قبل يومين رأيت الناس متحلقين في أحد شوارع المدينة اقتربت فإذا إنسان ملقى على الرصيف سألت: ماذا به؟ قالوا: وقع ميتاً، قبل دقائق كان يمشي ويتحرك ويسمع ويرى ويبصر وكان له محاكمة ونطق وكلام وأجهزة متعددة كانت تعمل دفعة واحدة توقفت عن العمل، فإذا هو جثة هامدة.
ماالذي فقد هذا الإنسان، فقد هذا الإمداد الإلهي هذا الإمداد الذي يمد الأجهزة بالحركة والعمل، أضرب مثلاً جهاز معقد جداً يعمل على الكهرباء إذا قطعت عنه الكهرباء يقف، يصبح كتلة من حديد.
الله سبحانه وتعالى يمدنا بالحياة، والموت توقف القوة الممدة بالحياة فإذا الإنسان لحم وعظم يتفسخ بعد حين.
(سورة التين)
البلد الأمين مكة المكرمة، و إذا حملنا هذه الآية على أنها مكة المكرمة، تكون بعيدة عن السياق العام مع أن مكة مكرمة عند الله عز وجل مشرفة وزادها الله شرفاً و تعظيماً، لكن البلد الأمين إذا راعينا السياق العام هذه الأرض التي نحن عليها، اركب طائرة هل تحس بالأمن المطلق لا، لعل جهازاً تعطل فيها لا بد من قلق ولو بالمائة واحد لعل الوقود تسرب من بعض الخزانات لعل الأشخاص المكلفون بتنسيق الحركة في المطارات غافلون، لعل هناك اصطدام بين طائرتين، وهذا حدث.
إنك وأنت على سطح الأرض في طمأنينة بالغة، الأرض لن تصطدم في كوكب آخر قال تعالى:
وكل في فلك يسبحون
(سورة يس: آية 40)
لكل كوكب مسار خاص، الأرض لن يتعطل فيها بعض الأجهزة لن ينفد الوقود لن تختل الجاذبية، هناك أمن.
هناك أمن على بقائها وأمن على استمرارها وعلى حركتها وعلى استمرارها وعلى طاقتها والشمس كل يوم تشرق، أنت مطمئن، لولا أن الله سبحانه وتعالى تفضل علينا وجعل للحديد صفات ثابتة فأحوالنا صعبة بعد أن أشدت البناء طرأ تعديل على بنية الحديد فوقع البناء.
الحديد له صفات ثابتة، الإسمنت له صفات ثابتة، ثبات خصائص المواد هذه نعمة كبرى ولا يعلمها إلا العالمون، أنت في هذا البلد على هذه الأرض تحتاج إلى الماء، الماء موجود في البحار والينابيع وفي الأنهار وفي باطن الأرض والمياه معدنية فيها نسب من الكلور معينة ومن اليود معينة هذه النسب لها علاقة بأجهزة الإنسان الداخلية وبغدده الصماء، حتى أن وحدات التحلية التي صنعها الإنسان لتحلية مياه البحر هكذا بلغني أن المشرفين على هذه الوحدات يضيفون إليها بعض مياه الآبار لأن هذه التحلية تعطينا ماء صرفاً وليس معدنياً وهذا يؤذي بالصحة، تحفر الآبار ويؤخذ منها بعض الماء القليل ويخلط مع مياه التحلية حتى يصبح الماء معدنياً، فأنت إذا شربت كأس الماء من هذا البلد الأمين الذي جعل الله عز وجل كل الحاجات متوافرة فيه.
أنت بحاجة إلى الهواء قد لا تصبر من دون ماء أكثر من أيام، لذلك الماء موزع في المدن والقرى، لكن الهواء لن تستطيع أن تصبر على فقده إلا دقائق إذاً هو في كل مكان، الهواء موجود في كل مكان لا يباع ولا يشترى، ولا يقنن ولا يحتكر ولا يستغل لأن حاجتك للهواء مستمرة فالله سبحانه وتعالى جعله في كل مكان.
أنت بحاجة إلى أن تنام جعل لك الليل أميناً، وجعل المخلوقات كلها تخلد إلى النوم في مثل هذا الوقت أنت بحاجة إلى ثياب تقيك الحر جعل القطن يمتص العرق، بحاجة إلى ثياب تقيك القر جعل الصوف تدفأ به، أنت بحاجة إلى طعام فيه بروتين جعل اللحوم، ونوعها لك فتأكل لحم غنم تارة ولحم سمك تارة ولحم طير تارةً أخرى.
وأنت بحاجة إلى فواكه ذات ألياف سيللوزية من أجل أن تحرك أعضاءك، وإلى شيء تمتع عينيك جعل هذه الأزهار ونوعها وعددها وجعلها متباينة الأشكال والألوان، أنت بحاجة إلى بيت جعل لك مواداً تجبلها تصبح سائلة ثم تجف تصبح قاسية من خلقها لك، من أعطى للإسمنت خواصه، من أعطى الخواص التي صنع منها الإسمنت.
أنت بحاجة إلى طفل يؤنس وحشتك ثم يعينك في كبرك فجعل نظام الزواج، تحتاج إلى إنسان تسعد به قال تعالى:
ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون
(سورة الروم: آية 21)
وهذا البلد الأمين، يعني كل الحاجات موفرة من طعام وشراب وزينة وكل شيء تريده وكل حاجة تحتاجها، خلقها الله سبحانه وتعالى جعلها لنا.
¥