الارتفاعات والميل والأفق وأجروا حساباتهم مع العلم بأن كل درجة من درجات الفلك يقابلها 66.3 (ستة وستون وثلث ميلاً) على الأرض، وقاربوا بين الحسابات والنتائج ووجدوا اتفاقًا وحققوا رغبة المأمون.
أما علم الفلك فمن أشهر من برع فيه ثابت بن قرة وحنين بن إسحاق والكندي وابن يونس، ومؤلفو الغرب يعترفون بأن إسهام العرب في علم الفلك كان نقطة تحول في تاريخ العلم. فهذا "جورج سارتون"، شيخ مؤرخي العلوم، يقول: إن بحوث العرب في الفلك كانت مفيدة جدًا، وقد مهدت الطريق للنهضة الفلكية الكبرى التي بزغت بكوبل.
أما جابر بن حيان فكان لعلم الكيمياء على يديه نقطة تحول كبرى، فقد خلصه من الانحرافات، وبناه على أسس علمية، حتى إن هذا العلم كان يسمى في عهده (صنعة جابر)، وعلى يديه تطورت الكيمياء وصارت علمًا يبنى على التجارب ودقة الملاحظة والحساب وصياغة القوانين والنظريات وعرفت على يديه عمليات التبخير والترشيح.
والرازي أكبر شهرته في الطب إلا أنه أدى أعظم الخدمات لتطوير علم الكيمياء وطبقها في العلاج وعمل على تطوير الكيمياء الحيوية.
أما الفيزياء فيزدان اسمها بالحسن بن الهيثم والبيروني، وإذا كان علماء العصر الحاضر يعدون إجادة الرياضيات أساسًا لدراسة الفيزياء، فإنه من المدهش أن ابن الهيثم والبيروني كانا على علو كعب في الرياضيات كما في الفيزياء.
وحرص ابن الهيثم على معرفة كل ما يخصه في الضوء فقام بتشريح العين البشرية ووصفها. أما البيروني فابتكر (الجهاز المخروطي) لقياس الثقل النوعي للمواد. وقد قام "فيدمان الألماني" عام 1926 بمراجعة بيانات البيروني في الوزن النوعي لـ26 مادة فوجد أن الفروق ضئيلة جدًا وبعضها يطابق القياسات الحديثة تمامًا.
وقال البيروني إن سرعة النور أعظم بكثير من سرعة الأرض وكان بذلك أول من نبه إلى البحث في سرعة الضوء.
من الزهراوي الأندلسي انتقلت مهنة الطب إلى أوروبا
ولم تقتصر النهضة العلمية على المشرق العربي، ولكن تعدته إلى الأندلس حيث سادت الدولة العربية الإسلامية، وظهر تقدم علمي وتكنولوجي يضارع ما فعله العباسيون وأكثر. وباعث هذه النهضة هو عبد الرحمن الناصر المتوفى عام 357 هجرية، وكانت قرطبة حاضرة ملكه وزهرة الدنيا تزدان في مجال الهندسة الإنشائية بالقصور والمدارس والمساجد بما يبهر العلماء.
وقد ابتكر في مسجد قرطبة نظام في الأعمدة لا يحجب عن أي مصلى رؤية الإمام، وأخذ عنهم الأوروبيون ذلك. وكان في قرطبة 300 حمام عام مزودة بالشروط الصحية في الوقت الذي كان الأوروبيون يعتقدون أن الاستحمام حرام.
ويقول "أنتوني ناتنج" في كتابه العرب: (إن تقدم العرب في الأندلس لم تحرزه لندن وباريس إلا بعد ذلك بقرون) ويضيف ناتنج أيضًا: (لقد كان في مكتبة قرطبة 400 ألف كتاب ولم يكن هناك أمية بين سكان قرطبة البالغ تعدادهم في ذلك الوقت 800 ألف، في الوقت الذي كانت فيه الكتابة في أوروبا مقصورة على الكهنة وبعض المحترفين).
كما حدث رقي فائق في صناعات النسيج والجلود والخزف وتعدين الذهب والفضة والحديد، وبلغت صناعة السفن مبلغًا كبيرًا، ومن ذلك أخذ العالم عن عرب الأندلس مصطلحاتهم في مجال السفن مثل: أدميرال أي أمير البحر – وترسانة وتعريفة .. الخ.
أما في مجال العلوم البحتة عند المسلمين في الأندلس فإن جامعة قرطبة في عصر عبد الرحمن الناصر كانت تستقطب الطلاب من البلاد الأوروبيين، وكان حكام المماليك الأوربيين يرسلون إليها البعثات ويستقدمون منها الخبراء. وكان الزهراوي من الأندلس، وهو من أعظم الأطباء والجراحين في العصور الوسطى. وكان أول من أجرى عمليات استخراج الحصى من المثانة كما أجرى عمليات صعبة في التوليد مثل استخراج الجنين الميت دون إيذاء الأم، ومن الزهراوي الأندلسي انتقلت مهنة الطب إلى أوروبا.
ويقول ناتنج في كتابه العرب: (في الوقت الذي كانت فيه أوروبا تعتقد أن الطاعون قضاء من الله كان المسلمون في غرناطة يقولون إنه مرض معدي له سبب).
أما في الزراعة فقد طور مسلمو الأندلس وسائل الري والتسميد وكانوا روادًا في علوم التربة والزراعة وفي ذلك يقول ناتنج: (إن أبحاثًا أجريت في علوم التربة والمخصبات وأبحاث أمراض النبات ووصف الأدوية لها).
وهكذا أسهم المسلمون إسهامًا يعترف به علماء الغرب ومنصفوه في مجالات تطوير العلم وتطبيقه والابتكارات التكنولوجية
المفكرة
ـ[أبو طارق]ــــــــ[19 - 05 - 2007, 04:13 م]ـ
جهد طيب
ـ[البيلسان]ــــــــ[19 - 05 - 2007, 04:51 م]ـ
معلومات قيمه أخي الكريم، و لا ننسى أن المسلمين كانوا في مقدمه جميع الحضارات التي نراها الأن.
سلمت يداك.