تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

التي جاءت بالمحال الذاتي، وأجبرت العقل البشري على اعتناقه قهرا فهو مغيب عن الوعي بتأثير مخدر: الإيمان المطلق ولو بالمحال الذي لا تقره النبوات فالإيمان فوق المناقشة ولا يكون المؤمن مؤمنا إلا إذا غيب عقله فصدق أوهاما تمجها عقول القصر من الأطفال فضلا عن عقول البالغين الأسوياء، ثم هي بعد ذلك ترمي المخالف بالتعصب وضيق الأفق وإهمال العقل البشري وازدرائه، على حد: رمتني بدائها وانسلت!.

والتوحيد عندهم: يقبل التعدد فهو توحيد عالمي! تشمل عباءته كل منتحل لأي دين، فكل الطرق تؤدي إلى روما!.

والحوار يتجاوز الكليات من العقائد والشرائع إلى أخلاق التسامح البارد الذي يصل إلى حد التسيب والميوعة، فليس تسامحا على حد التعايش في أمور الحياة التي يشترك فيها البشر من بيع وشراء وعلاج وتعليم للصنائع الدنيوية .......... إلخ، وإنما هو تسامح على حد إقرار الباطل والاحتفاء به والارتماء في أحضانه في حرارة تقابل ببرود، إذ ليس لك مكان في صفهم أو مكانة في قلوبهم إلا على حد قوله تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) فذلك الشرط الذي يقع به المشروط الذي يبغيه المنهزمون من القاعدين على كراسي مؤتمرات الحوار الوثيرة!، وبقدر تنازلك عن ثوابنك، بل طعنك بنفسك فيها، على حد ما ظهر في أزمنة الضعف الأخيرة من كتابات وتصريحات المرتدين صراحة أو تلميحا، بقدر ذلك يكون احتفاؤهم بك، ونشرهم لكتاباتك المضللة، وإغداقهم عليك بأموالهم الوفيرة، فتلك معادلة مطردة بمقتضى عموم ألفاظ الكتاب العزيز فلا تقبل التخصيص بزمان دون آخر تحكما محضا لا دليل عليه، بل يهود ونصارى زمان النبوة أحسن حالا بكثير من يهود ونصارى زماننا، فعموم الآية في زماننا ثابت من باب أولى.

ولا مانع أثناء هذا الحوار من إلقاء عبارات المجاملة الباردة التي تخفي وراءها أغراضا فاسدة، فالنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم رجل عظيم ولكنه ليس نبيا يوحى إليه، والقرآن: كتاب عظيم، ولكنه ليس وحيا، والإسلام: نظام اجتماعي راق، ولكنه ليس دينا من السماء نازل، فهذا أقصى طموح المتخاذلين من المسلمين المشاركين في تلك المؤتمرات الهزلية فغايتهم أن يبحثوا عن عبارة مدح في كلام المستشرقين، ولو كانت عند التحقيق، ذما مبطنا، أو يحظوا بنوع اعتراف بالإسلام يسوي بينه وبين البوذية أو الهندوسية أو أي ديانة أرضية، وذلك سقف الطموح في زمان انحسار الملة الحنيفية!: كلمة ثناء من جهال متعصبين وصل الجهل بأحدهم إلى عدم معرفة مكان دفن جثمان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مع أن المفترض فيه أنه متخصص في الدراسات الإسلامية!.

والطرفان لا يحظيان بنفس القدر من الإمكانيات كما يقول ذلك الفاضل الذي تبنى وجهة النظر الإسلامية في ذلك البرنامج:

فالطرف المسلم معترف سلفا برسالتي: الكليم والمسيح عليهما السلام، فيستغل الطرف الآخر ذلك الاعتراف ليعممه على ما نراه الآن من بقايا وحي قد اندرست معالمه تحت أقدام الأحبار والرهبان الذين صيروا جوهره التوحيدي النقي: عين الشرك بل عين المحال وفق ما أملته عليهم الأهواء النفسانية ولا زال التعديل بالحذف والإضافة ساري المفعول إلى يوم الناس هذا!.

والطرف المسلم غير مدعوم بحكومات متدينة أو مؤسسات متخصصة أو حتى مجتمعات ملتزمة بأحكام الشرع، بل إنه مدفوع أحيانا إلى تلك المؤامرات بوحي من حكومات علمانية ليس لديها من هامش المناورة السياسية أو القوة العسكرية ما يمكنها من عصيان الأوامر الصادرة من مراكز صنع القرار في واشنطن ولندن وباريس!.

والطرف النصراتي مدعوم بمنجزات المدنية الأوروبية الحديثة التي يتم تسويقها في خلط متعمد على أنها حضارة إنسانية متكاملة، فالإنسان هو القميص الذي يرتديه فيبلى، والحذاء الذي يلبسه ليطأ به الأذى والطعام الذي يأكله ليصير إلى ما قد علم، والسيارة التي تقله، والصاروخ الذي يوجهه، والإنترنت الذي يستعمله ............. إلخ، ولو كان ملحدا بلا دين، أو إباحيا بلا أخلاق، فالحضارة كتل حديدية محضة ولو كان مالكها والمتصرف فيها بلا دين أو أخلاق، ومشكلات أوروبا الدينية والأخلاقية المعاصرة خير شاهد على فشل المدنية في إسعاد الإنسان، وإن نجحت في

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير