ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[24 - 02 - 2008, 09:13 م]ـ
:::
قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)} الكهف.
السلام عليكم
الحقيقة أن هذه المسألة من المسائل التي تُشغل العقل والفكر معاً.
فذو القرنين وحسب الآيات الكريمة ذهب إلى أماكن ولها علامات وعرَّفها الله حيث أضاف الشمس مرة إلى المغرب ومرة إلى المشرق. ولكن هذا التعريف غير كافٍ، وذلك لأن هذه المُعَرِّفَةِ تنطبق على كل مغرب ومطلع في الدنيا.
وسنبدأ ببحث مطلع الشمس، قال تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِهَا سِتْرًا (90)}.
وفيها مسائل:
المسألة الأولى:
أسماء هؤلاء القوم
جاء في تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ):
{حَتَّى إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ} قرىء بكسر اللام، وقرىء بفتح اللام، وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: معناهما واحد.
الثاني: معناهما مختلف. وهي بفتح اللام الطلوع، وبكسرها الموضع الذي تطلع منه. والمراد بمطلع الشمس ومغربها ابتداء العمارة وانتهاؤها.
{وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُم مِّن دُونِهَا سِتْراً} يعني من دون الشمس ما يسترهم منها من بناء أو شجر أو لباس. وكانوا يأوون إذا طلعت عليهم إلى أسراب لهم، فإذا زالت عنهم خرجوا لصيد ما يقتاتونه من وحش وسمك.
قال ابن الكلبي: وهم تاريس وتأويل ومنسك.
وهذه الأسماء والنعوت التي نذكرها ونحكيها عمن سلف إن لم تؤخذ من صحف النبوة السليمة لم يوثق بها، ولكن ذكرت فذكرتها. وقال قتادة. هم الزنج. انتهى.
المسألة الثانية:
نفي وجود أي ستر لهم من الشمس، مثل الأسراب، وغيرها.
جاء في تفسير روح المعاني/ الالوسي (ت 1270 هـ):
{حَتَّى? إِذَا بَلَغَ مَطْلِعَ ?لشَّمْسِ وَجَدَهَا تَطْلُعُ عَلَى? قَوْمٍ لَّمْ نَجْعَل لَّهُمْ مِّن دُونِهَا سِتْراً}
وأنت تعلم أن مثل هذه الحكايات لا ينبغي أن يلتفت إليها ويعول عليها وما هي إلا أخبار عن هيان ابن بيان يحكيها العجائز وأمثالهن لصغار الصبيان، وعن وهب بن منبه أنه يقال لهؤلاء القوم منسك، وظاهر الآية لوقوع النكرة فيها في سياق النفي يقتضي أنهم ليس لهم ما يسترهم أصلاً وذلك ينافي أن يكون لهم سرب ونحوه، وأجيب بأن ألفاظ العموم لا تتناول الصور النادرة فالمراد نفي الساتر المتعارف والسرب ونحوه ليس منه، وأنت تعلم أن عدم التناول أحد قولين في المسألة، وقال ابن عطية: الظاهر أن نفي جعل ساتر لهم من الشمس عبارة عن قربها إليهم وتأثيرها بقدرة الله تعالى فيهم ونيلها منهم ولو كانت لهم أسراب لكان لهم ستر كثيف انتهى، وحينئذ فالنكرة على عمومها، وأنا أختار ذلك إلى أن تثبت صحة أحد الأخبار السابقة.
المسألة الثالثة:
محاولة تحديد مكان مطلع الشمس
جاء في تفسير في ظلال القرآن/ سيد قطب (ت 1387 هـ)
وما قيل عن مغرب الشمس يقال عن مطلعها. فالمقصود هو مطلعها من الأفق الشرقي في عين الرائي. والقرآن لم يحدد المكان. ولكنه وصف طبيعته وحال القوم الذي وجدهم ذو القرنين هناك: {حتى إذا بلغ مطلع الشمس وجدها تطلع على قوم لم نجعل لهم من دونها ستراً} .. أي إنها أرض مكشوفة، لا تحجبها عن الشمس مرتفعات ولا أشجار. فالشمس تطلع على القوم فيها حين تطلع بلا ساتر .. وهذا الوصف ينطبق على الصحارى والسهوب الواسعة. فهو لا يحدد مكاناً بعينه. وكل ما نرجحه أن هذا المكان كان في أقصى الشرق حيث يجد الرائي أن الشمس تطلع على هذه الأرض المستوية المكشوفة، وقد يكون ذلك على شاطئ إفريقية الشرقي. وهناك احتمال لأن يكون المقصود بقوله: {لم نجعل لهم من دونها سترا} إنهم قوم عراة الأجسام لم يجعل لهم ستراً من الشمس ..
ولقد أعلن ذو القرنين من قبل دستوره في الحكم، فلم يتكرر بيانه هنا، ولا تصرفه في رحلة المشرق لأنه معروف من قبل، وقد علم الله كل ما لديه من افكار واتجاهات.
¥