تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأقول لهذا الكاتب أنه من المعلوم بالضرورة أن الشريعة الإسلامية قد جاءت بأصول عامة تندرج تحتها فرعيات عديدة واستدل علماء الإسلام عليهم سحائب الرحمة بهذه الأصول العامة على تحريم الدخان لإدراجه تحتها والأصول التي أشاروا إليها إما آيات قرآنية أو أحاديث نبوية أو استنباطاً من فتاوى العلامات الأبرار والاخيار علي مدار العصور .. مثل الاستدلال بقوله تعالى "يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث" الأعراف 157 .. والتبغ والسجائر والدخان أليسوا من أخبث الخبائث .. وقوله تعالى "ولا تبذر تبذيراً إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين" الإسراء 27 .. إنفاق الأموال على دخان يجلب الأضرار والأمراض والروائح الكريهة أليس تبذيرا نهانا الله عنه .. إثبات الأبحاث والتجارب أن التدخين يصيب بالأمراض القاتلة والمميتة والمهلكة وعلى رأسها سرطان الرئة ألا ينطبق عليه قوله سبحانه تعالى "ولا تقتلوا أنفسكم" النساء 29.

وقوله صلى الله عيه وسلم «لا ضرر ولا ضرار» في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام أحمد وغيره .. وقوله صلى الله عيه وسلم " من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا وليعتزل مسجدنا وليقعد في بيته " وهو حديث متفق عليه .. لكراهة رائحة هاتين الثمرتين فكيف برائحة هذا الدخان العفنة النتنة التي تؤذي من يتعاطاه وتؤذي غيره من الناس بل إن رائحة هذا الدخان أشد إيذاءً من رائحة البصل أو الثوم ومن صلى بجانب مدخن يتأذى.

واتفق جمهور العلماء مع الآراء الطبية الثابتة بقولهم أن تحريم الدخان إنما جاء لأنه يضعف القوى ويغير لون الوجه بالصفرة والإصابة بالسعال الشديد الذي قد يؤدي إلى مرض السل وأنه لا فرق في حرمة المضر بين أن يكون ضرره دفعياً أي يأتي دفعة واحدة وأن يكون تدريجياً فإن التدريجي هو الأكثر وقوعاً .. وأما اختلاف فتوى الفقهاء بين التحريم والكراهة وتعلل من قال بالكراهة بغياب النص القرآني أو الحديث المسند الصحيح في حرمة التبغ فهي حجة واهية والحجة الأقوى هي التي جاءت بالتحريم الكامل والتي انحاز لها كبار علماء وأئمة ومشايخ المسلمين والتي يتبناها الأزهر الشريف وهيئة علماء المسلمين ومجمع البحوث الإسلامية وغيرها من أكبر وأقوي وأصدق المؤسسات الإسلامية.

أليس من الأولى لهذا الكاتب ومن هم على شاكلته الانضمام للقول بتحريم التدخين تماما بدلا من هذا الهراء خصوصا مع اكتشاف العلم عن آليات القتل المتعددة التي يسببها التدخين للإنسان ولعل من أهم الآليات هو تثبيطه لعمل المورثة P53 المقاومة للأورام وهي الحقيقة العلمية التي تم اكتشافها في عام 1998 مما دعم موقف القائلين بالتحريم .. وليس سرا أن مليونين ونصف مليون شخص في العالم يموتون كل عام بأمراض أساسها التدخين مثل سرطان الرئة والتهاب القصبات المزمن والانتفاخ الرئوي وأمراض شرايين القلب وسرطان المثانة وهذا يعني وقوع وفاة في كل 13 ثانية من جراء التدخين .. وإنه لمن العجيب أن أحدا في العالم كله لم يستطع أن يكتشف منفعة واحدة للتدخين فالتبغ مادة ضارة كل الضرر بالفرد وبأسرته وبمجتمعه .. ومع ذلك تظهر مثل هذه الفتاوى الغريبة والخبيثة ذات الرائحة الكريهة.

والتبغ مادة متفردة من حيث الضرر بين المواد التي يتعاطاها الناس فحتى الخمر قال عنها الله سبحانه " يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما " فذكر أن للخمر بعض المنافع ولكنه جعلها محرمة تحريما كاملا بسبب تفوق الأضرار التي تنجم عنها على فوائدها .. فما قولنا بالتبغ الذي ليس له نفع يذكره له أي إنسان بل إن المدخنين أنفسهم مجمعون على ضرره وأذاه .. بل إن الشركات المنتجة له تعترف بخطورته على الصحة وبالأمراض الخطيرة التي يسببها!!.

والحكم الشرعي في التدخين بإجماع العلماء والفقهاء أنه حرام فلقد جاء في فتوى للأزهر الشريف بالنص " أصبح واضحا جليا أن شرب الدخان وإن اختلفت أنواعه وطرق استعماله يلحق بالإنسان ضررا بالغا إن آجلا أو عاجلا في نفسه وماله ويصيبه بأمراض كثيرة متنوعة وبالتالي يكون تعاطيه ممنوعا بمقتضى هذه النصوص ومن ثم فلا يجوز للمسلم استعماله بأي وجه من الوجوه وآيا كان نوعه حفاظا على الأنفس والأموال وحرصا على اجتناب الأضرار التي أوضح الطب حدوثها وإبقاء على كيان الأسر والمجتمعات بإنفاق الأموال فيما يعود بالفائدة على الانسان في جسده ويعينه على الحياة سليما معافى يؤدي واجباته نحو الله ونحو أسرته فالمؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف ".

وفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية ورئيسها الشيخ الجليل العلامة عبد العزيز بن باز بأن شرب الدخان حرام وزرعه حرام والاتجار به حرام لما فيه من الضرر وقد روى في الحديث " لا ضرر ولا ضرار " ولأنه من الخبائث وقد قال الله تعالى في صفة النبي صلي الله عليه وسلم (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) .. وبعد كل ما تقدم فإن التدخين في الأصل حرام فما بالنا فى شهر رمضان ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير