تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الباطل: الأنسَ بنبيين كريمين خرج من نسلهما كل من جاء بعدهما من الرسل والأنبياء عليهم السلام، فأي ثواب أعظم من ذلك؟!، ومن ترك شيئا لله عوضه الله بما هو خير له منه.

وفي "الزهد والرقائق" لابن المبارك رحمه الله من قول أبي بن كعب رضي الله عنه: "ما ترك عبد شيئا لا يتركه إلا لله إلا آتاه الله مما هو خير منه من حيث لا يحتسب، ولا تهاون عبد أو أخذه من حيث لا يصلح له إلا أتاه الله بما هو أشد منه، من حيث لا يحتسب". اهـ

وعند ابن عساكر، رضي الله عنه، من قول ابن عمر رضي الله عنهما: "ما ترك عبد الله أمرا لا يتركه إلا لله إلا عوضه الله منه ما هو خير له منه في دينه ودنياه". اهـ

فمن اعتزل طرائق الطغيان في الديانات وأقبل على الرب، جل وعلا، فأفرده بالتأله والخضوع، والدعاء من آكد صوره، فهو السعيد حقا إذ قد استأنس بمن لا يستوحش جليسه، وإن لم تره عينه شهادة في الدار الأولى.

وهو على ما اطرد في بيان تلك المراتب العلية: أمر يجري على الألسنة في أزمنة السعة جريان الماء في الأودية فإذا جاء الابتلاء بمقتضى السنة الكونية الجارية تبين من بكى ممن تباكى، فعرف الصادق من الكاذب، وحسب من كتب أو نطق: التذكير وإن لم يكن لما يذكر به أهلا، فالله أعلم بمكنون الصدر وضعف النفس وهو يتجاوز عما علمه من فساد الأحوال بما اتصف به من عظيم الرحمات.

والشاهد أن ذلك وإن تضمن ابتلاء عظيما إلا أنه كان دليلا آخر من أدلة صدق الرسالة، فلو آمنت قريش ابتداء، لتطرق إلى أذهان المشككين أن الأمر محض ملك رام صاحبه إخضاع العرب والعجم لسلطانه، فأغرى قومه بذلك، فاتبعوه طمعا في ملك زائل، وذلك أمر يردده بعض المرتدين من زنادقة العصر، ممن أحالوا النبوة ملكا جبريا برسم الطغيان، والتاريخ شاهد بسقوط هذ الدعوى الكاذبة فتدبر سيرة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وما جرى عليه من أجناس الابتلاء في نفسه وأهله وماله وأصحابه، وما ناله من يسير العرض، على حد قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: "مَا لِي وَمَا لِلدُّنْيَا مَا أَنَا فِي الدُّنْيَا إِلَّا كَرَاكِبٍ اسْتَظَلَّ تَحْتَ شَجَرَةٍ ثُمَّ رَاحَ وَتَرَكَهَا"، والملوك لا تفرط في حظوظها العاجلة فهم أحرص الناس على إقامة العروش والرسوم الملوكية التي يظهرون بها أبهة ملكهم وعظم سلطانهم، ولم يكن صلى الله عليه وعلى آله وسلم على هذا الوصف، بل كان كما قال عن نفسه: "عبدا رسولا"، كما في حديث أبي هريرة، رضي الله عنه، مرفوعا: "جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فنظر إلى السماء، فإذا ملك ينزل، فقال له جبريل: هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة، فلما نزل قال: يا محمد أرسلني إليك ربك أملكا جعلك لهم أم عبدا رسولا؟ فقال له جبريل: تواضع لربك يا محمد، فقال صلى الله عليه وسلم: «لا بل عبدا رسولا» ".

تدبر سيرته من هذا الوجه يقطع بصحة رسالته صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهذا دليل واحد من جملة أدلة قد بلغت حد التواتر.

ووصفه في التنزيل:

(سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَرًا رَسُولًا)

و: (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)

و: (وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا)

و: (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى).

والله أعلى وأعلم.

ـ[زهرة متفائلة]ــــــــ[22 - 10 - 2009, 08:55 م]ـ

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله .... وبعد:

الأستاذ الفاضل: مهاجر

جزاك الله خيرا ... على ما تقدم لنا من حصيلة علمية دينية ... جعلها الله في موازين حسناتك .. اللهم آمين

صدقًا .... إن السيرة المحمدية هي من أعظم صفحات التاريخ قيمة .... وكيف لا؟ وهو رسول الأمة ... بارك الله فيك ... في عرضها هنا ... في أرض الفصيح.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير