تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

في محل نصب, لكن أليس له إعراب, لأن جميع من له محل يكون له إعراب كأن تقول: أنت مجتهد, فـ (أنت) في محل رفع مبتدأ, وإياك أكرمت, فـ (إياك) في محل نصب مفعول به ..

هذا من المآخذ والإشكالات التي تكتنف هذا الرأي لأن جعلهم إياه ذا محل ومحله محل ما بعده أوقعهم في هذا فإن قالوا هو خبر كان فكيف يكون خبرها ضمير رفع؟ وكيف يفسرون نصب القائم؟ فإن قالوا صفة لم يجز وصف المضمر، وإن قالوا بدل من (هو) فكيف يكون البدل والمبدل منه مختلفين في الإعراب؟ لهذا لجؤوا إلى القول إن الضمير مع خبر كان بمنزلة الكلمة الواحدة ولكن لما كان جزؤها الأول مبنيا (هو) كان في محل نصب لأنه جزء من الخبر الذي حقه النصب، ولم يقولوا إنه خبر لأن الخبر لم يتم بعد وإنما يتم بذكر الجزء الثاني، ولما كان الجزء الثاني معربا ظهر عليه الإعراب.

واعذرني يا أستاذي فقد جمعت باقي أسئلتي هنا, وأطلب منك العون أخي فاحتاج عونك

حبا وكرامة أخي الكريم، وسوف أجيب عنها تباعا إن شاء الله، ولكن لكثرتها ولكونها تحتاج إلى بسط وتمثيل وتفصيل، وأخوك بطيء في الكتابة ... لذلك سأجيب في كل يوم عن مسألتين حتى تكتمل، وذلك حسب ترتيبها إن شاء الله.

السؤال الأول: ذكر أبو حيان في الإرتشاف: أن ضمير الغائب يحتاج إلى مفسر والأصل في مفسره أن يكون مقدما عليه, فإنه تقدم اسمان مستويان في الاسناد عاد الضمير إلى أقرب مذكور, إلا كانت هناك قرينة تعيينة للأول, وإن لم يستويا في الاسناد, وكان الثاني في ضمن الأول عاد على المتقدم خلافا لابن حزم في زعمه أن الضمير في قوله تعالى (فإنه رجس) عائد على الخنزير لا على اللحم لكونه أقرب مذكور.

سؤالي: ما معنى الاستواء في الاسناد وعدم الاستواء مع التمثيل؟

ليس المقصود هنا أن يكونا متحدين في ركن الإسناد كأن يكونا بالضرورة مبتدأين أو خبرين أو فاعلين حسب مفهوم الإسناد الاصطلاحي، وإنما يشمل الاستواء في الإسناد هنا كونهما ركنين في الإسناد كأن يكون كل منهما مسندا إليه نحو (جاء زيدٌ وعمرو ضربته) فزيد فاعل وهو مسند إليه إذ أسند إليه الفعل، وعمرو مبتدأ وهو مسند إليه إذ أسند إليه الخبر، فلما لم توجد قرينة تجعل الضمير (الهاء) للأول تعيَّن أن يكون للثاني الأقرب وهو عمرو.

ويشمل الاستواء أن يكون أحدهما معطوفا على الآخر لمجرد الاشتراك وإن لم يكونا ركنين للإسناد نحو (اشتريت لبنا وعصيرا فشربته) فاللبن والعصير كما ترى ليسا من أركان الإسناد ولكنهما مستويان في كون كل منهما وقع عليه الشراء، فلما لم توجد قرينة تجعل الضمير للأول تعيَّن أن يكون للثاني وهو العصير.

هذا مع عدم القرينة، فإن استويا في الإسناد ودلت قرينة على استحقاق الأول للضمير فهو له، والقرينة على ضربين:

*معنوية ترتبط بالمعنى نحو (اشتريت كبشا وسكينا فذبحته) فالكبش والسكين مستويان في الإسناد ولكن المعنى يقتضي أن الذبح لا يكون إلا للكبش فالضمير للكبش.

* لفظية ترتبط باللفظ نحو (جاءت أمي وأبي فقبَّلتُ رأسها) فالأم والأب مستويان في الإسناد ولكن تأنيث الضمير دليل على أنه للأم لا الأب.

فإن لم يستو الاسمان في الإسناد وكان ثانيهما ضمن الأول فالضمير للأول، والمقصود بقوله ضمن الأول أن يكون الاسمان في إطار معنى واحد كالمضاف والمضاف إليه في نحو (قرأتُ شعر المتنبي فأعجبني) فالضمير المستتر عائد على الأول الشعر وليس عائدا على المتنبي.

ومن حالات كون الثاني ضمن الأول أن يكون الثاني في جملة هي نعت للأول أو حال منه نحو (رأيت رجلا يضرب جملا فزجرته، جاء زيد وأخوه مريض فأكرمته) فالضمير في كلتا الجملتين للأول (للرجل ولزيد)، مع ملاحظة أن القرينة قد تجعل الضمير للثاني إذ لو قال (فأنخته، فعالجته) لتعين كون الضمير للجمل وللأخ.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

السؤال الثاني: إذا تعدد مرجع الضمير رجع إلى أقرب مذكور, هذا إذا لم توجد قرينة تعين المرجع, فيعود الضمير إلى ما عينته القرينة, والأمثلة على ذكل كثير ولا داعي لذكرها, لكن قرأت في النحو الوافي أيضًا أنه يُشترط في أقرب مذكور ألا يكون مضاف إليه فإنه إن كان مضافا إليه عاد إلى المضاف لا على المضاف إليه, بشرط ألا يكون المضاف كلمة (كل) أو (جميع) ..

سؤالي: ما ذكره صاحب النحو الوافي هل ذكره أحد من المتقدمين أم هو اجتهاد منه؟

ما قاله صاحب النحو الوافي بشأن استثناء كل وجميع موجودٌ (ضمنا) في أقوال النحاة، ولكن الأمر ليس على إطلاقه فإن أضيفت إلى نكرة كان العائد على المضاف إليه كما قال، وبذلك جاء التنزيل (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ، لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى، يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ، لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ).

أما إذا كان المضاف إليه معرفة فالأكثر عود الضمير على المضاف (كل) وهو الأرجح نحو (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ القِيَامَة فَرْدَاً) ونحو (كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها، كلكم جائع إلا من أطعمته، كلكم راع ... ) فالضمير في هذه الشواهد عائد على (كل) لأن المضاف إليه معرفة بخلاف عوده على المضاف إليه إذا كانت (كل) مضافة إلى نكرة كما في شواهد الحالة الأولى.

تحياتي ومودتي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير