ـ[نائل سيد أحمد]ــــــــ[26 - 10 - 2006, 12:59 م]ـ
هكذا عرف الإسلام مبدأ إعلان الحرب قبل القتال، وهو المبدأ الذي لم يعرفه القانون الدولي العام الوضعي إلا في عام (1907م) في مؤتمر لاهاي الثاني، وقد أعلن هذا البارون ميتشيل دي توب في كتابه سالف الذكر حيث أورد (أنه وجد مبدأ إعلان الحرب في كتابات الفقهاء المسلمين مثل الحسن البصري البغدادي والماوردي، واستمر يقول أتعس الأوقات في أوروبا فقد غشيها الفوضى الإقطاعية ... ) ولأن البشرية في القرن العاشر الميلادي كانت يائسة، وقال (لقد ساعد العالم الإسلامي في سبيل إفراغ الإنسانية الصحيحة على البشرية البائسة مساعدة يجب أن يُنظر إليها بعين التقدير السامي باعتبارها أسمى مما تم في أوروبا الرومانية والجرمانية والبيزنطية خلال القرون الوسطي، ولقد استفاد العالم الأوربي من الإسلام فوائد جمة مترامية المحيط).
ولقد كان للإسلام فضل السبق في التمييز بين المقاتلين وغيرهم من المدنيين الذين لا يقاتلون، الذي يتباهى الغرب قولاً لا عملاً بأنه يطبقها ولكنه يقننها فقط سرقة من الفكر الإسلامي.
ففي وصية الرسول صلى الله عليه وسلم لقادة الجيش في كافة الغزوات قال (انطلقوا باسم الله وعلى بركة رسوله لا تقتلوا شيخًا ولا طفلاً ولا صغيرًا ولا امرأة ولا تغلوا "أي لا تخونوا"، وأصلحوا وأحسنوا إن الله يحب المحسنين)، كما نهى صلى الله عليه وسلم عن المثله أي التمثيل بالجثث فقال: (إياكم والمثله ولو بالكلب العقور)، وقال أيضًا: (لا تقتلوا ذرية ولا عسيفًا، ولا تقتلوا أصحاب الصوامع).
وقد رأى الرسول صلى الله عليه وسلم في إحدى الغزوات امرأة مقتولة فغضب وقال (ما كانت هذه تقاتل أو لتقاتل) صدق من سماك الرءوف الرحيم وصلى الله عليك وسلم.
و أبو بكر الصديق أول خليفة للمسلمين يوصي أمير أول بعثة حربية في عهده أسامة بن زيد فيقول: (لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدورا ولا تمثلوا ولا تقتلوا طفلاً صغيرًا ولا شيخًا كبيرًا ولا امرأة ولا تقطعوا نخلاً ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرًا إلا لمأكلة وسوف تمرون على قوم فرَّغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرَّغوا أنفسهم له).
وفي وصيته لأميره على الجيش المتوجه غلى الشام أبو بكر يزيد بن أبي سفيان زاد عما سبق (ولا تقاتل مجروحًا فإن بعضه ليس منه، أقلل من الكلام فإن لك ما وعي عنك، وأقبل من الناس علانيتهم وكلهم إلى الله في سرائرهم ولا تحبس عسكرك فتفضحه ولا تهمله فتفسده، وأستودعك الله الذي لا تضيع ودائعه).
وكان الخليفة عمر بن الخطاب يوصي قائده على الجيش فيقول: (بسم الله على عون الله أمضوا بتأييد الله ولكم النصر بلزوم الحرب والصبر، قاتلوا ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين، ولا تجبنوا عند اللقاء، ولا تمثلوا عند القدرة ولا تسرفوا عند الظهور ولا تقتلوا هرمًا ولا امرأة ولا وليدًا وتوقوا قتلهم إذا التقى الفرسان وعند جمة النبضات وفي سن الغارات نزهو الجهاد عن عرض الدنيا وابشروا بالرياح في البيع الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم).
هذه الوصايا في آداب الجهاد (الحرب) أسمى وأكمل وأبر وأرحم من كل ما يحتوي عليه تشريع البشر ولا يدانيها ما وصلت إليه قواعد القانون الدولي الحديث عامة والقانون الدولي الإنساني خاصة، ولا حتى آمال الفقهاء والكتاب فيه (علي منصور، السابق، ص305).
أين ذلك مما يحدث في فلسطين منذ أكثر من نصف قرن وأفغانستان والعراق والشيشان؟ باسم أي شيء يتم تدمير البيوت على رؤوس أصحابها الشيوخ والأطفال والنساء باسم الديمقراطية والإصلاح ملعونان هما وكل من ينادي بهما.
فليقرأ المرجفون والمارينز العرب هذه الوصايا حتى يدركوا أنهم باعوا الآخرة بدنيا زائفة رخيصة لا تساوي جناح بعوضة، فليرفع فقهاء المسلمين في القانون الدولي رؤوسهم عالية ويقولون للغرب وفقهاءه هذا ديننا ينطق بالحق منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا شرع وصاغ ونفذ ما لم تصلوا إليه في قرن الحضارة وحقوق الإنسان.
وقد أوصى الرسول صلى الله عليه وسلم بعدم الإحراق بالنار فقال: (لا ينبغي أن يضرب بالنار إلا رب النار) رواه أبو داوود والدار مي.
¥