الثالث: أنه لو قدر عدم تناهيها فإن أفعال العباد الموجودة إلى يوم القيامة متناهية، وهذا كما تجعل الأقارب نوعين: نوعا مباحا، وهو بنات العم والعمة وبنات الخال والخالة، وما سوى ذلك حرام، وكذلك يجعل ما ينقض الوضوء محصورا، وما سوى ذلك لا ينقضه؛ وكذلك ما يفسد الصوم، وما يوجب الغسل وما يوجب العدة، وما يمنع منه المحرم، وأمثال ذلك، وإذا كان أرباب المذاهب يضبطون مذاهبهم ويحصرونها بجوامع تحيط بما يحل ويحرم عندهم مع قصور بيانهم فالله ورسوله المبعوث بجوامع الكلم أقدر على ذلك، فإنه صلى الله عليه وسلم يأتي بالكلمة الجامعة وهي قاعدة عامة وقضية كلية تجمع أنواعا وأفرادا وتدل دلالتين دلالة طرد ودلالة عكس.
وهذا كما سئل صلى الله عليه وسلم عن أنواع من الأشربة كالبتع والمزر، وكان قد أوتي جوامع الكلم فقال " {كل مسكر حرام}، و {كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد} {وكل قرض جر نفعا فهو ربا} {وكل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل} {وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه} {وكل أحد أحق بماله من ولده ووالده والناس أجمعين} {وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة} {وكل معروف صدقة} وسمى النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية جامعة فاذة: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} ...... .أ. هـ وذكر ابن القيم أمثلة عديدة أكتفي بما سبق خشيةً للإطالة.
وقال ابن تيمية في رسالة معارج الوصول من مجموعة الرسائل الكبرىص 209 ((وهذا كقولهم: إن أكثر الحوادث يحتاج فيها إلى القياس لعدم دلالة النصوص عليها؛ فإنما هذا قول من لا معرفة له بالكتاب والسنة ودلالتهما على الأحكام ... أ. هـ))
3 - القياس الذي ينسب للإمام أحمد إن صح هو العموم في الصيغة الذي يفهم بالاستنباط من النص وليس بالرأى ويساعد على هذا التأويل أن ابن تيمية نقل عن الإمام أحمد أنه قال ((إنما يقاس الشئ على الشئ إذا كان مثله في كل أحواله فأما إذا أشبهه في حال وخالفه في حال فليس مثله)) ... المسودة 377
وهذه عبارة صريحة من الإمام تقصر القياس على الأمور التى تتماثل في أحوالها كلها ولا يتصور ذلك إلا في الأشياء التى تنتظم في عموم صيغة أو عموم فعل من النص نفسه وليس بالرأى .... بل لو أخذنا بقول الإمام في منع القياس بين شيئين إذا تشابها في حال واختلفا في أخرى لأبطل كثير بل جميع قياسات المتأخرين ....
ـ[أبو محمد المصرى]ــــــــ[25 - 06 - 2007, 11:26 م]ـ
إذن كيف ظهر المذهب المخترع المنسوب إلى الإمام أحمد رحمه الله؟
تسمية مذهب فقهى للإمام أحمد وتدوينه كان عن طريق القاضي أبي يعلى الفراء فى القرن الرابع الهجرى ولذلك تتعدد الروايات المتضاربة عنه لبعد الفترة الزمنية.
* ثم انتشر الانتساب للمذهب فى المشرق فيما بعد القرن الرابع وتحول المنتسبين للإمام أحمد من أقلية إلى مذهب له أتباع يضاهون في أعدادهم الشافعية أو الأحناف إلا أن الحنابلة للأسف جاروا أتباع المذاهب الأخرى في اتباع الرأي والقياس وتقليد أحمد رحمه الله وتعاملهم مع كلامه بالمنطوق والمفهوم ... كأنه نص شرعى مجاراة لأتباع المذاهب الأخرى تحكمهم عقدة مخالفة الجمهور بينما بقيت طائفة مخلصة تنفي القياس والرأى فى إطار مدرسة النص.
* في القرن السابع الهجري ظهر ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله وطائفة من تلاميذهم وبعثوا روح التجديد واتباع الأدلة (فخالفوا الجمهور في مسائل عديدة في العقيدة والفقه إتباعاً للدليل) إلا أن هذه النهضة لم تكتمل.
* في عصر الإمام المصلح محمد بن عبد الوهاب كان يتبع الدليل ولما هاجمه الجهلة وادعوا أنه مذهب خامس اتبع أتباعه من بعده سياسة رد الفعل المنهزم وقالوا نحن حنابلة!!!.
تحركهم العقدة النفسية القديمة وهى تجنب مخالفة الجمهور رغم أنهم خالفوهم في العقيدة إلا أنهم استهانوا بالرأي والقياس ومرروهما وكان الواجب قيام الدعوة الوهابية على مدرسة النص في الفقه وأصوله كما اتبعتها فى العقيدة والأخلاق.
وجرى على نفس النهج أتباع السلفية المتأخرة بعدما أنشأوا دولة وزادوا في تقليدهم ولو كان قول المذهب خلاف الدليل (وتعاملهم مع كلام أئمتهم بالمنطوق والمفهوم ... كأنه نص شرعى).
حتى بعد إنشاء الجامعات الشرعية في بلادهم أصبحوا يدرسون في أصول الفقه كتب الجويني الأشعري!! وعندما طبعوا كتاب السنة لعبد الله بن أحمد قاموا بحذف باب كامل في ذم الرأي وطريقة أبي حنيفة رحمه الله.
ـ[أبو محمد المصرى]ــــــــ[25 - 06 - 2007, 11:27 م]ـ
وهذا الذي نقلناه فيه الكفاية للدلالة على ما عاش ومات عليه عليه أحمد بن حنبل،
_ فالرجل برىء من هذا المذهب الذي تقوله عليه الناس.
- وكل قول ينسب للإمام أحمد فهو باطل، من أنه كان يأخذ بقياسٍ , أو رأي، أو غير ذلك من مصطلحات.
- وأنه عاش داعيا إلى نبذ التقليد الأعمى، وجعل تقليده واتباعه لهذا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.
_ ولم يفرق أحمد بن حنبل بين رأي ورأي، ولو كان رأي العظماء كمالك، والشافعي، والأوزاعي، فالرأي كله سواء، والرأي كله هدم للإسلام.
- وهذه الكتب الفقهية المذهبية المظلمة التي بين أيدينا، والتي جمعت الحديث الشريف، بجانب آراء الناس، كان أحمد بن حنبل يؤمن أن الهداية والكفاية في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما عداه فهو ضلال وعمى، وإن كان رأي العظماء، فما بالك بهراء غيرهم.
فرحم الله أحمد بن حنبل، رحمة تسع ذنبه، وتستر عيبه، وحشره الله يوم القيامة مع من أحب واتبع.
أبو محمد المصري