أخرى. فأما من حيث الجمود، فلا يؤخذ منها إلا صيغة الماضي، وليس لها مضارع، أو أمر، أو اسم فاعل، وغيره من المشتقات، وأما الدلالة فقالوا: إنها بمعنى " لعل "، ودليلهم على ذلك اتصالها بضمائر النصب كما مثلنا سابقا، 49 ـ ومنه قول الشاعر:
فقلت عساها نار كأس وعلها تشكَّى فآتي نحوها فأزورها
غير أن القول بحرفيتها مردود لاتصالها بضمائر الرفع كما في الآيات السابقة، وهي تشبه في ذلك " ليس "، وإن كانت الأخيرة لا تتصل بضمائر النصب.
5 ــ احتار النحاة حول خبر " كاد " وأخواتها مما يستوجب اقترانه بـ " أن " المصدرية، أيكون الخبر المصدر المؤول، أم الفعل فقط، وقد ذهب بعضهم إلى أن " أن " ليست المصدرية التي تسبك مع فعلها بمصدر؛ لئلا يكون الخبر مفردا، وليلا يخبر بالمعنى عن اسم ذات. ورضي البعض بمصدرية " أن " على أن يقدر مضاف محذوف فبل المصدر. نحو: عسى الغيم أن يتبدد.
نقول: عسى الغيم ذا تبدد. وأوشك الطفل أن يتكلم. نقول: أوشك الطفل ذا تكلم.
ـــــــــــ
1 ـ 22 محمد.
نماذج من الإعراب
77 ـ قال تعالى: {عسى الله أن يأتي بالفتح}.
عسى: فعل ماض ناقص مبني على الفتح المقدر على الألف للتعذر.
الله لفظ الجلالة اسم عسى مرفوع بالضمة.
أن يأتي: أن حرف مصدري ونصب مبني على السكون، يأتي: فعل مضارع منصوب بـ " أن " وعلامة نصبه الفتحة الظاهرة، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على لفظ الجلالة.
والمصدر المؤول من أن والفعل في محل نصب خبر عسى.
بالفتح: جار ومجرور متعلقان بـ " يأتي ".
41 ـ قال الشاعر:
عسى الكرب الذي أمسيت فيه يكون وراءه فرج قريب
عسى: فعل ماض ناقص مبني على الفتح.
الكرب: اسم عسى مرفوع بالضمة الظاهرة.
الذي: اسم موصول مبني على السكون في محل رفع صفة للكرب.
أمسيت: أمسى فعل ماض ناقص مبني على الفتح المقدر، والتاء ضمير متصل مبني على الضم في محل رفع اسمه.
فيه: جار ومجرور متعلقان بمحذوف في محل نصب خبر أمسى.
وجملة أمسيت لا محل لها من الإعراب صلة الموصول، والعائد الضمير في " فيه ".
يكون: فعل مضارع ناقص مرفوع بالضمة، واسمه ضمير مستتر فيه جوازا تقديره: هو يعود على الكرب.
وراءه: ظرف مكان منصوب بالفتحة متعلق بمحذوف في محل رفع خبر مقدم، والضمير المتصل في محل جر مضاف إليه.
فرج: مبتدأ مؤخر مرفوع بالضمة. والجملة الاسمية في محل نصب خبر يكون، وجملة يكون وما في حيزها في محل نصب خبر عسى.
قريب: صفة لفرج مرفوعة بالضمة الظاهرة.
الشاهد في البيت قوله: يكون، فهو خبر عسى غير مقرون بـ " بأن " المصدرية.
42 ـ قال الشاعر:
ولو سئل الناس التراب لأوشكوا إذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا
¥