تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لك أن توازن – أخي المسلم - بين حب هذه المرغوبات وبين حب رسول صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ وبعدها تقيس إيمانك وتقواك ومحبتك لرسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فترى أيها أمكن في نفسك؟ وأيها أغلى وأعظم عندك؟

لقد راجعت أسماء كل الأطعمة والمنتجات المستوردة من دولة الدنمرك فوجدت لكل منها بديلاً عنه، بل بدائل كثيرة متنوعة، وربما كان أكثرها خيراً منها، ومع ذلك فلا بد أن نصبر عن شيء مما نشتهيه إكراماً لمن ندّعي أنه عندنا أحب إلينا من أنفسنا ومن أهلينا ومن الناس أجمعين.

أن المقاطعة لمنتجاتهم من الحرية التي قالتها محكمتهم في أن الصحيفة حرة في نشر ما تراه، وكذلك نحن أحرار أيضاً في مقاطعة ما نشاء من البضائع والمنتجات والشركات والأعمال ... فالحرية مكفولة للجميع، ولكن:

هل نحن أحرار في سب أنبيائهم وملوكهم ورؤسائهم؟

الجواب: لا

ليس لنا أن نسب أنبياءهم ورسلهم؛ لأن الله تعالى أوجب علينا الإيمان بأنبيائهم ومحبتهم، بل جعله من تمام الإيمان بالله تعالى، وذلك أن جبريل لما سأل رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الإيمان قال له: "الْإِيمَانُ: أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ، وَبِلِقَائِهِ، وَرُسُلِهِ" وموسى وعيسى من رسل الله وأنبيائه.

وليس لنا أيضاً أن نسب ملوكهم وكبارهم لأن الله تعالى يقول: (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ مَرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام:108].

فنحن نربأ بهم أن يقولوا أو يقروا مثل هذا عن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذي جاء بالإسلام، والسلام، ولقد كان أرحم الخلق بالخلق، وقد وصفه الله بذلك فقال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ) [الأنبياء:107]. وكان من خلقه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عدم السب أو الشتم، فعَنْ أَنَسٍ رضي الله تعالى عنه قَالَ: "لَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاحِشًا وَلَا لَعَّانًا وَلَا سَبَّابًا ... "

وَكَانَ يَقُولُ: "إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلَاقًا" فهل من حسن الخلق أن تسب وتشتم، أو أن تتهم غيرك بما ليس فيه؟

إن من حسن الخلق الذي أوصانا به نبينا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نحسن إلى من أساء إلينا، وأن نعفو عمن ظلمنا، ففي الحديث الصحيح عن عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رضي الله تعالى عنه أنه قال له: "صِلْ مَنْ قَطَعَكَ وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ وَاعْفُ عَمَّنْ ظَلَمَكَ".

وإذا لم يكن لنا أن نسب أو أن نشتم من سبنا وشتمنا فليس لنا أيضاً أن نعتدي عليه، أو أن نظلمه أو نسلبه حقاً من حقوقه، بل أمرنا الله تعالى بالعدل والقسط حتى مع الأعداء، ونهانا عن الظلم والجور، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [المائدة:8].

فعلينا أن نلتزم بالحق والعدل، وأن لا يحملنا ظلم أولئك واعتداؤهم على نبينا أن نظلمهم أو أن نعتدي عليهم لا بالقول ولا بالفعل.

وأخيراً يمكننا أن نستثمر هذه القضية في صالح الإسلام والمسلمين، وذلك بالتعريف به، وإظهار محاسن رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وصفته ورحمته بالخلق، والتأكيد على أن دين الإسلام دين الرحمة والمحبة والسلام، ليس إرهاباً ولا عنفاً ولا تطرفاً، بل دين وسط واعتدال، لا يجبر أحداً على الدخول فيه، ولا يُظلم في ظله أحد أو يُعتدى عليه، بل يحكم فيه بالعدل والقسط حتى مع الأعداء.

وبعد هذا كله علينا أن لا نيأس من جدوى مقاطعتنا لبضائعهم ومنتجاتهم، سواء استجابوا لمطالبنا، وقدموا الصحيفة لمحاكمة عادلة، تنصفنا منهم وتلزمهم بالاعتذار إلى المسلمين كافة، أو لم يفعلوا، فيكفينا أننا انتصرنا لرسولنا، وتبرّأنا منهم ومن عملهم، ورددنا كيدهم في نحورهم، وقمنا بما يمكننا عمله، فلا يكلف الله نفساً إلا وسعها.

هذا ما تيسر ذكره في هذا المقام، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.


*الأستاذ في قسم السنة وعلومها بكلية أصول الدين - جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض

ـ[ناجى أحمد اسكندر]ــــــــ[17 - 10 - 2006, 02:00 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
http://www.no4denmark.com/ar/index.php
أنتظر ردودكم على الموضوع ومشاركاتكم

ـ[أبو طارق]ــــــــ[17 - 10 - 2006, 09:22 م]ـ
و عليكم السلام ورحمة الله وبركاته
بوركت مساعيك الطيبة , وسلمك وعافاك جزاء ذبك عن نبي الرحمة:=
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير