تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

[لماذا أعاقب؟!]

ـ[د. محمد الرحيلي]ــــــــ[11 - 09 - 2006, 06:50 ص]ـ

حصلت قناة الجزيرة على رسالة من سامي محيي الدين الحاج مصورها المعتقل في غوانتانامو وجهها لمحاميه البريطاني كلايف ستافورد سميث مطلع الشهر الحالي

والمحامي سميث هو صلة الجزيرة وعائلته الوحيدة به، ورغم صفته القانونية لم يتمكن سميث من زيارة سامي سوى ثلاث مرات فقط في معتقله الذي يقبع فيه منذ نحو أربع سنوات دون توجيه تهم رسمية له ودون محاكمة

وفي رسالته يتساءل سامي الحاج عن سبب اعتقاله، وعن أسباب العقوبات التي يتعرض لها هو وزملائه المعتقلين هناك ويكشف صنوفا أخرى من التعذيب الذي شاهده في المعتقلات الأميركية التي نقل إليها بعد اعتقاله أواخر عام 2001، بدءا من قاعدة بغرام مرورا بسجن قندهار وانتهاء بسجن غوانتانامو وانتهاكاته التي تتستر عليها الإدارة الأميركية

وفيما يلي أصل الرسالة

عزيزي كلايف

دعني أخبرك عن سؤال يحيرني: لماذا أعاقب؟

لماذا أعاقب؟

باتت هذه الكلمة تدور بوجداني كما تدور الرحى، فتطعن هذا القلب. بت أقلب خاطري في كل ناحية ووادٍ علني أجد ضوءا أو ذكرى تسليني عما أنا فيه أو يطلع علي هذا الصباح الباسم بثغره الوضاء

كم يعيش السجناء ولاسيما الأبرياء منهم في غياهب السجون الموحشة الظالمة فتخدش عندهم معاني الإنسانية التي يحملونها بدواخلهم بسبب العقوبات الصارمة التي لا سبب لها فعقوبة تتلوها عقوبة وكأن المسجون في بحر أمواجه متلاطمة قد تمزق مرارا وكتمت أنفاسه غصة من أجاج هذا البحر

ويستمر برنامج العقوبات مع هذا المسجون سنينا من القهر وأعواما من الظلم. وكم تصطك هذه الكلمة في أذن السجين ويسمع لها رنينا مزعجا .. لماذا أعاقب؟

بدأت قصتي مع العقوبات من سجن بغرام حيث كان لا يسمح لنا بالذهاب لقضاء الحاجة إلا مرتين يوميا

–بعد الشروق وقبل الغروب-

ولن تستطيع الذهاب إلا حين يأتي دورك

وأذكر مرة أني كنت "محصورا" فاستأذنت من الذي أمامي همسا حتى يسمح لي بأن أذهب قبله، وإذا بالجندي يصرخ في وجهي غضبان "نو توك" أي لا تتحدث، تعال هنا. ويشير إلى الباب وهناك يعلقني من يدي على السلك وأظل واقفا طوال النهار أنتفض من شدة البرد حتى أتبول على ثيابي فيسخر مني الجنود وتضحك علي المومسات

*************

لماذا أعاقب؟

هل الذود والدفاع عن الدين جريمة يعاقب عليها السجين؟ وهل مطالبتنا بإرجاع المصاحف للإدارة الأميركية حتى لا تهان أمام أعيننا جريمة؟

ثم قندهار .. في عز الصيف والشمس في كبد السماء والأرض تغلي، يصيح أحد الجنود: أنت قف وذاك وثالث ورابع، لماذا تتكلمون؟ اجثوا على ركبكم وضعوا أيديكم على رؤوسكم، ثم يتركنا تحت حر الشمس وحرارة الحصى على ركبنا حتى يغمى على أحدنا فيقوم الآخرون بإسعافه

بعد وصولنا إلى خليج غوانتانامو بأسبوع واحد جاؤوا في الصباح الباكر آمرين كل معتقل أن يخرج يده من النافذة الصغيرة التي يقدم منها الطعام لكي يحقن بمصل يزعمون أنه ضد التيتانوس

وعندما جاء دوري أخبرتهم أني قبل أن أغادر الدوحة أخذت تطعيما ضد التيتانوس والحمى الصفراء والكوليرا وغيرها من الأمراض وأن الطبيب يومها أخبرني أن هذا التطعيم يسري مفعوله مدة خمس سنوات، لذا فأنا لا أحتاج للتطعيم مرة أخرى. فصاح الضابط في وجهي "لا تناقش. أخرج يدك للتطعيم وإلا أخرجناك بالقوة قلت له: لن أخرجها

تركوني ثم أعادوا على الكرة بعد انتهائهم من العنبر وأصررت على عدم أخذها ثانية. وأخيرا عاقبوني بسحب جميع أغراضي الموجودة داخل زنزانتي من البطانية وحتى فرشاة الأسنان وتركوني أنام على الحديد ثلاثة أيام بلياليهن

فتساءلت: لماذا أعاقب؟! هل العلاج إجباري؟ وهل أصبحنا كالقطيع من الأغنام نساق ونؤسر ونطيع بدون أن نناقش أو نتكلم أو حتى نستفسر؟

*************

بل والعجيب أني ذات مرة وفي إحدى الليالي كنت مرهقا إثرالساعات الطوال التي قضيتها في غرفة التحقيق، فنمت مبكرا ومن شدة تعبي أدخلت يدي ورأسي تحت الغطاء، وإذ بي أسمع صياح وصراخ الجندي: أخرج يديك ورأسك من تحت الغطاء. فقمت مفزوعا وبسرعة أذعنت لأوامر الجندي، إذ أنه ممنوع علينا أن ننام ورؤوسنا وأيدينا تحت الغطاء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير