كلمة علامات مطلقة، علامة لنضج الثمار و الخضراوات و المحاصيل و الفواكه و الثمار و كل شيء. ربنا عز وجل جعل هذا التين لا ينضج في وقت واحد، مع أنه تلقى شروطاً واحدة، حراً في وقت واحد، قراً في وقت واحد، سقي في وقت واحد، الظروف المحيطة بالشجرة واحدة، يجب في المنطق أن تنضج الثمرات في وقت واحد فلو أن هذه الشجرة نضجت دفعة واحدة الإنتاج كله سوف يباع في الأسواق و الإنسان لن يستطيع أن يستهلكه في يوم واحد، يستهلك واحد من تسعين من حجمه و الباقي يتلف، لكن الله سبحانه و تعالى جلت حكمته جعل نضج التين، والتفاح، والكمثرى، والدراق، و البطيخ بالتدريج.
لولا أن هناك إلهاً عظيماً لجعل القمح ينضج بالطريقة نفسها، هذه مشكلة، تمسك السنبلة واحدة واحدة فترى هل نضجت أم لم تنضج أي يمضي الصيف كله بجني القمح.
فالمحاصيل لحكمة بالغة جعلها الله عز وجل تنضج في وقت واحد.
فربنا يقول جل من قائل:
والتين و الزيتون
أي هل فكرت أيها الإنسان بهاتين الآيتين، يجب على الإنسان ألا يكون كالبهيمة يأكل و يشرب كما تأكل الأنعام، الأنعام تأكل ولا تعرف ماذا تأكل، ولا قيمة ما تأكل، ولا عظمة الخالق فيما تأكل، ولا روعة الخلق، ولا العلم المنطوي بهذه الفاكهة، والتين والزيتون.
أشياء كثيرة يمكن أن نتكلم عنها في موضوع التين والزيتون ولكن المقام لا يتسع لأكثر من ذلك، وعلى الإنسان أن يجول فكره في ملكوت السموات والأرض ربنا سبحانه و تعالى يقول:
إنما يخشى الله من عباده العلماء
(سورة فاطر: آية 28)
أي العلماء وحدهم يخشون الله.
كلما زدت المخلوقات فكراً زادتك معرفة بالله عز وجل، والأصح من ذلك أن الله سبحانه و تعالى إنما خلق الخلق لنعرفه من خلال الخلق. قال تعالى:
الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما
(سورة الطلاق: آية 12)
فهذه اللام لام التعليل لتعلموا.
(سورة التين)
هناك تفسيرات كثيرة لآية و طور سينين، أن التين والزيتون ينبتان في الجبال، الطور هو الجبل وسينين هو الجبل الذي فيه أشجار مثمرة، يعني الجبل الأخضر منظر جميل وعطاء كريم، في بلادنا جبال كثيرة كلها زيتون، هناك إحصاء قديم من عشر سنوات و نيف فيه عدد أشجار الزيتون خمسة عشر مليون زيتونة.
جبال خضراء وفوق جمالها وخضارها تدر على الناس عطاءً كثيراً ومعنى آخر أن هذا الجبل الذي ينبت هاتين الشجرتين من تربة واحدة قد يكون الجبل كلسياً قد يكون يغلب على تربته الحديد ومع ذلك ترى طعم الزيتون يختلف عن طعم التين وبعض المفسرين قالوا الطور من قوله تعالى:
ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا
(سورة نوح: آية 14)
من الطور والطور مرحلة في النمو، مرحلة في التطور، هذه البذرة لتصبح شجرة تمر في مراحل من مرحلة الرشيم لمرحلة إنبات الرشيم لظهور الجذير، لنمو الساق، لنمو الأغصان، لنمو الأوراق، لنمو الأزهار، لانعقاد الثمرة، لنضج الثمرة، لحجم الثمرة وتلوينها، هذه الأطوار طور فوق طور.
لذلك قال بعض الفلاسفة: البذرة شجرة بالقوة، وبذرة بالفعل.
ربنا عز وجل قال والتين والزيتون وطور سينين، هذا التطوير في النبات والحيوان والإنسان، فالطفل ينمو، يمشي، يتكلم، يدرك، يحاكم، يفكر، يتذكر، يكبر، تنبت لحيته ويخشن صوته، يصبح شاباً، يزداد عقله، يقل طيشه، ثم يصبح كهلاً، يعقل، يفكر في مستقبله، يتزن في كلامه، أطوار.
ما لكم لا ترجون لله وقارا وقد خلقكم أطوارا
(سورة نوح: آية 14)
والأشجار المثمرة تبدأ بذرة ثم فسيلة ثم شجيرة لا تثمر بعد ذلك تثمر ثم تنمو ثم تعطي عطاءها، منها من يعمر، هذه تعيش ألف عام، هذه تعيش عشرة أعوام، هذه قصيرة العمر وهذه طويلة العمر، هذه الأطوار طواها الله سبحانه وتعالى في قوله وطور سينين.
إما أن نفهم الطور الجبل المبارك الذي تكسوه الأشجار الخضراء، وإما أن نفهم الطور هذا الإمداد الإلهي الذي يجعل الأشياء تمر من طور إلى طور.
¥