تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكل قبيلة جد تنسب إليه، فمن كان من ذريته فهو من أبناء القبيلة، ومن لم يكن من ذريته فليس منها، ويعبر النسابون عن نسب الشخص التي تربط بينه وبين جد قبيلته سلسلة متصلة الحلقات بأنه (نسب متصل)، أما إن كان يقف في نسبه عند جد قريب من دون اكتمال حلقات سلسلة النسب، مع الجهل بتلك الحلقات، فيطلق على نسبه مصطلح (نسب منقطع).

إن الغالبية العظمى من قبائل الامارات خاصة، ومنطقة الخليج العربي عامة، هي من النوع الثاني (منقطعة النسب) لأسباب متراكبة وهي:

1 - كون جد القبيلة مجهول الاسم الثنائي غالبا

2 - غموض الفترة التي عاش خلالها ذلك الجد

3 - العجز عن ربط آباء البطون بالجد الأعلى للقبيلة

4 - ندرة وجود سلاسل متصلة تربط الأفراد المعاصرين بآباء البطون فضلا عن جد القبيلة الأول.

وتترتب على انقطاع النسب ثلاثة أمور سلبية هي:

أ- تغدو النسبة الى القبيلة ظنية لا قطعية، حيث تعتمد على التواتر والرأي الشائع.

ب- سهولة انضمام الدخلاء الى القبيلة (ستكون محل تفصيل لاحقا).

ج- أيلولة الميراث الى غير أهله في حالات الكلالة والجهل بأبناء العمومة الأبعدين.

وعلى ضوء هذا المفهوم فإن حماد الخاطري - بل وعموم النسابين المعاصرين - لن يكون أمامه إزاء البحث في أنساب القبائل المعاصرة المنقطعة النسب سوى التنقيب عن الاشارات المتفرقة في المصادر المطبوعة والمخطوطة وجمع أقوال الرواة الموثوق بهم والاستدلال بالشعر القديم وإعمال الفكر في الربط بين تلك القرائن لاستنتاج مايغلب على الظن أنه الصواب.

والحقيقة أن حمادا لم يدخر جهدا بل استنفد طاقته طوال سنوات في جمع مادة كتابه والتفاعل الذهني مع موضوع البحث حتى خرج على القراء بزبدة بحوثه الميدانية والاطلاعية والتي ضمت فوائد علمية كثيرة كانت غائبة عن الباحثين بسبب شح المصادر وتشتتها.

المفهوم الثاني:

تعتبر ظاهرة وجود دخلاء في كل قبيلة ظاهرة ضاربة في أعماق التاريخ الانساني، فقد كان الحليف والمولى يعتبران ضمن أفراد القبيلة مع التنبيه دائما الى أنهما ينتميان اليها بالحلف أو بالولاء، لكن انقطاع النسب في العصور الحديثة شكل عاملا مساعدا على بروز تلك الظاهرة بوضوح، فوجدت لدينا أسر وعائلات أصيلة متواترة النسبة، وأسر وعائلات انتسبت الى القبيلة إما عن طريق خؤولة أو مصاهرة أومجاورة أو ولاء عتاقة وتقادم انتساب بعضها بحيث تتابعت الأجيال وتقادمت السنون عليه، وبعد قيام الدولة تم توثيق انتماء تلك الأسر الى القبائل المنتمية إليها في خلاصات القيد وجوازات السفر، مما ساعد على تثبيت نسبتها رسميا، لكن تظل مسألة الطعون القديمة تتوارث لدى أبناء القبيلة الأصليين وذوي المكانة الاجتماعية الرفيعة في القبيلة، وهنا يكون الباحث في وضع لايحسد عليه - مثل زوج الضرتين - فإما أن ينسب الجميع، الأصيل منهم والدخيل، الى القبيلة فيكون محل سخط وانتقاد الفئة الأصيلة! وإما أن ينفي عن القبيلة من غلب على ظنه بأنه مطعون في نسبته وبالتالي سيكون هدفا لسهام هذه الفئة والتي تكون أحيانا ذات نفوذ ومكانة اجتماعية واقتصادية في المجتمع، فأيهما يرضي؟

أدنى الآراء الى الصواب

مع احترامي لزميلي أحمد محمد عبيد وأحقيته في طرح وجهة نظره فإن تشكيكه في صحة استنتاج حماد في نسبة بني ياس الى اياس بن عبدالأعلم الكلبي القضاعي من حيث وجود كثير من الشخصيات البارزة التي تحمل اسم إياس، ومن احتمال وقوع التصحيف والتحريف في اسم ولده (أحمد أم الخمة) ومن حيث إغفال كتب تراجم الصحابة لذكره فإن كل ذلك لا يعتبر سببا لنفي انتماء القبيلة أوبطون معينة منها الى إياس بن عبدالأعلم.

- فإياس نكاد نجزم بأنه معاصر للنبي صلى الله عليه وسلم استدلالا بأن حفيده جبلة كان معاصرا لمن عقد الحلف معه وهو محمد بن عمير بن عطارد التميمي، وكان جد محمد وهو عطارد بن حاجب بن زرارة التميمي أحد أعضاء وفد بني تميم الذين جاؤوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فيحتمل أن إياسا جد جبلة أيضا معاصر له أو مقارب لزمنه جدا، وإن إغفال ذكره في كتب تراجم الصحابة لا ينفي إسلامه ومعاصرته لعهد النبوة، فقد حج مائة ألف مسلم مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في السنة العاشرة من الهجرة لكن من حظي منهم بترجمة لحياته في كتب تراجم الصحابة ذكورا وإناثا لم يبلغوا عشرة آلاف شخصية، فمن

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير