ـ[أبو محمد المصرى]ــــــــ[25 - 06 - 2007, 11:24 م]ـ
تحرير قول الإمام أحمد في القياس:
قال ابن تيمية رحمه الله في المسودة كتاب القياس (ص 367 - 404 - 452 - 481)
.... قال أحمد فى رواية الميموني يجتنب المتكلم فى الفقه هذين الأصلين المجمل والقياس
.... فى رواية أبى الحارث فقال ما تصنع بالرأى والقياس وفى الحديث ما يغنيك عنه
.... وفى رواية مهنا وقد سأله: هل نقيس بالرأى؟ فقال: لا، هو أن يسمع الرجل الحديث فيقيس عليه.
... وقال في رواية أبي طالب: أصحاب أبي حنيفة إذا قالوا شيئاً خلاف القياس: نستحسن هذا وندع القياس فيدعون ما يزعمون أنه حق بالاستحسان، وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه.
وقال في رواية عبدوس: ليس في السنة قياس ولا تضرب لها الأمثال ولا تدرك بالعقول إنما هو الاتباع ... أ. هـ
وقال في المسودة (ص 368)
وذهبت الزيدية الى المنع منه عقلا وشرعا وكذلك صرح به أبو الخطاب عن النظام وداود وأهل الظاهر كالقاشاني والمعري والنهرواني وغيرهما قال وقد أومأ إليه أحمد فقال يجتنب المتكلم فى الفقه هذين الاصلين المجمل والقياس وقد تأوله شيخنا على استعمال القياس مع وجود السنة والظاهر خلافه ... أ. هـ
قلت: وهذا التأويل لكلام أحمد رحمه الله باطل ... كيف وهو يقول في رواية أبى الحارث فقال ما تصنع بالرأى والقياس وفى الحديث ما يغنيك عنه 0
وصدق رحمه الله في الكتاب والسنة إحاطة بجميع الحوادث إلى يوم القيامة فخالق الحوادث هو من أنزل القرآن والسنة وأجرى مقتضيات الحوادث على ما أنزل بعلمه وأحاط به
وهذا ما اعترف به ابن تيمية وابن القيم بأن النصوص محيطة بجميع الحوادث عرفها من عرفها وجهلها من جهلهما ... بل وشنعا على الجويني إمام الحرمين في قوله البغيض ((النصوص لا تفي بعشر معشار الشريعة)) قبحها الله من مقولة. كما سيأتي بعد قليل ...
و في المسودة (ص 372 - 373) نقل ابن تيمية أن من أصحابهم الحنابلة من قال بعدم حجية القياس واستدلوا بالروايات والنقول السابقة عن الإمام أحمد.
وهذا هو الحق ولا شك لدينا أن المنع من القياس فى الشرع هو صريح كلام أحمد رحمه الله ... إلا أن جمهور الحنابلة وبخاصة متأخريهم القائلون بحجية القياس لم يستطيعوا رد الروايات السابقة فتأولوها بشتى الطرق مجاراة منهم للمذاهب الأخرى وهذه شبهاتهم:
1 - زعموا أن الإمام أحمد ينفي القياس مع وجود النص ... قال في المسودة (وهذا لا يدل على أنه ليس بحجة وانما يدل على أنه لا يجوز استعماله مع النص ولا يعارض الاخبار اذا كانت خاصة أو منصوصة)
2 - احتجوا بعبارات منقولة عن الإمام ((سألت الشافعى عن القياس فقال عند الضرورة وأعجبه ذلك))
وكذا في رواية محمد بن الحكم ((لا يستغنى أحد عن القياس، وعلى الإمام يرد عليه الأمر أن يجمع له الناس ويقيس)) وكذلك نقل أحمد بن القاسم عن الإمام ((لا يجوز بيع الحديد والرصاص متفاضلاً قياساً على الذهب والفضة))
* وهذه الروايات الأخيرة لا تصح لما يلي:
1 - تصريح الإمام أحمد ونص كلامه على أن المتكلم في الفقه يجتنب المجمل والقياس كما سبق فى الروايات.
2 - صريح كلام الإمام أحمد أن الحديث يغنى عن القياس أي أن النصوص تكفي لحوادث المكلفين ومحيطة بجميع ما يحتاجونه من أحكام وهو ما اعترف به ابن تيمية وابن القيم بل أنكرا بشدة على من ظن أن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث (كما زعم الجويني إمام الحرمين) كالآتي:
قال ابن القيم فى أعلام الموقعين (1/ 333) (( ... فرقة قالت: إن النصوص لا تحيط بأحكام الحوادث، وغلا بعض هؤلاء حتى قال: ولا بعشر معشارها، قالوا: فالحاجة إلى القياس فوق الحاجة إلى النصوص، ولعمر الله إن هذا مقدار النصوص في فهمه وعلمه ومعرفته لا مقدارها في نفس الأمر، واحتج هذا القائل بأن النصوص متناهية، وحوادث العباد غير متناهية، وإحاطة المتناهي بغير المتناهي ممتنع، وهذا احتجاج فاسد جدا من وجوه: أحدها أن ما لا تتناهى أفراده لا يمتنع أن يجعل أنواعا، فيحكم لكل نوع منها بحكم واحد فتدخل الأفراد التي لا تتناهى تحت ذلك.
النوع الثاني: أن أنواع الأفعال بل والأعراض كلها متناهية.
¥