تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

هل صحيح أنّ وحدة الجماعات والأحزاب الإسلامية .. ؟

ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[14 - 11 - 2006, 11:23 ص]ـ

هل صحيح أنّ وحدة الجماعات والأحزاب الإسلامية أمر مستحيل

أم أنّ الجماعات والأحزاب لا تريد الوحدة؟!!.

يَعتبر البعض أنّ مقياس صحة أي فكرة أو أي دعوة هو قبول الناس لها أو رفضهم إياها أو إمكانية تنفيذها على أرض الواقع أو عدمه.

والصحيح أنّ هنالك عدة قضايا رفضها الكثير من الناس أو قُل استبعدوا تنفيذها أو إيجادها في المعترك، غير أنّ هذا منهم لا يعني شيئاً، لأنها من الفروض الشرعية الثابتة التي يجب عليهم وجوباً شرعياً تطبيقها وتنفيذها، فمن ذلك: (وجوب تطبيق الشريعة الإسلامية)، (وإيجاد الحاكمية لله في الأرض عن طريق نظام الخلافة)، (وتحرير فلسطين)، (وفتح روما)، (وأن لا يُجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا وذلك بالتخلص من ربقة الأمريكان واليهود والإنجليز وسائر دول الكافر المستعمر)، أضف إلى هذه القضايا، قضية وحدة المسلمين وجماعاتهم وأحزابهم.

وبما أنّ الوحدة أمر شرعه الله سبحانه كسائر الأمور آنفا، معناه أنّ الله الحكيم يُكلِّف بالممكن لا بالمستحيل، فالذي يقول باستحالة تطبيق هذه القضايا أو باستحالة وجودها، إنما يعترض بذلك على تشريعها، وكأنه أحكم من الحكيم سبحانه، فلو قال المعترض بدلا من اعتراضه هذا: بأن الجماعات الإسلامية لا تريد أن تتوحد، ولا أن تجتمع على رجل واحد يكون الخليفة المنتظر على اعتبار ما سيكون، لما جانب الصواب، فنحن في أنصار العمل الإسلامي الموحد طلبنا منهم منذ أعوام أن يتوحدوا وأن

يجتمعوا ويُنشئوا مجلس شورى لهم يجمع مندوبين عنهم للنظر في قضايا الأُمة المستجدة وفي القواسم المشتركة بين الجماعات والأحزاب تمهيداً للوحدة والاجتماع المطلوب، ولكنهم وللأسف كل حزب بما لديهم فرحون.

إلا أنه لا بد من أسباب منعتهم من تلبية نداء الشارع للوحدة والاجتماع، فإنْ كانت شرعية يُعذروا، وإنْ كانت غير ذلك، أثموا وأوردوا أُمتهم الهلاك بسبب الفرقة، فإننا إنْ أسأنا الظن بهم وبتصرفاتهم وأقوالهم أهلكناهم، وإنْ أحسنّا الظن بهم نقول: إنّ سبب استحالتهم ورفضهم لهذه الوحدة راجع عندهم أنّ لكل حزب فكرته وطريقته في الدعوة، وانه لا يمكنهم والحالة هذه أنْ يتفقوا على فكرة واحدة أو طريقة واحدة أو أمير واحد!!.

الجواب على هذا التصور وهذا الادّعاء من وجوه:

أولا: يستبعدون وحدتهم واجتماعهم على رجل واحد منهم يختارونه بأنفسهم وبمحض اختيارهم يوحّد كلمتهم وهدفهم وعملهم ليكون الخليفة المنتظر يعمل الجميع لهذا الهدف!!، فماذا سيفعلون إذا أُقيمت الدولة ووُجد الخليفة عن غير طريقهم، فهل سيستبعدون وحدتهم واجتماعهم عليه وانصهارهم جميعاً تحت رأيه ورايته بسبب دعواهم تلك؟!!!، أم تراهم ينتظرون أنْ يُقادوا بالحديد والنار؟!!.

ثانيا: إنّ الوحدة والاجتماع والأُلفة أمر شرعي نصّ عليه الكتاب والسنة، قال الله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، واذكروا نعمة الله عليكم إذ كنتم أعداءً فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا) وقال (ولا تنازعوا فتفشلوا) وقال (وانّ هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله) وقال (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) وقال (أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) وقوله (ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا) وقال عليه الصلاة والسلام (الجماعة رحمة والفرقة عذاب) وقال (إنما هلك من قبلكم الفرقة) وقال (المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا) وقال (ولا تختلفوا فإنّ من قبلكم اختلفوا فهلكوا) وقال (ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخوانا) وقال (المسلمون أُمة واحدة من دون الناس) إلى غير ذلك من النصوص وهي تفيد الوجوب في عمومها وخصوصها، فلو كانت الوحدة والأُلفة والاجتماع أمراً مستحيلا لكان ذلك تكليفاً بالمحال وبما لا يطاق، وهذا تأباه شريعة الحكيم سبحانه.

فإن قيل بأنّ هذه الأدلة لعموم الأُمة لا لخصوص الجماعات أو الأحزاب!.

الجواب: إنّ الجماعات والأحزاب جزء من الأُمة وهم داخلون تحت عموم الخطاب فيشملهم التكليف، ثم هم الذين يُمثلون فرقة الأُمة أو اجتماعها ووحدتها في أيامٍ سادت فيها القومية والوطنية والعلمانية والديمقراطية وغيرها من الأفكار المستوردة والغريبة عن ديننا.

ثالثا: لم نطلب من الجماعات والأحزاب أن ينصهروا في حزب واحد ولم نطلب منهم وحدة فكرية حتى يستبعدوا ذلك ويستغربوه، وإنما كان مطلبنا وحدة عمل وتنسيق حول الأفكار الأساسية والمصيرية المتفق عليها عند الجميع وهي وفيرة، على نحو: (تحريم موالاة الكفار) (ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (ووجوب إيجاد الحاكمية لله تعالى في المعترك) (والحفاظ على العقيدة الإسلامية من الزيادة عليها أو النقصان منها) (وأن لا يُجعل للكافرين على المؤمنين سبيلا) (وفردية القيادة في الإسلام) (وفرْضية الجهاد في سبيل الله) (ونصرة المظلوم) (ووجوب موالاة المسلمين والنصح لهم) (وإحياء مبدأ الشورى بين المسلمين ومحاربة الإرهاب الفكري)، هذا هو مطلبنا وهو ممكن وليس مستحيلاً إذا توفرت لديهم الرغبة الحقيقية في ذلك تمهيداً للوصول إلى واسطة العِقد.

رابعا: منهم من يستبعد وحدة الجماعات الإسلامية، في حين يتهافت على ما يُسمى الوحدة الوطنية أو القومية مع العلمانيين والقوميين، ومن المشايخ والعلماء أيضا ممن يستبعد أو يرفض هذه الوحدة، نجده يتهافت على ما يُسمى وحدة الأديان، ومنهم من يستبعد هذه الوحدة أيضاً ويعتبرها صدّاً عن سبيل الله رجماً بالغيب لمجرد أنها خالفت هواه، ومنهم من يستبعدها في حين ينادي بوحدة الحزب الواحد عِلماً أنهم يدّعون بأنْ لا وحدة إلا بدولة، إنّ هذا منهم يعني وجود دخن في هذه الأحزاب والجماعات الرافضة لهذه الوحدة الشرعية.

لذا فعلى الأُمة الإسلامية أن تقول رأيها فيهم وبصراحة، وأن يكون رأياً حاسماً لا مداهنة فيه لعلهم يرجعون.

(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير