أي بناء هذا، هل تكفي البرمجة، هل يكفي أن يكون معك مخطط تفصيلي دقيق جداً فيه آلاف المعلومات عن البناء حتى يبنى البناء، اجمع هذه الخرائط وضعها في أرض خاوية وانتظر هل يبنى هذا البناء يحتاج إلى مواد، ائتي بمئات الأطنان من الإسمنت، والحديد والبلاط والدهان وكل ما يحتاجه البناء وضع هذه المواد وانتظر هل يبنى البناء، إذاً هل يكفي أن تقول بذرة مبرمجة، هل يكفي أن تقول في هذه البذرة معلومات، هل تكفي التعليمات لتنقلب هذه البذرة إلى شجرة، هل تكفي هذه التعليمات لتنقلب البصلة إلى زهر رائع لا تكفي التعليمات، لا بد مع التعليمات من مواد ولا بد مع المواد من بناء، لا بد من تعليمات أي مخطط أي برمجة ولا بد من مواد ولا بد من بناء يقوم به، فإذا رأيت فاكهة وقلت هذه بذرتها مبرمجة فهذا أحد أنواع الكفر المبطن، يعني عزونا الإبداع للمادة.
الله عز وجل إكراماً لنا ورأفة بحالنا ثبت خصائص المواد، إذا زرعت بذر الفجل ينبت فجلاً، لو كان في الكون فوضى لوجدت الفجل ينبت الخيار والخيار ينبت البصل، لكن ربنا عز وجل جعل للبذرة صفات ثابتة، والناس حينما بعدوا عن الله عز وجل ظنوا أن هذه البذرة مبرمجة مع أن الله سبحانه وتعالى حينما أنبت هذا النبات أنبته على طريقة ثابتة كي نطمئن.
حدثني أخ يعمل في حقل الأزهار قال لي في بعض الأنواع من الأزهار الغرام الواحد من بذورها يعد سبعين ألف بذرة، البذرة التي هي جزء من سبعين ألف من الغرام، فيها رشيم ومع الرشيم مواد غذائية تكفي لإنباته وإنبات جذوره.
أحضر حبة فاصولياء وضعها في قطن بعد أيام ينبت برعم، وجذير، أمسك الفاصولياء تراها فارغة، من أين نبت البرعم والجذير؟ ربنا عز وجل حينما خلق البذرة خلق لها رشيماً وخلق مواد غذائية تكفي لإنبات البراعم السويق ولإنبات الجذير إلى أن تستطيع البذرة أن تأخذ غذاءها من التربة يكون هذا المستودع الغذائي قد انتهى ..
في كل بذرة رشيم ومواد ومخطط تفصيلي، أية يد بنت هذا البناء؟ أية يد أنبتت هذا النبات؟
التين له شكل معين وأوراقه لها شكل معين وأغصانه لها شكل معين ولحجم فاكهته حجم معين وله لون معين وله طعم معين وله بذور معينة وله طباع معينة وله وقت نضج معين، ربنا قال:
(سورة التين)
على جبل واحد تينة وزيتونة، هذه تنضج في الصيف وتلك تنضج في أوائل الشتاء، هذه ذات طعم مر وهذه ذات طعم حلو كالعسل.
سبحان الله، بون واسع بين التين والزيتون، قد تزرع تينة إلى جنب زيتونة على أرض واحدة ويسقيها ماء واحد ويعتني بها مزارع واحد ولهذه صفاتها ولتلك خصائصها.
قال بعض المفسرين ما أراد الله عز وجل من هذه الآية التين والزيتون فقط، أراد كل ما تأكله فهذان النوعان والصنفان اللذان ذكرا تأكلهما على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، هل فكرت أيها الإنسان في التين و الزيتون، هل فكرت في المشمش في التفاح في الكمثرى في الدراق في العنب في البلح في الموز في هذا الذي خلقه الله سبحانه وتعالى؟
كل فاكهة لها لون وطعم لها نكهة لها قوام لها قشر، لو أن التين طال ذنبها لسقطت لكن قصر ذنبها يعين على تماسكها على الشجرة وهذه من حكمة الله عز وجل، لو أن هذه التينة بقيت ذات لون أخضر، لا تعرف أنت أي ثمرة قد نضجت، تقطف ثمرة غير ناضجة لا تؤكل، لكن الله سبحانه وتعالى تفضل علينا فجعل الثمرة الناضجة صفراء اللون وأعطاك إشارة أخرى وهي نقطة عسل في مؤخرتها، هذه نضجت اقطف هذه ودع تلك، قال ربنا عز وجل وعلامات.
ما من فاكهة على وجه الأرض إلا ولها علامة نضج وهذه من نعمة الله عز وجل حتى البطيخ، الذي يملك حقل بطيخ يجنيه خلال أشهر ثلاثة، كيف يعرف أن هذه البطيخة قد نضجت؟ هل يحملها وهي على أمها ويتفحصها؟ وإذا قطف البطيخ من دون معرفة قد يأتي كله أبيض اللون لا يباع ربنا عز وجل جلت حكمته جعل على طرف البطيخ حلزوناً إذا كان يابساً فالبطيخة قد نضجت وإذا كان أخضر اللون يدعها على حالها.
ما من فاكهة من الفواكه إلا ولها علامة لذلك قال الله عز وجل:
وعلامات وبالنجم هم يهتدون
(سورة النحل: آية 16)
¥