لَفَاعِلُونَ) (6)
الآن من خلال هذه الآيات نستنتج وجود السبب ويتمثل في طلب العزيز ائتوني بأخ لكم من أبيكم وهذا الركن الأول في الإرادة
ولكي تكتمل الإرادة يحتاجون إلى الاستطاعة التي تتمثل في الإذن من أبيهم بأن يسمح لهم باصطحاب أخيهم معهم إلى مصر وسوف يستعملون مع أبيهم هذا الأسلوب (قَالُواْ سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ)
ونضع تعريف للمراودة:-
المراودة:- تعني البحث عن اكتمال الإرادة أو الفعل الإرادي بعدة أساليب ويشترط أن تكون الأساليب صحيحة و صادقة وغير كاذبة، مثل ما قص الله تعالى في هذه الآيات.
وهذه طريقة المراودة (فَلَمَّا رَجِعُوا إِلَى أَبِيهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ... قَالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلاَّ كَمَا أَمِنتُكُمْ عَلَى أَخِيهِ مِن قَبْلُ فَاللّهُ خَيْرٌ حَافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ... وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَاعَهُمْ وَجَدُواْ بِضَاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَا أَبَانَا مَا نَبْغِي هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ كَيْلٌ يَسِيرٌ). (7)
ونستخلص من هذه الآيات عدة أساليب استعملت و لغرض الحصول على الاستطاعة المتمثلة في (الإذن) وهم صادقون في كل ما ذكروه.
فكان قولهم (قَالُواْ يَا أَبَانَا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنَا أَخَانَا نَكْتَلْ) يطابق قول يوسف (وَلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ أَلاَ تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَاْ خَيْرُ الْمُنزِلِينَ) (فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ)
(هَذِهِ بِضَاعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا) يطابق قول يوسف (وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُواْ بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انقَلَبُواْ إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) وقولهم (وَنَمِيرُ أَهْلَنَا وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ذلك كَيْلٌ يَسِيرٌ)
وعندما حصلوا على (الإذن) الذي يتمثل في الاستطاعة كما في قوله عز وجل (َلََنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ) (8)
هنا اكتمل الفعل الإرادي السبب مع الاستطاعة
فكان السبب يتمثل في طلب يوسف (َلَمَّا جَهَّزَهُم بِجَهَازِهِمْ قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَّكُم مِّنْ أَبِيكُمْ) (فَإِن لَّمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلاَ كَيْلَ لَكُمْ عِندِي وَلاَ تَقْرَبُونِ)
الاستطاعة تتمثل في الإذن من أباهم (قَالَ لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقاً مِّنَ اللّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ فَلَمَّا آتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ قَالَ اللّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ)
من خلال هذا الفهم نستنتج أن امرأة العزيز كان عندها السبب المتمثل في العشق الجنوني ليوسف ولا تملك الاستطاعة التي تتمثل في رضاء يوسف والنزول عند رغبتها لذلك قال وراودته وكما سبق في البحث السابق في الإرادة أن الفعل الإرادي يتكون من السبب القدرة الاستطاعة و إذا فقدت الاستطاعة يطلق عليه (هم) و هذا ما كانت تعاني منه امرأة العزيز، ثم انتقل الكلام في هذه القصة إلى المقطع الثاني وهو الفاصل بين المراودة و الانتقال إلى الإعداد للشروع في الفعل وبعد إن استيأست من الحصول على الاستطاعة بطريقة المراودة:
قال الله عز وجل (وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ) ويعني بكلمة الغلق المنع من الداخل إلى الخارج وفي الحديث الشريف عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا يغلق الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه) ويعنى بالغلق منع الإخراج، ومن الطبيعي فإن مرحلة غلق الأبواب لابدَّ أن تسبقها مقدمات أخرى و المراودة تقدمت على الغلق، وجاء الغلق بناء على سبب وهو فشل المراودة مقدماً وهي أدركت يقيناً أن يوسف عليه السلام سوف يقوم برفضها وسوف يحاول الهروب منها، ومن الطبيعي من خلال القصة و تسلسل ألإحداث فيها
¥