تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتأمله في تجييش المشاعر المذهبية كما يحدث في فارس التي لا زالت تتلقى العزاء في علي والحسين، رضي الله عنهما، حتى الآن!، فذلك نوع من الحشد المعنوي المستمر الذي اعترف مرشد الثورة الحالي بأنه السبب في بقاء المذهب حيا، إذ نظرية المظلومية التي تستقر في وجدان كل أتباع المذهب وتلقي اللوم على الطرف الآخر، وتنتظر يوم الثأر منه بعد عودة الغائب، تلك النظرية هي ثمرة دعاية مستمرة حولت الوهم إلى حقيقة مسلم بها، فالعقل الجمعي لا زال منذ ظهر المذهب سياسيا ثم عقديا يردد نفس المقالة.

وتأمله في خرافة الهيكل المزعوم الذي أثبتت الدراسات اليهودية نفسها عدم وجوده، ولكنها أضعف من أن تقاوم عقلا جمعيا رسخ تلك الخرافة في أذهان أتباعه.

وتأمله في الحيلة النفسية الني نسلي بها أنفسنا عن تقصيرنا في حق إخواننا في فلسطين فهم الذين باعوا الأرض، والقضية قضيتهم فهي: قضية فلسطينية بحتة فليس لنا فيها دور إلا الوساطة!، وبتكرار هذه المقالات يتكون عقل جمعي شعاره: وأنا مالي يا عم!.

وتأمله في قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ).

فذلك الإلف هو ناتج العقل الجمعي الذي يؤدي بدوره، كما يقول أصحاب نظرية العقد الاجتماعي، الذين نزعوا السلطان من الوحي وردوه إلى الشعب، يؤدي إلى تكوين رأي عام يؤسس عقدا اجتماعيا غير مكتوب تتفق عليه الجماعة، وإن لم تستفت عليه، فلو أجمعت على إباحة الشذوذ، كما حدث في بعض البلاد الأوروبية التي اعترفت به رسميا، فهذا حقها إذ ذلك عقلها الجمعي الذي تشكل وفق دعاية رتيبة لهذا الأمر قوبلت ابتداء بالإنكار الشديد، كحال أي فكرة طارئة على المجتمع، لا سيما إن كان مجتمعا ذا أخلاق زراعية محافظة كما كان حال أوروبا قبل النهضة الصناعية، ثم فتر الإنكار شيئا فشيئا، مع تبدل نمط الحياة ونمط الأخلاق، فأصبحت صناعية، تسعى إلى تحصيل اللذة العاجلة بأي ثمن وأي وسيلة، واستمر رصيد الفكرة في العقل الجمعي يزداد يوما بعد يوم حتى صار المعروف منكرا والمنكر معروفا.

والشاهد أن العقل الجمعي قد صير الهوية الرياضية جزءا من الشخصية، فلا بد أن تحدد انتماءك لأنظر أولي أنت أم عدو!. ويتندر أهل مصر بوجوب إضافة خانة في الهوية الشخصية تحدد الانتماء: أهلاوي أو زملكاوي كما يكتب في خانة الديانة: مسلم أو نصراني!.

وهي لوثة لم يسلم منها أحد منا تقريبا فمن مقل ومن مستكثر، ويزيدها عراقة في نفوسنا حالة الإحباط والفراغ الفكري والعقدي التي نعيشها لا سيما فئة الشباب التي عطلت قواها الفاعلة عن تحصيل علم نافع أو عمل صالح.

ويقينا: الجامعة الإسلامية أفضل من الجامعة الكروية، فاستبدال الثانية بالأولى مسلك يهودي من جنس: (فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ)

والله أعلى وأعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير