المحتمل أن إياس بن عبدالأعلم أسلم في ديار قومه ولم يلق النبي صلى الله عليه وسلم فلا يعد صحابيا، كما أن تسميته لولده باسم (أحمد) رغم ندرته ربما كانت تبركا باسم النبي وأخذا من قول الله تعالى: “ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”.
- أما الخلاف في حقيقة الاسم وما إذا كان (أحمد أو الخمة) فليس هذا بخلاف جوهري في سلسلة النسب، وإن مخطوطات كتب التراث الاسلامي مشحونة بمثل تلك التصحيفات والتحريفات والاستاذ أكثر معرفة مني بعالم المخطوطات.
إن ترجيح حماد نسبة قبيلة بني ياس الى إياس بن عبد الأعلم الكلبي على نسبتها الى سواه ممن سموا بإياس من القبائل الأخرى إنما جاء استنادا على ما تيسر له الحصول عليه من المخطوطة القطرية والدلائل الشعرية المتوارثة التي تعتبر إضاءة - ولو كانت خافتة - في غياهب ظلمات الجهل بتاريخنا المحلي التي خيمت حنادسها حقبا متطاولة على تاريخ هذه البلاد حتى مطالع العصور الحديثة.
وإن نجاح حماد في العثور على تلك الاشارات التاريخية يعتبر في حد ذاته جانبا من جوانب الابداع ويعطي لكتابه قيمة علمية لايستهان بها، فقد تضافر الشعر النبطي القديم والتدوين التاريخي وما ورد عن المرحوم الشيخ زايد في الانتماء الى اياس المذكور ليعزز استنتاج حماد حول صحة نسبة الحلف القبلي الكبير (بني ياس) الى اياس بن عبد الأعلم الكلبي القضاعي دون سواه، ولايخفى على الأخ أحمد أن لفظة (إياس) تخففت الى (ياس) عبر المراحل التي تحولت فيها المجتمعات العربية من اللغة العربية الفصحى الى العامية وتلك ظاهرة لغوية لا تقتصر على لغة العرب وحدهم.
أقوال السابقين عن نسب بني ياس
أود في هذه الجزئية من مقالتي أن أدرج خلاصة مادة بحثية لم يسبق لي نشرها كنت كتبتها عام 2001 مستعرضا بعض ما أوردته المصادر المحلية والخليجية وما ورد عرضا في الأشعار الفصحى والنبطية عن نسب بني ياس مع النقد والمقارنة والتمحيص حسب الطاقة، وقد لاحظت بأن حمادا قد ساق كثيرا من الأقوال محاولا الرد عليها لكن ردوده غير شافية، لذا سأسوق ردودي الخاصة من وجهة نظري وأستميح القراء عذرا في ذلك:
أولا- ماورد عن بني ياس في كتب التواريخ والأنساب:
1 - كتاب (سيرة الامام ناصر بن مرشد) للمؤرخ العماني عبدالله بن خلفان بن قيصر بن سليمان الصحاري، من أهل القرن 11 ه / 17 م:
يعتبر أقدم المصادر التي ورد فيها ذكر قبيلة بني ياس، فقد تناول المؤلف في أثناء حديثه عن جهود الامام ناصر بن مرشد اليعربي (1624 - 1649م) في توطيد الأمن ورد المغيرين على أطراف عمان حوادث مهمة تلقي الضوء على قبيلة بني ياس كبرى قبائل الامارات، فقد ذكر المؤرخ المذكور أن أحد زعماء قبيلة الجبور في الاحساء وهو ناصر بن قطن الهلالي الجبري كان يشن الغارات بين الفينة والاخرى على بلدان عمان الغربية وينهب ويسلب ثم يقفل عائدا الى الاحساء موطن حكم الجبور القديم، فاحتاط الامام ناصر بن مرشد للأمر وأوكل الى أحد ولاته وهو محمد بن سيف الحوقاني مهمة استطلاع أخبار المغيرين ومبادرتهم بالقتال كضربة وقائية قبل أن يتمكنوا من شن غاراتهم، وحينما علم ناصر بن قطن الهلالي بما دبره الامام توجه الى بادية الظفرة والتجأ الى قبيلة بني ياس حيث دخل حصن الظفرة تحت حمايتهم، ولم يجد بدا من طلب الصلح مع القائد العماني مقابل رد المنهوبات السابقة ودفع التعويضات، ونظرا لقلة الزاد لدى جيش اليعاربة وبعد الشقة فقد رحب القائد العماني بالصلح وانسحب بقواته عائدا الى عمان.
غير أن غارات ناصر بن قطن الهلالي لم تنقطع، وفي إحدى السنوات وجه الامام ناصر بن مرشد جيشا يقوده سعيد بن خلفان للاستيلاء على إبل ناصر بن قطن التي كانت سائمة في مكان يسمى الشعيب قرب الظفرة في حماية بني ياس، وجريا على عادة العرب في حماية المستجير فقد رفض بنو ياس تسليم الابل لقائد الجيش اليعربي مما أدى الى نشوب معركة حامية الوطيس بين الطرفين انكسر فيها بنو ياس ولقي اثنان من قادتهم مصرعهما في المعركة وهما الشيخ صقر بن عيسى وشقيقه محمد بن عيسى.
ونستنتج مما تقدم ما يلي:
أ- أن قبيلة بني ياس كانت في القرن 17م قبيلة كبيرة تقطن بادية الظفرة ولزعمائها حصن يقيمون فيه، ما يعني أقدمية الجد الذي ينتسبون إليه.
¥