تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أجاب الله دعاءك، وأدعو الله أن يجزيك عني خير الجزاء فلا تفتأ تتصل للاطمئنان، حفظك الله ورعاك ووفقك وسددك ..

أخي الكريم الأستاذ جلمود

شكر الله لك هذه العناية والاهتمام، وكتب لك الخير العميم أينما كنت

وعليك السلام العطر أيها الكريم طلال لا زالت ربوعكم ندية بوابل أو بطلّ، وطاب مقامكم في رحاب الفصيح ..

مع التحية الطيبة ..

ـ[د. بهاء الدين عبد الرحمن]ــــــــ[12 - 08 - 2007, 12:31 ص]ـ

السلام عليكم ورحمة الله

لم تبق من ذكريات الطفولة في ذاكرتي الكليلة إلا القليل فلا أتذكر مما قبل دخولي المدرسة شيئا يذكر .. ولم تكن في القرية التي كان والدي رحمه الله إماما فيها مدرسة نظامية، لذلك سجلني والدي في مدرسة قرية أخرى تبعد عن قريتنا حوالي سبعة أميال حيث كان يسكن جدي لأمي رحمه الله، فعشت مع جدي وجدتي رحمهما الله، وكان والدي رحمه الله يأتي ويأخذني إلى البيت في نهاية كل أسبوع ثم يعيدني صباح السبت ..

وكانت مدرستنا تقع في الطرف الشرقي من القرية وتتألف من غرفتين إحداهما كبيرة وهي قاعة الدرس والثانية صغيرة وهي غرفة معيشة الأستاذ، وكانت قاعة الدرس تضم كل الصفوف من الأول إلى السادس، ويضم كل صف ما بين ثلاث طلاب إلى سبعة طلاب، وربما وجدت طالبات في الصفوف الثلاثة أو الأربعة الأولى وكان الجدول منسقا بحيث يتمكن الأستاذ من الشرح والمتابعة لكل الصفوف، ففي الوقت الذي يكون لدى الصف السادس مادة الرياضيات التي تحتاج إلى الشرح مثلا، يكون لدى الصفوف الأخرى مواد يمكن للأستاذ أن يكلف الطلاب بدرسها أو تحضير إجابات بعض الأسئلة فيها، أو تكون لدى بعض الصفوف مواد فنية ريثما ينتهي هو من الشرح، وقد أفدت من هذه الطريقة، فقد كنت أتابع كثيرا شرح الأستاذ للصفوف التي هي أعلى من صفي وكنت أفهم، وأحيانا كنت أشارك في الإجابة.

والأستاذ الذي درّسني إلى الصف الخامس الابتدائي هو الأستاذ محمد شدود، وكان من ريف مدينة حمص، ومدرستي كانت في قرية تابعة لمدينة القامشلي الواقعة في أقصى الشمال الشرقي على الحدود السورية التركية .. ومع أنه كان لوالدي صحبة مع الأستاذ انقطعت صلتنا به بعد أن انتقلنا إلى مدينة القامشلي حيث درست الصف السادس الابتدائي في مدرسة الهلالية، وكان مدرس الصف السادس الأستاذ عبد المجيد أبا زيد، وهو من مدينة درعا في حوران .. جزى الله عني هذين الأستاذين خير الجزاء، فقد كان لهما فضل كبير علي في تعلم العربية، لكن الفضل الكبير كان لوالدي رحمه الله فقد حبب النحو والصرف إلى نفسي ابتداء من الصف الرابع حيث بدأ يعلمني مبادئ النحو كالتمييز بين أقسام الكلمة وعلامات كل قسم، ومعنى المبتدأ والخبر ومعنى الفاعل ومعنى المفعول به وبقية المنصوبات ومعنى المجرور .. فلم أعان من معرفة الأعاريب كما كان غيري من الطلاب يعاني منها، وقلما كنت أخطئ في الإعراب إلى أن أنهيت المرحلة الثانوية، كما علمني الميزان الصرفي وكنت أجد متعة كبيرة في وزن الكلمات، وأذكر أنه كان يلقي علي أسئلة من مسائل التمرين الصرف كصياغة بعض الكلمات على أوزان كانت غريبة علي كوزن فعللوت وما أشبه ذلك، ولكنه رحمه الله انشغل عني بعد انتقالنا للقامشلي بالسعي وراء الرزق وكأنه قد اطمأن إلى أنه يمكن لي الاعتماد على نفسي ..

لم تكن في مكتبة والدي رحمه الله كتب نحوية أو صرفية مطبوعة، وإنما كانت فيها بعض المخطوطات المتبقية من مكتبة جدي الملا أحمد بن عبد الرحمن الجوزي رحمه الله، وبعض كتب الفقه المطبوعة، وبعض القصص الشعبي المطبوع مثل ألف ليلة وليلة وتغريبة بني هلال وسيرة الملك ضاراب، وهذه الكتب الثلاثة قرأتها من أولها إلى آخرها في الصف السادس الابتدائي، وكل كتاب منها مؤلف من عدة مجلدات .. كما كان فيها كتاب في الطب أظنه كان لداوود الأنطاكي تصفحته عدة مرات وأعرضت عنه لغرابة أسماء الأعشاب والأدوية فيه ..

أما المخطوطات فكنت أجد بعض الصعوبة في قراءتها .. فلم أعرف محتواها إلا في المرحلة الجامعية ..

صادقت في الصف السادس الابتدائي طالبا متفوقا اسمه عقيل يوسف، وكان أبوه من علماء القامشلي اسمه الملا يوسف، عُرف باتجاهه السلفي المناهض للصوفية، وشهر باسم ملا يوسف شمّا، وشمّا اسم قريته التي كان إماما فيها، وكان له علاقة مع علماء نجد، وكان معروفا بأنه وهّابي، وهذا الوصف كان يوصف به كل عالم لا ينتمي للطرق الصوفية، وكان بعضهم يصف والدي رحمه الله أيضا بهذا الوصف لأنه لم يزر ولا مرة واحدة مقر مشيخة الطريقة النقشبندية في قرية خزنة الواقعة شرقي القامشلي .. وكان لدى الملا يوسف رحمه الله مكتبة كبيرة مليئة بمجلدات كتب الحديث والفقه والتفسير .. ولكن لم تتهيأ لي الفرصة للإفادة منها مع أن صداقتي مع ولده دامت إلى نهاية المرحلة الثانوية، وكان لعقيل هذا مكتبة صغيرة تضم كتبا صغيرة الحجم أكثرها قصص وروايات أفدت منها، وبخاصة سلسلة اقرأ والسلسلة التي كانت تضم روائع من الأدب العالمي المترجم إضافة إلى القصص البوليسية التي كانت شائعة في نهاية الستينيات من القرن الماضي .. وقد قرأت معظم هذه الكتيبات في المرحلة المتوسطة (الإعدادية) وأذكر مما قرأت الإلياذة والأوديسة وأوديب وروميو وجولييت وغيرها الكثير ..

وإلى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله ..

مع التحية الطيبة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير