قال يونس بن حبيب (ماجاءناعن أحدمن روائع الكلام ماجاءنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) (1) وللجاحظ عرض بديع لخصائص حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وسماته قال في آخره (لم يسمع الناس بكلام قط أعم نفعآولاأقصد لفظآ ولاأحسن موقعآ ولاأسهل مخرجآ ولاأفصح معنى ولاأبين في فحوى من كلامه صلى الله عليه وسلم) (2) مما أحدث تحولاً جذرياً في حياة العرب وسائر شئونهم ولأن الحديث محصور على الجانب البلاغي فانني سأحاول أن أتحدث ماأمكنني عن هذا الجانب مركزاً على ماأحدثه القرآن الكريم والأحاديث النبوية على كلامهم شعره ونثره من أثرسواء أكان في الألفاظ أو في المعاني أوفي الصياغة والإساليب ولا شك أن ذلك يظهر واضحاً جلياً وخاصةً في الشعر الذي كان موجوداً في الجاهلية ويلقى رواجاً كبيراً عند العرب لما له من أهمية في حياتهم ونقل أخبارهم وتسجيل أحداثهم لذلك كان منهم من الأهمية بمكان حتى قال ابن عباس رضي الله عنه إذا قرأتم شيئآ من كتاب الله فلم تعرفوه فاطلبوه في أشعارالعرب فإن الشعر ديوان العرب) (3)
وكانت كل قبيلة تنظر الي شعرائها بمزيد من الفخر والاعتزاز لأنه بشعره يخلد ذكرها ويسجل أخبار حروبها مع بقية القبائل وعندما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان عربياً من بيئة عربية صافية نقية استمع الي الشعر وأعجب بجيده وأقر كثير منه , وأثنى على بعضه عندما سمعه من الصحابة فعن أبي بن كعب قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) (4)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - البيان والتبيين للجاحظ 2/ 18
(2) - المرجع السابق 2/ 18
(3) – العمدةلابن رشيق القيرواني1/ 20 تحقيق عبدالحميد هنداوي- المكتبة العصرية
(4) - فتح الباري بشرح صحيح البخاري 10/ 537 تحقيق الشيخ عبدالعزيز بن باز وجماعه – دار المعرفة – بيروت
=================================================
(4)
وتأتي سورة الشعراء في القرأن الكريم لتدلل على أهمية الشعر في حياة العرب
وتتضمن أياتها الكريمة رأياً واضحاً ومحدداً في الشعر وأهله صورة واضحة لايعتريها اللبس في قوله تعالى (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون مالايفعلون الا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيراً وانتصروا من بعد ماظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) (1)
حيث جاء التعميم بوصفهم في بداية الأمر بالغوايه وذكر السبب ثم أتى الأستثناء في آية تاليه يدلل على أن ماوافق الحق ونطق بالصدق محمود ومقبول.
وأماالنبي صلى الله عليه وسلم والذي قال عنه المولى عزوجل في محكم التنزيل منزهاً له عن قول الشعر (وماعلمناه الشعر وماينبغي له إن هو إلا ذكروقرآن مبين) (2) فقد كان موقفه واضحاً من الشعر وأهله كيف لاوهو العربي الذي يعرف أهمية الشعرعند بني قومه لذا كان صلى الله عليه وسلم يستمع له ويعجب بجيده ويقره ويكره رديئه وينفرمنه وقد أستخدمه سلاحاً في الذود عن حياض الإسلام لذا كان يقول لحسان بن ثابت رضي الله عنه (أهجهم أوقال هاجهم وجبريل معك) (3)
وفي حديث أبي بن كعب قوله صلى الله عليه وسلم (إن من الشعر حكمة) (4)
ولقد أثنى صلى الله عليه وسلم على عبدالله بن رواحه عندما قال (5):-
وفينا رسول الله يتلو كتابه **** إذا إنشق معروف من الفجرساطع
أرانا الهدى بعد العمى وقلوبنا **** به موقنات أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه **** إذا اشتغلت بالكافرين المهاجع
لما في أبياته من سمو ونبذ للسوء.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - الشعراء الآية 224 - 227
(2) - يس الآية 69
(3) - فتح الباري لابن حجر 10/ 546
(4) – المرجع السابق 10/ 548
(5) – ديوان عبدالله بن رواحة
==================================================
(5)
وعندما سمع صلى الله عليه وسلم النابغة الجعدي يقول (1):-
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى **** ويتلو كتاباً كالمجرة نيرا
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ***** وإنا لنرجوا فوق ذلك مظهرا
إعترضه وقال (إلى أين ياأبا ليلى؟) فقال: إلى الجنة فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن شاءالله) (2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم إشتم من فخره روح الجاهلية فأراد أن يوجهه الوجهة الصحيحة فكان جواب النابغة موافقاً للحق.
¥